| برنامج "اجماعه" (ح2) |
| الخميس, 01 مارس 2018 07:28 |
|
حماة سير ثلاث مـــن بلادهـــم ** ولا تصيب لهم ضراء جيــرانا وقلت والقوم في ذل وفي خجل: ** لله در ابن لفظيل بن شــــنانا خلى الرجال رجالا لا حياة لهم ** خلى النـساء إماء لسن نسوانا وفيها يقول (تأسيسا للمجتمع كله): ونحن ركب من الأشراف منتظم ** أجلُّ ذا العصر قــــدرا دون أدنانا قد اتخذنا ظهور العيس مدرســة ** فيها نبــــين ديــــن الله تبـــيانـا أما الرجال فزنهم بالخـطوب ولا ** تقم لنا العين دون الفـــعل ميزانا. ولد المبارك ولد يمين هو القائل (في نفس الإمارة): لحگت فايدُ كبر التخمام ** اُلا گبلت في الغلظ اتوريگ اُكملتُ كامــــل بين أيام ** الكــوز الگـــرع وانفّــــيگ
فارس حلة گور أمگــجار ** والباطــن واظــهر تيفــــــجار تخمام يگلب روص البار ** بالغلظ الما فيه اتـــــزرگـــيگ مــــدُّ مـــاهُ مـــدّْ أفــــجار ** للمدفع والظــــيف ألفريــــگ اُباش اعليه امتان التدفار ** بــاش اعليه امتان اتميلـيگ ولد رازگه (مثلا) رافق اعلي شنظوره – كما تعلم- إلى المغرب، ورثى أعمر آگجيّل بقصيدته العصماء: هو الموت عضب لا تخون مضاربه ** وحوض زعاف كل من عاش شاربهْ ومنها: نقيبٌ نسـينا كل شيءٍ لــــرزئهِ ** تُذكــــــرناه كــــــــلَّ أن مناقِـــــبُه أناعيَه أرسلت عزلاء مهــجتي ** فهادَمها حملاق جفــنىَ ساكُـــــبهْ طوى نعيه وعيى فها أنا غائب ** عن الحسّ فيه ذاهل العقل ذاهـبه تمكن من نفــسي بنفس سماعه ** جوىً فيه كُلّى ذاب قلبي وقــالَبُه وإذا وصلنا إلى العهد الجديد نجد أن المختار ولد داداه في مشروع بناء الدولة اتكأ أولا على إرث ثقافي وأدبي عتيد، وهو على دراية به. ثانيا توجد مجموعة من الشعراء اعتمد عليها، بعضها معه في الموالاة، وبعضها في المعارضة، لكن الجميع كانوا يحْدون الكيان الوليد إلى الأمام. المختار ولد حامد من الشعراء العلماء الموالين يقول في قصيدة له: يا حبذا عملاء الاستعمار ** إن كانت العملاء كالمختار مشيرا إلى أن الكثير من الدول نالت الاستقلال بصفة متعقلة ومتئدة (فلماذا يكون استقلالها محمودا واستقلالنا مذموما؟!) ما بال بائهمُ تجـــر وباؤه ** - والكل باء- ليس بالجرار. وهناك أيضا الشاعر محمدي ولد أحمد فال، وهو شاعر ينتمي إلى لعصابه، وموال أيضا، يقول له يحثه على الانضمام للعرب وعلى التقدم.. إلخ: بالله يا مختار همزة وصــلنا ** صلـها بعبد الناصر الوثاب صلها فديت تكن زعيما ثالثا ** بين ابن بله وقائد الأقطاب وهو الذي خاطبه في مؤتمر لعيون بقوله: لسان الضاد يرمق بالعيون ** إليك اليوم مؤتمرَ العــيون ففكر في ديون الضاد حلت ** أمؤتمر العيون فِ بالديون. همام أيضا لا شك أنك تعرف دوره والروائع التي أنشأها واتلَ ينشيهَ من لغيار ** هي ما كانت منشيَّ ووصفه لنفق شوم.. وهناك بالطبع أيضا سيداتي ولد آبه الذي غنى النشيد الوطني، وكانت أغانيه محبوبة وموحِّدة لجميع الموريتانيين، وهناك المختار وأحمدُ ابنا الميداح وكانا فنانين بارزين. هناك أيضا شعراء من المعارضة كانوا يحْدون هذا الكيان كمحمد الحنشي ولد محمد صالح القائل في فترتي النهضة والاستقلال الداخلي: شباب العصر إحدى الحسنيين ** تلقوا فالمنية فرض عين وهو صاحب أول قصيدة كتبت ضد العبودية (في بلادنا) ومطلعها: أين مني آذانكم والعقول ** آدمي تعبيد معقول؟! ومن أول القصائد المنادية بالتعريب قوله: حار البليغ وهـــــــانت الأقـــلام ** لغة الهدى تنبو بها الأيام من بعد ما كان الرسول دعا بها ** وتنزل القرآن والأحــكام.. وهي قصيدة رائعة. هناك أيضا أحمدُ ولد عبد القادر، وله "فرحة العيد" (في عيد الاستقلال): أنت عيدي إن كان هذا وإلا ** لست عيدي ولست عـــيد لداتي أنت عيدي إن كان هذا وإلا ** لست عيدي فأنت عــــيد الغزاة وانعتاق الوجود ألهم نفـسي ** حكـــمة قلـــتها بــذاتي لذاتي: ليس في عالم العذاب عذاب ** مثل خنق الحياة في ذي الحياة. وهو صاحب قصيدة العجوز، إثر أحداث الزويرات.. إلخ. إذن فالمهم أن هنالك دورا أساسيا لأصحاب الكلمة، والكلمة الحرة، والكلمة المفيدة، والكلمة النابعة من عقل مفيد وراجح، في مجال نهوض الدول وبنائها. والأدب والثقافة هما روح المجتمعات، ومجتمع بلا أدب ولا ثقافة هو مجتمع بلا روح. أتقانا: هذا صحيح وقد اتضح من خلال قولكم إن أصحاب الكلمة هم من يرسم الخطوط العريضة للأمة ويوجهونها وتستنير بتوجيهاتهم في مسارها الحضاري. من خلال هذه النماذج الرائعة التي أنشدتموها لهذا الطود سدوم ولد انچرتو تذكرت سؤالا أود طرحه مقارنة مع الحاضر؛ هل معنى هذا أن الأدب وصل النهاية الحدية العظمى وبدأ يتناقص؟
آفگراش انجوع انقـــــــيوان ** شيخ انزايله واحــــلله
اُكان اطرح فراسه تشــيان ** ربِّي للـــــناس إحــــــفله من هذا؟ إنه هنون! مِثْلُ فــيه عــــمُّ عثـــــمان ** .بَگَّ سلــــطان امــحافله اعـــمُّ بــــكار اكبير الشان ** أكبره جـــوده واعـــــقله واخليفة كوچاي الفرسـان ** التانتـــــفرت إزگـــــــــله اُيزضف ملاه في المسلان ** فرصُ في الـروغ إحـفله واِجي جانبه طفل الــشان ** املغمس من دم اكــــفــلـه هنون اُكان اصبح غضبان ** عگده في وجـهُ يعـــمـله اللـــهم وجــــه البــــرتان ** اُلا حـــد إظـــل امگابـــله ويذهب فيها بعيدا إلى أن يقول: أولاد الفحــــــفاح الظـمـان ** طول الشر إلى دام الـه ما تذرح فــــــيه ألا تلــيان ** الا گـــط الــطامُ مـللــه الا گط اتنج في لـــــوطان ** عــربي كاتلتُ واكـــتله الا گط اكتله زاد افــــمان ** ما نزلت فامنــين اكتــله وامرگ هو بلُّ حشــمان ** افاديـــارُ ســـداو احـــلله اهي يوم ان تگبظ لظعان ** تجــمل تتمــعير فارجـله ول انچرتو مانـل كــــــان ** يحظر ساعه فافزوع اله هي كيف اجنود السلــطان ** باكــــلايــــله وامـــــايـــله واعمايــمه شـــاش أروان ** واعـــــكاره في دلايــــــــله امحزمة اموبر والقفــطان ** واحـــرام امــــطرز گادلـه ابو رمظانين ابو رمـظان ** واگـــفف واگـطاطي تعزله تسمع كم من زامل كلشان ** اگهـــيرُ لــرض إزلـــــزله! أستاذنا الكبير.. أترون أن هذا المبلغ كان نهاية حدية عظمى ثم بدأ الأدب يتناقص حتى وصل إلينا؟ كيف المقارنة؟ ذ. إشدو: لا، المجتمعات تتطور دائما، والتاريخ – كما يقولون- لا يسير على خط مستقيم؛ بل طريقه متعرج، والمجتمعات تتطور فترقى، وتتطور نحو الانحطاط أيضا في بعض المراحل إذا قامت شروطه وَكَبَت الأمة. هذه "اتهيدينه" تعبر عن مرحلة ذهبية في تاريخ أولاد امبارك. مرحلة من التطور والنمو (مرحلة صعود) وهذا ما جعلها هكذا، وهو سر نبوغ سوم. أعقب ذلك الانحطاط، وهو يصيب المجتمعات ويصيب الدول. كنت أحدثكم عن زمن نشوء الدولة الموريتانية وعن اتكائها (في مرحلة صعود) على إرث ثقافي وأدبي عتيد وواسع، وعن اعتمادها على مجموعة من الشعراء والأدباء رسموا لها طريق الرقي والنهوض وحَدَوْها إلى التقدم وسطروا أمجاد مرحلة البناء من عدم، ومجّدوا إرادة النهوض والبناء والعمل. الأدب والشعر هما البناء الفوقي للقاعدة الاقتصادية والسياسية للأمة. هؤلاء الشعراء الذين تحدثت عنهم وعن شعرهم كانوا يعبرون عن طموحات وإنجازات دولة الاستقلال. وهذه أنشئت من لا شيء؛ فالفرنسيون لم يتركوا أي شيء، ومن فضل الله تعالى أن عقول وسواعد الموريتانيين استطاعت إنجاز شيء، وهذا الشيء الذي استطاعوا إنجازه تطور إيجابيا ورقَى إلى أن وصل مرحلة معينة كانت سنة 1974 هي القمة فيها. مراجعة الاتفاقيات مع فرنسا أو إلغاؤها 1973، إنشاء الأوقية 1973، مهرجان الشباب الذي تآخت فيه موريتانيا التي كانت متطاحنة.. ولماذا تطاحنت؟ لم تتطاحن على رأس المال، وإنما على الربح. الجيل الأول يقول: لا نستطيع أكثر من هذا، والجيل الجديد الناشئ، حركة الشباب – وخاصة الحركة الوطنية الديمقراطية وحزب الكادحين- يقول: نحن نستطيع القيام بأكثر من هذا، فكان الخلاف على الربح، وكان شديدا لكن المختار – رحمه الله- كان رجل حوار فمال هو وجماعة من فريقه إلى مقولات الشباب ومطالبه وأقيم مهرجان الشباب في أغشت 1974، وبعد هذا المهرجان أنجز الكثير: أممت "ميفرما التي كانت دولة في الدولة، وصدر عفو عام عن المطلوبين، وشهدت البلاد ازدهارا غير مسبوق.. كل هذا بفضل الحوار. انعكس الجميع على الحياة الاجتماعية فوزعت الأرض على سكان الأحياء العشوائية مقابل ألفي أوقية للقطعة، وصار سعر الدواء أقل من تكلفته لدى المصنع وفق السياسة الاجتماعية المتبعة، ولا أريد الإطالة عليك بهذا. هذا الازدهار استفاد منه الأدب.. "ريشة الفن" مثلا للشاعر أحمدُ ولد عبد القادر هي التي عبرت عن هذه المرحلة، ماذا جاء فيها؟ هللي موريـــــــتان مــــــا ذاك إلا ** ومضة من سراجك المـــــــــتلالي هـــــللي موريــــــتان ما نحن إلا ** قطرة من معيـــــــــــنك السلـسال وابشري صفقي لوثبة نبــــــــع ** ظل يســـــــقي مــــــواكب الأجـيال حاول الغرب حبسه ذات يـــــوم ** عن مجاريه عبر هذي الــــــرمال فانبرى يمضغ السدود ويجري ** لا يــــــبالي بشأنـــــها لا يـــــبالي. وفيها يقول: ريشة الفن بلسم وســــــلاح ** ودلـــــــيل يضيء وعي الرجال. هذا بالضبط هو الجواب عن سؤالك. ويقول: هل لهذا الوجود معنى إذا لم ** يتـفـهـم هـويـتـي ومـجـالـي؟ فلا معنى للوجود إذا لم يتبين دور الثقافة والأدب والفن التي هي من أهم ما يميز الإنسان عن الحيوان. إذن ففي مرحلة الازدهار والتطور والرقي، يزدهر الأدب، وفي مرحلة الانحطاط أيضا ينحط الأدب. |
