كتب القاضي عبد الله ولد شماد الذي حكم بالإعدام على كاتب المقال المسيء توضيحا طالب فيه كل من شكره ونشر صورته بالتوقف عن ذلك فورا.
وجاء كلام القاضي ولد شماد في تدوينة على حسابه الشخصي على الفيسبوك.
نص التدوينة
يمنعني واجب التحفظ ويمين الوظيفة من الخوض والتعليق على قضية شاركت في الحكم فيها وما زالت معروضة أمام القضاء، ولكنني لن أسكت عن بيان ما يلي:
1- أن تهديد الناس عامة - والقضاة خاصة- والنيل من أعراضهم وقذفهم ونشر مكالماتهم جرائم وآثام عظيمة تتعارض مع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهديه ورسالته ووصاياه، وتعتبر جرائم منصوصا عليها ومعاقبة بالمواد: 208 و210 و281 و282 و283 و284 من القانون الجنائي.
2- أن حكم الإعدام الذي صدر سنة 2014 في قضية المسيء وقرار استئنافية انواذيبُ يوم الخميس الماضي يخرجان من مشكاة واحدة؛ فكلاهما أسس على قواعد صريحة صحيحة من الشريعة الإسلامية ونصوص من القانون الموريتاني (المادة 306 من القانون الجنائي) مستمدة مباشرة من شرع الله تعالى. الفرق فقط كان في فهم الوقائع وتنزيل النصوص عليها، وتلك أمور شخصية خاصة بالقاضي وهي أساس استقلاله وعليه واجب تبريرها في حيثيات حكمه أثناء تحريره.
3- أنني – والشهادة لله– اعرف أعضاء ورئيس تشكيلة الغرفة الجزائية مصدرة القرار يوم الخميس الماضي؛ فقد جمعتني الدراسة والعمل الوظيفي مع أغلبهم، وسمعت عن اثنين منهم فما شاهدت وما سمعت إلا عدلا واستقامة وعلما والتزاما ولا أزكي على الله أحدا.
4- أن المشرع فتح بابا وحيدا للتظلم من قرارات وأحكام القضاء، وهو باب الطعون ضدها أمام جهة مختصة.
5- أن القانون الجنائي الحالي تم إعداده وإصداره سنة 1983 في إطار مراجعة شاملة للقوانين الموريتانية لمطابقتها مع شريعة الإسلام الغراء، وقد أعدت هذا القانون ووافقت عليه لجنة من أعالي قمم العلماء وحفاظ المذهب المالكي، ترأسها البحر العلامة الشيخ محمد يحي ولد الشيخ الحسين وكانت بعضوية إمام العصر بداه ولد البوصيري والعلامة الموسوعة محمد سالم ولد عدود رحمهم الله تعالى، والقاضي ابين ولد ببانه حفظه الله تعالى. ولا يمكن لأحد أن يزايد على أمثال هولاء في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في التمسك بالمذهب المالكي، ومع ذلك فإن هذا القانون يحتاج المراجعة حتى يتضمن مقتضيات تسد باب الإلحاد وغيره من الفتن.
6- أنه إضافة إلى نصوص القوانين فان أحكام القاضي تخضع لقواعد ضامنة للمحاكمة العادلة كانت الشريعة الإسلامية سباقة إلى تكريسها، وتتمثل في درء الحدود بالشبهات وتفسير الشك لصالح المتهم والتعاطي فقط مع المعطيات المتاحة أمام القاضي من أدلة إثبات وظروف الوقائع.
7- لم أتعرض لأي ضغط في القضية المذكورة ولا في غيرها، ولم يسبق أن تلقيت توجيها من الحكومة ولا من غيرها لإصدار - أو عدم إصدار- أي حكم.
8- أطلب ممن يشكرني ويثني علي أو يشير إلي في منشور أن يتوقف عن ذلك فورا؛ لعدة أسباب، ولأني احتاج لمن يعينني على النفس والهوى والشيطان، وأخشى ما أخشاه أن يتسرب إلى نفسي رياء أو ظن بأن لي فضلا في إصدار الحكم سنة 2014 فما أنا إلا شخص من عامة الناس ابتلاه الله تعالى بمهنة القضاء، وما حصلت عليه من توفيق كان من الله تعالى وحده، وما اعترضني من أخطاء كان مني ومن الشيطان. ولم أكن وحدي في إصدار الحكم المذكور؛ وإنما يسر الله لي تشكلة مميزة من قضاة ومحلفين. ولم ننظر إلى غير ما تضمنه الملف ودار في مرافعات المحاكمة، ولم نطبق سوى شريعة الإسلام الواردة في صريح نصوص القانون الموريتاني. ولم نرد بذلك الحكم غير الثواب من الله تعالى وحده، ومن أراد أن يشكرنا فليكثر من حمد الله تعالى ومن الصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليتوقف عن السب والشتم والتهديد والتخوين وسوء الظن بالناس.
والله يعلم المفسد من المصلح.
وبالله التوفيق.