من تاريخ الكادحين (4)
الجمعة, 19 فبراير 2021 07:50

 

صيحة المظلوم

 

"alt تبلورت فكرة إصدار دوريةٍ جامعةٍ ناطقةٍ باسم الكادحين، وقد أصبحوا تيارا بارزاً كُتب له القبول، كَثُرَ مريدوه وتعدد أتباعه وتبعثرت مشاربهم الفكرية.. أقول تبلورت في فترة ما بعد لقاء التأسيس في تكمادي بالضفة اليمنى من نهر السنغال. وازداد المشروع إلْحاحاً بعدما ودعنا الزعيم المناضل سيدي محمد سميدع طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه، فتوقفت صحيفة "الكفاح" التي كان يُصدِرُها من دكار بالسنغال، وبعد توسع حركة الكادحين وانتشارها، انتشار النار في الهشيم، ورواج أفكارها التقدمية بين صفوف الأرقاء والشباب والعمال والنساء.. أصبح حينها لزاماً علينا أن نُؤسس جريدة جامعة تُؤطرُ الناس ويتبادلون خلال صفحاتها الآراء، تنشر بطولات الثوار وتُروج لشجاعتهم في مواجهة القمع والتعذيب، ونُخلد بذلك سُميدع، لأننا قومٌ:

"إذا سيدٌ منا خلا قامَ سيدٌ ** قؤولٌ لما قال الكرامُ فعُولُ"

" لا نرهبُ الموت لا نخشاهُ....."

نحن لا محالة ميتون، قبل الممات نُعطي حياتنا مضموناً، نُكْبِرُ شهيدنا سميدع. ".. نأخذُ المشعل الخفاق من يده ** ونملأ الدرب إيماناً وإقداما.."

وكانت أول هيئة لتحرير "صيحة المظلوم" تضم مجموعة من خيرة أبناء البلد ومثقفيه؛ منهم الشاعر (بأل التعريفية) أحمدو ولد عبد القادر، والصحفي البارز يسلم ولد أبن عبدم أطال الله عمره وشفاه، والدبلوماسي والوزير السابق المختار ولد حي، وكان حينها محرراً بجريدة "الشعب" الناطقة باسم حزب الشعب الحاكم. التحق بهم بعد الأيام الأولى لصدور العدد الأول الكاتب والأديب والوزير السابق الأستاذ فاضل الداه أطال

الله عمره، وكانت تلك بحق، إضافة نوعية ضاعفت عدد القرّاء والمحبين لصيحة المظلوم.. جرى في أول اجتماعٍ لهيئة التحرير اختيار اسم الصحيفة ومواضيع مقالات العدد الأول.

 

الوزير النّخّاس، بائعُ الدوابّ والعبيد

تشمل المواضيع المطروقة ما نُطلقُ عليه صفة "الدسم" تحليلاً وتعميقًا للآراء وفيها أنباء متنوعة، أذكر منها مثلاً لا حصراً نبأً بارزاً عنوانه: "الوزير النخاس، والنخاس بالعربية بائع الدواب والعبيد"!

يحكي قصة شابةٍ في ريعان شبابها ساحرة الجمال، يهواها القلب اشتراها أحدٌ من بأيديهم الحكم، نهاراً جهاراً رغم أن قانون ودستور الجمهورية يُجرّمُ بيعَ وامتلاك العبيد!

في حين كنا نحن نريد الحياة بلا ظالمين ونسعى إلى مجتمع العدل والإنصاف تحت شعارٍ طالما تغنى به الجمهور ورددوه بحماس على ألحان وأنغام المغفور له بإذن الله محمد شين ولد محمادو الشجية في شَوْرْ

"ألا گدكْ ** وانت گدِّي

مانِي عبدكْ ** مانكْ عبدِي".

كنا نصبو إلى مجتمعٍ يكون فيه الجميع سواسية لا فرق بينهم، يُنكرون ظُلْمَ الإنسان لأخيه الإنسان.

واجهنا حَرُون المهمات في بدايات إعداد صيحة المظلوم، والمفارقة أن جماعة التحرير بأيديها الناعمة وعددها القليل وعتادها المتواضع كان من ضمن واجباتها أن تتولى وحدها الإعداد تحريراً وطباعةً وسحباً وتشبيكاً ونقلاً وتوزيعاً على التراب الوطني المترامي الأطراف! أذكر في هذا المضمار - للأمانة وللتاريخ- أبطالا مجهولين لا تعرفونهم بأسمائهم، منهم من قضى نحبه ونعدهم من الأبرار: المغفور لهم بإذن الله: إسلمُ ولد سيدِي حمود، ويحي ولد عمر، والخليل ولد سيد امحمد القيادي البارز في بوليزاريو لاحقاً.

كان هؤلاء وغيرهم ضمن مجموعة المهمات الخاصة عوناً وسنداً لفرقة التحرير في مجالات الإسناد، تحولوا فيما بعد إلى خلية متعددة المهمات، تؤمن اجتماعات اللجنة المركزية للحركة، وتقوم بحراسة المطلوبين ونقلهم من مخابئهم وإليها، وتُوزعُ البريد. حافظت هذه المجموعة باقتدار على إصدار وتوزيع "صيحة المظلوم" في موعده، لم يتغيب منها عدد واحد، ولم يسقط لها موقع سري في أيدي الأعداء، إلى إن قرر الرفاق بملء إرادتهم توقيفها نهائياً ضمن تفاهمات مع نظام المرحوم المختار ولد داداه، وتلك قصة أخرى، لها ما لها وعليها ما عليها.

بدن ولد عابدين

نقلا عن معالي الوزير عبد القادر ولد أحمدو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 8 زوار  على الموقع