نعي وتأبين
الأحد, 01 يونيو 2014 13:08

 

بقـلـــم: محمد الكبير ولد فال

altانتقل إلى رحمة الله يوم الأربعاء الماضي صاحب الفضيلة أحمد ولد محمد فال إمام مسجد سـوكوجيـم - تفرغ زينه، بعد مرض عضال، رحمه الله وأدخله فسيح جنانه، ورزق أهله الصبر وحسن العزاء. إنا لله وإنا إليه راجعون.

أمام هذا الرزء الأليم يحق لجميع من عرفه وصلى خلفه أن يحزن لفقد هذا الرجل الحافظ القارئ، نقي الوجه والسريرة، عفيف اليد واللسان. لقد أمّنا منذ بداية التسعينيات، عندما كنا نصلي في كوخ صغير من الخشب لا يتسع لأكثر من ثلاثين مصليا، يتخذه في الوقت نفسه لتدريس الأطفال القرآن الكريم، دون أن يشكو قط من ضيق المكان، ولا من غياب اللوازم الضرورية للحياة في المدينة، حتى شاء الله تشييد مسجد مكتمل، فتولى الإمامة والأذان والصيانة، ووقف وقته على العمل من أجل أن يكون مسجدا يتوافد إليه المصلون من كل أطراف الحي.

كان إمامنا -رحمه الله- من الذين يُرغِّبون في الصلاة في المسجد ولا يُنفّرون منها.

يحترم الوقت المحدد للصلاة، يلبس ثيابا نقية وأنيقة، متبعا قول الله عز وجل: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} يتقدم بلباقة وتواضع، يخفف الصلاة في أوقات التخفيف، ممتثلا قول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا صلى أحدكم للناس فليخفف» مؤديا بأحسن ما يرام شروط الاطمئنان والسكون وحسن القراءة.

وبمحياه النيّر وحركاته وسكونه يتأكد أنه فرغ جوارحه ووجدانه لصلاته؛ فقراءته وحسن إكماله للأركان لهما أعمق الأثر في قلب المصلي، وخشوعه، حيث يستوعب معاني الآيات ويخلص لمناجاة ربه.

أما حسن الخلق فحدث ولا حرج؛ فهو ينصت كالصبي لذوي الحاجات والمطالب بأدب وعناية ووقار، محاولا التجاوب معهم، واضعا نصب عينه أن لا يرضى المخلوق بسخط الخالق. كان إمامنا أليفا، اجتماعيا، يتحلى بأخلاق مدنية عالية.

تعايشتُ معه عقدين ونصفا من الزمن، ولم أسمع أحدا يشتكي من سلوكه ولا من معاملاته، كما يقع من بعض الأئمة.

وقد رأيت كثيرا من غير سكان حينا يفضلون الصلاة معه، لما يرون من حسن أخلاقه وحسن قراءته واحترامه لوقت الصلاة، وقد فروا من مساجد بجوارهم القريب، نظرا لتعكر الجو بين بعض المصلين وإمامهم، وكان - رحمه الله- لطيفا متواضعا، يشرك المصلين في تحديد وقت الصلاة وفي كل أمور المسجد، مما أكسبه تقديرا واحتراما كبيرين.

فأدبه القرآن، ومن أدعيته بعد صلاة التراويح {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} غفر الله له ووقاه عذاب النار.

وقبل أن يودع حياتنا الفانية أدى حقوق أسرته، كأحسن ما يكون تربية وتعليما؛ فحفّظهم القرآن الكريم، وحرص على أن يتعلموا ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، ومن بينهم - لله الحمد- من هو أهل لخلافته، تقوى وورعًا وخَلقا وخُلقا.

{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.

صدق الله العظيم.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع