ملف خاص بشركة تازيازت موريتانيا (ح5)
الأربعاء, 17 أغسطس 2016 07:13

 

لهذه الأسباب أذعنت شركة تازيازت لشروط موريتانيا

د. يربان الحسين الخراشي   

altتناقلت المواقع الموريتانية نهاية الأسبوع المنصرم خبر اتفاق بين الحكومة وشركة  تازيازت تعهدت بموجبه الشركة بمرتنة الوظائف بحلول 2020م على أبعد تقدير، ونقل مكاتبها من مدينة لاس بالماس الإسبانية إلى بلادنا قبل نهاية العام الجاري، مع استئناف أنشطتها الاستخراجية والإنتاجية، ومعالجة الذهب بالمنجم خلال شهر أغسطس الجاري، وذلك بعد فترة من التوقف عن العمل بفعل الأزمة الأخيرة بين الشركة والحكومة.

وهنا يحق لنا أن نتساءل عن الأسباب التي تقف وراء إذعان الشركة والاستجابة لأبرز مطالب الحكومة حسب ما يراه البعض، أو تقديم التنازلات من كلا طرفين إن صح التعبير؟

لا أعرف بالضبط الدوافع والأسباب المباشرة التي وقفت وراء اتخاذ إدارة الشركة قرار الجلوس على طاولة المفاوضات، والتوصل إلى هذا الاتفاق. لكنني أعتقد أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية غير مباشرة قد تعتبر تفسيرا منطقيا غير مباشر لاستجابة  تازيازت؛ خاصة في ظل غياب المعلومات عن حيثيات هذا الاتفاق.

السبب الأول: الخصائص الجيولوجية والتعدينية للمنجم 

شخصيا - وبحكم تخصصي- أعرف جيدا أننا قد نحتاج إلى مئات المتخصصين، وتأليف عشرات الكتب لشرح هذا السبب، لكني سأكتفي بالإشارة إلى أن الاحتياط المؤكد من الذهب لمنجم تازيازت يبلغ حوالي 260 طنا، بالإضافة إلى احتياطات أخرى معتبرة تم اكتشافها مؤخرا في نفس المنطقة.

والمنجم سطحي يتميز بخصائص جيولوجية وبنيوية، ومعدنية تجعل ظروف استغلاله  وتكلفة استخراجه ومعالجة الذهب الناجم منه تنافسية جدا على المستوى العالمي؛ إن لم نقل من أحسن المناجم تنافسية. وقد يصبح  هذا المنجم  أهم منجم للشركة حول العالم، وخاصة بعد أن يتم تنفيذ التوسعة الرامية إلى مضاعفة الإنتاج مستقبلا.

السبب الثاني: الأزمة الأوربية القادمة ولجوء المستثمرين للذهب كملاذ آمن.

قبل أن يفيق العالم من الصدمة التي خلفها تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، بدأ الحديث عن أزمة البنوك الإيطالية  التي تعاني من مشكلة قروض متراكمة غير قابلة للتحصيل، تصل قيمتها إلى 360 مليار يورو، في وقت يعاني اقتصادها من ركود منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهذا ما جعله الأسوأ في أروبا؛ إذ يبلغ الدين العام حوالي 133% من نسبة للناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن أزمة المصارف الإيطالية قد تنفجر في أي لحظة فاتحة الباب أمام  بقية الدول الأوربية؛ خاصة إسبانيا والبرتغال اللتين على طريق الأزمة. عندها سيتوجه المستثمرون لشراء الذهب باعتباره ملاذا آمنا في أوقات الأزمات؛ مما قد يرفع من سعره  إلى حدود 2000 دولار للأونصة.

السبب الثالث: الدور المستقبلي للذهب في النظام المالي العالمي الجديد

بعد الأزمة المالية 2008م  بدأت الحاجة  إلى نظام مالي عالمي  جديد تبرز يوما بعد يوم..

النظام العالمي الجديد - حسب المتخصصين في هذا المجال- لا بد أن  يستجيب لمتطلبات الوضع  الاقتصادي الدولي الحالي الذي بدأت الاقتصادات الناشئة تلعب فيه دورا محوريا.

ويعتقد بعد الخبراء أن الحل يكمن في عملة عالمية موحدة من الذهب، أو سلة عملات يتم التعامل بها عن طريق نظام حقوق سحب.

وتشير دراسات روبرت فوجل (Robert W. Fogel) الحاصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية  إلى توقعات بأن إجمالي الناتج المحلي للصين سيصل عام 2040 إلى 123 تريليون دولار أمريكي،  ليصبح  يمثل 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ بينا سينكمش  الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي إلى 14٪ مما سيشكل تقويضا لنظام السندات الخزينة الأمريكية التي يرتكز عليها النظام العالمي المالي الحالي.

إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي  ليس إلا جزءا من  رأس جبل الجليد الذي بدأ يظهر للعيان منذ الأزمة اليونانية، والخافي أعظم؛ بل يعتقد البعض أنه بداية لتوجه عالمي جديد  تقوده نسبة 99% من سكان العالم ضد 1%  الذين يملكون أكثر من 50% من ثروات العالم خلال عام 2016 بزيادة قدرها 10%  عما كان عليه الحال سنة 2014، وبدون شك فإن عدم المساواة في الثروة  إذا ما استمر معدل الزيادة بنسب مرتفعة كهذه  سيصل  إلى نقطة اللا عودة في المستقبل القريب.

 وفي كل الأحوال  فإن شراء المعدن النفيس (الذهب) كان  - ولا يزال، وسيظل على الدوام- الملاذ الآمن الرئيسي لمعظم المستثمرين في جميع أنحاء العالم خلال الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وتجدر الإشارة إلى أن الذهب يشكل 73.3% من إجمالي احتياطيات الولايات المتحدة  الأمريكية، و67.4% من إجمالي احتياطيات ألمانيا؛ بينما لا تملك بلادنا أي احتياط من المعدن النفيس! كنت أتوقع أن تشترط بلادنا تخصيص نسبة معينة من الإنتاج السنوي لهذا المعدن  كاحتياط لبلادنا  يدعم احتياطياتها  من العملات الورقية التي قد نستيقظ يوما وقد فقدت جل قيمتها؛  خاصة اليورو، مع أنني أعتقد أن تطوير الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي  قد يكون أكثر تحصينا لمجتمعنا وأمنا لوطننا  من تكديس الذهب والفضة والأوراق المالية  أيا كان نوعها. 

(عن "موريتانيا الآن")

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع