| في الصميم |
| الأربعاء, 03 مارس 2021 15:46 |
|
الحلقة الأولى "الوزير الأول وزوج الرئيس لا حصانة لهما في الدستور"! الأستاذ أحمد الوديعة: بسم الله الرحمن الرحيم مرحبا بكم مشاهدينا الكرام في حلقة جديدة من برنامج "في الصميم". لماذا يصر فريق الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على عدم شرعية مساءلته رغم ما يقول الفريق المدافع عن الدولة من أنه تهافت للحجج التي يؤسس عليها هذا الفريق منطقه؟ كيف يتمسكون بمنطق وحجج كان الرئيس السابق أول الخارجين عليها أيام كان في الحكم؟ وما هو سر انزعاجهم الكبير من التصريح الأخير للوزير الأول أمام البرلمان، رغم أنه لم يزد على تأكيد استقلالية القضاء وفق ما يقول أنصار الحكومة الحالية؟ أسئلة يسعدنا أن نطرحها على منسق لفيف الدفاع عن الرئيس السابق، الأستاذ محمدٌ ولد إشدو. مرحبا الأستاذ إشدو، هذه أول مرة تشاركون معنا في برنامج "في الصميم" وهي فرصة لنرحب بكم، ونطرح عليكم السؤال الذي طرحناه أولا.. البعض يعتبر أن المنطق الذي تؤسسون عليه دفاعكم عن الرئيس السابق بدرجة من الهشاشة تجعل السؤال ابتدائيا كيف سمحتم لأنفسكم بتبني هذا الخيار؛ خصوصا وأنتم من أقدم المحامين وأعرقهم في هذا البلد؟ الأستاذ محمدٌ ولد إشدو: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا}.. {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}. أهلا بكم وبالمشاهدين، أتشرف فعلا بأن أشارك معكم هذا المساء في هذا البرنامج. أ. الوديعة: أهلا وسهلا. ذ. إشدو:.. وربما كان ذلك لأول مرة، وأتمنى أن تتكرر الفرص بإذن الله تعالى. أ. الوديعة: بإذن الله. ذ. إشدو: من الغريب جدا أن تُطاوِل الأرض السماء، وأن يتهم باقل قسا بعدم الوضوح وبالهشاشة والضعف. فالفريق الآخر لم يقدم في جميع ما قاله مادة قانونية واحدة يستدل بها على قوة موقفهوضعف موقفنا وهشاشته. ثم إنكم قلتم إنه سوف يقود فريقا للدفاع عن الدولة الموريتانية، وإلى الآن لا يوجد فريق للدفاع عن الدولة الموريتانية، ولا يوجد طرف مدني، لعدم وجود دعوى حتى الآن؛ لا لتعويض أمام المحاكم المدنية، ولا دعوى جنائية أمام المحاكم الجزائية يطالب فيها طرف مدني بحق مدني. أ. الوديعة: دعنا نطرح السؤال بطريقة أخرى.. ما هي الأسس التي تؤسسون عليها مقاربتكم الدفاعية التي أقنعتم بها موكلكم في هذا الملف؟ ذ. إشدو: نحن بكل بساطة نتشبث بالقانون، ونظرا لاتساع الحيز الذي تحتله الشعبوية في الرأي العام الموريتاني؛ وخاصة المجال الإعلامي، كانت ظروفنا في البداية صعبة. كنا نجد الكثير من الصعوبات في أن نُفهم – أو نشرح- موقفنا. لكننا الآن أصبحنا في وضعية مريحة جدا. لماذا؟ لأننا لا نريد ولا نقول إلا القانون وتطبيق القانون. نحن من البداية إلى النهاية تشبثنا بالدستور الموريتاني، وبمواده الصريحة، المواد من 45 إلى 77 فيما يتعلق بعدم وجود أي أساس قانوني للجنة تحقيق برلمانية، والمادتان 92 – 93 وخاصة 93 التي تقول: "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". أ. الوديعة: وجه الاستغراب – يا أستاذ إشدو- هو أن هذه الحجج التي تتمسكون بها، وهذه المواد الدستورية التي تتمسكون بها الآن هي نفسها التي كان موكلكم الحالي - الرئيس السابق- يخرقها في حق من أراد! فكيف سمح لنفسه، وسمحتم لأنفسكم، أن تعتبروا الآن هذه المواد نافذة وهو الذي لم يكن يعتبرها إذا خالفت ما أراده؟ ذ. إشدو: لن أعود إلى نقاش الماضي، لأني لم أكن أدافع عن رئيس خرقت في حقه هذه المواد. أنا لا علم لي بأن رئيسا في موريتانيا سوئل أمام المحاكم عن فترة رئاسته وعن أفعاله خلال الرئاسة؛ لكن ما أريد أن أناقشه معكم هو أن الدستور المعمول به في موريتانيا.. سيدي الأستاذ، مواده.. أ. الوديعة: (مقاطعا) لكن اسمح لي.. أنتم قلم إنكم لا علم لكم، هناك واقعتان محددتان حصلتا خلال فترة حكم موكلكم الرئيس السابق: واقعة الوزير الأول الأسبق الذي تمت مساءلته، وللمفارقة سوئل بتهم تتعلق بالفساد في فترة الرئيس ، وحين استظهر بالمواد نفسها لم يعتبرها الرئيس السابق. موضوع التحقيق البرلماني الذي تقولون الآن إنه لم يكن ينبغي أن يكون، شكلت لجان للتحقيق مع زوج الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رحمة الله عليه. لماذا كانت هذه المواد الدستورية باطلة وغير نافذة حين كان موكلكم في السلطة، وأصبحت نافذة وموجودة لما أصبح خارج السلطة؟! ذ. إشدو: أنا لن أسير في هذه المتاهة.. لأني لم أكن أدافع عن الوزير الأول الذي لم أعرف من هو. من هو الوزير الأول؟ أ. الوديعة: أظنكم عارفين به، وعلى كل حال أتحدث عن الواقعة المتعلقة بالوزير الأول يحي ولد أحمد الوقف، حين اتهم – كما تعلمون- من طرف موكلكم، وحين استظهر بهذه المواد خلاص.. ذ. إشدو: هل توبع وقدم أمام المحاكم في شيء مماثل؟ ثم إن الوزير الأول والرئيس ليسا سواء. هذه مسألة قانونية أود أن تفهموها، وزوج الرئيس ليست مثل الرئيس. ينبغي أن تفهموا أن الوزير الأول والوزراء – وهذا تنص عليه المادة 93 من الدستور- من الممكن متابعتهم على أفعالهم خلال ممارستهم لمهمات مناصبهم، لكن هذه المتابعة تكون أمام محكمة العدل السامية، وأيضا الاتهام يوجه إليهم من طرف البرلمان وليس أمام أية محكمة عادية. يتهمهم البرلمان و.. أ. الوديعة: موكلكم الآن يتهمه البرلمان.. نحن الآن أمام لجنة تحقيق برلمانية قامت بعملها ووجهت الاتهام لموكلكم. ذ. إشدو: اسمح لي.. الوزير الأول له مسطرته الدستورية المختلفة مع مسطرة الرئيس، وزوجة الرئيس أيضا لها مسطرة مخالفة. إذن فالمادة 93 إنما تحمي رئيس الجمهورية الذي هو القائد العام للقوات المسلحة، والذي هو رأس الدولة، والذي هو المسؤول عن صيانة الدستور، والوحدة الترابية.. إلخ، .. إلخ. تحميه من أن يساءل؛ أي أن تتغول عليه السلطة التشريعية أو تتغول عليه السلطة القضائية. لا يساءل عما قام به خلال مأموريته. أ. الوديعة: لكن المادة 93 فيها تحديد. تقول: "أثناء تأديته لمهامه" هل من مهامّ الرئيس أن يختلس؟ هل من مهامّ الرئيس أن يفوت صفقات فساد؟ التهم التي وجهتها لجنة التحقيق البرلمانية للرئيس السابق ليست من مهامه! ذ. إشدو: أحسنتم السؤال. أتحب أن أجيبك؟ أ. الوديعة: جدا. ذ. إشدو: سأجيبك. أ. الوديعة: تفضلوا. ذ. إشدو: أولا: لا توجد في المادة التي تكلمنا عنها من الدستور الموريتاني البدعة التي يحاول بعض الحقوقيين الموريتانيين إدخالها إلى موريتانيا؛ ألا وهي "الأفعال المنفصلة". فهذه "الأفعال المنفصلة" لا توجد في الدستور الموريتاني. بل توجد في الدستور الفرنسي الذي أدخلت عليه في تعديل 2007. إنها صناعة فرنسية لم نستوردها بعد. ولا يمكن العمل بها ما لم تدخل في دستورنا عن طريق التعديل. هذا من جهة. ومن جهة أخرى - يا أستاذ- فمن المؤسف جدا أنكم أنتم ولا شك أنكم اطلعتم – فيما أظن- على تقرير اللجنة البرلمانية.. تتهمون الرئيس بهذه التهم، فهذا التقرير بصفحاته الـ364 لا يوجد فيه توجيه اتهام إلى الرئيس! وملخصه الواقع في 51 صفحة لا يوجد فيه اتهام للرئيس ولا لغيره. يتحدث عن بعض اختلالات، ولا يوجد فيه غير هذا، وهنا مكمنالشعبوية والتزوير في القضية.
خلاصة هذه الحلقة: أولا: يرى الصحفي – ويستغرب- كون الحجج والمواد الدستورية التي يتمسك بها دفاع الرئيس محمد ولد عبد العزيز لصالحه هي نفسها التي كان يخرقها الرئيس نفسه في حق الآخرين. ويعطي مثالا على ذلك الوزير الأول الأسبق الأستاذ يحي ولد الوقف، وحرم رئيس أسبق فيقول: "هناك واقعتان محددتان حصلتا خلال حكم موكلكم الرئيس السابق واقعة الوزير الأول الأسبق الذي تمت مساءلته بتهم تتعلق بالفساد، وحين استظهر بالمواد نفسها لم يعتبرها الرئيس السابق. شكلت لجنة برلمانية للتحقيق مع زوج الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله". ويرد المحامي أن مسطرة الوزير الأول والوزراء المحددة والمسطورة في المادة 93 من الدستور الموريتاني في "الباب الثامن حول محكمة العدل السامية" مختلفة تماما عن مسطرة رئيس الجمهورية، حيث تقول هذه المادة في فقرتها الأولى في حق رئيس الجمهورية ما يلي: "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية". وتقول في حق الوزير الأول والوزراء: "الوزير الأول وأعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عن تصرفاتهم خلال تأدية وظائفهم؛ والتي تكيف على أنها جرائم أو جنح وقت ارتكابها، وتطبق عليهم الإجراءات المحددة أعلاه في حالة التآمر على أمن الدولة، وكذلك على شركائهم". فشتان إذن ما بين الاثنين: رئيس الجمهورية الذي يتمتع بحصانة مطلقة تمنعه منعا باتا من المساءلة عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى؛ والوزير الأول وأعضاء الحكومة المسؤولين جنائيا عن تصرفاتهم خلال تأدية وظائفهم! يضاف إلى ذلك أن السيد الوزير الأول المذكور لم يتابع على تصرف قام به خلال تأدية وظيفته كوزير أول؛ بل توبع في أمور أخرى وخاصة ملف تفليس الخطوط الجوية الموريتانية! وأما السيدة الأولى المذكورة فلا تتمتع بحصانة، ولم تتشكل لجنة برلمانية للتحقيق معها حسب علمي. و"لجنة التحقيق البرلمانية" المشكلة في 30 يناير 2019 لا سابقة لها في تاريخ البلاد، ولن تكون لها لاحقة ما لم يتم تعديل الدستور ليسعها! ثانيا: يرى الصحفي أيضا أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد اتهمه البرلمان فيقول: "موكلكم الآن يتهمه البرلمان.. نحن الآن أمام لجنة تحقيق برلمانية قامت بعملها ووجهت الاتهام لموكلكم". ويرد المحامي بالنفي قائلا: نحن أولا، لسنا أمام لجنة تحقيق برلمانية، بل نحن أمام هيئة سياسية فضولية لا شرعيةٍ يخالف تشكيلها نصوص الدستور؛ وبالتالي فلا أثر لها ولا لتقريرها، لأنها باطلة، وما بني على باطل فهو باطل. وثانيا، فإن تقرير اللجنة بصفحاته الـ364 لم يتهم الرئيس، ولا يمكنه أن يتهمه؛ وهذا ما صرح به أعضاء في تلك اللجنة نفسها وفي البرلمان، من بينهم مثلا النواب يحي ولد الوقف ومحمد الأمين ولد سيدي مولود ومحمد بويَ ولد الشيخ محمد فاضل. وثالثا، فإن اتهام البرلمان لرئيس الجمهورية له آليته المنصوصة في الدستور من شقين: الشق الأول: لا يمكن للبرلمان أن يتهم الرئيس إلا بالخيانة العظمى؛ الشق الثاني: وفي هذه الحالة: "لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها"!
يتواصل
|
