لماذا تأثرت كثيرا بوفاة الشريف ولد باله
الخميس, 02 يناير 2014 09:03

 

بقلم كبير ولد فال

altكان المرحوم  أقرب إلي من أخ شقيق، وأعز علي من صديق حميم، وكان أوفى من كل خليل، وأصدق من كل محدّث،  وأقوى عهدا من كل قريب وأحسن مجاورة من كل جار، وأحلى مساكنة من كل مساكن. اشتركنا في الطفولة والمراهقة والشباب، وجميع مراحل حياتنا، جمعتنا الابتدائية والثانوية والجامعة، وتساكنا فى حياتنا المهنية ولم يحدث بيننا -ولامرة واحدة- سوء تفاهم ولامشاجرة؛ لا كبيرة، ولا صغيرة، رغم أن كلا منا ينتمي إلى تيار سياسي منافس. كنا نعيش أخوين توأمين كل منا يسهر على الآخر أكثر مما يسهر على نفسه، وصديقين تربطهما علاقة خالصة مبنية على المودة والاحترام المتبادل، كان كل منا سندا للآخر وعونا له.

كانت علاقتنا أقوى وأعمق من علاقة أخوين ومن علاقة صديقين، كل منا يؤمّن الآخرعلى أهله وماله وأسراره. وكان المرحوم  كثير التقدير للآخرين غير مبال بما يتلقى منهم، يصفح عمن أساء إليه  قبل أن ينتهي المتكلم من كلامه، متبعا قول الله عز وجل: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس  والله يحب المحسنين}.

يحنو على الضعيف ولا يتواضع للقوي، ولا يرضي المخلوق بسخط الخالق، كان من الذين قال الله فيهم: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم}. كان إذا قال صدق وإذا حكم عدل ولو كان ذا قربى، لا يكنّ لأحد كراهة ولا حسدا، ما سمعته قط طول حياته يسب ولايغتاب، وكان يحسن الظن بمن يعرف ومن لايعرف، كان يتحلى بصفة المسلم فى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».

كان، منذ صغره، مواظبا على صلواته يؤديها بشروطها في وقتها، وبعد رجوعه من الدراسة، كان يرتاد المساجد، يروح ويغدو فى الأوقات الصعبة، لا يبالى بالبرد القارس ولا بشدة الحر، ولا بالظلام البهيم، راجيا أن ينطبق عليه قول الله: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خلدون}.

كان -رحمه الله- من الذين {لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} ومن الذين {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة}.

في الدراسة، كان مجتهدا متفوقا، حاد الذكاء، كان دائما من أوائل الأوائل، يحصل كل سنة على إحدى الجائزتين الأوليين.

في حياته المهنية، كان قدوة ومثالا في الكفاءة والعدل والصدق، يحظى بتقدير كبير من طرف زملائه في العمل، يحترم معاونيه، ويردون له المثل، يقدره رؤساؤه ويعتبرونه مرجعا في العدل لا مثيل له.

في علاقاته الاجتماعية، اشتهر بحسن الخلق، والبشاشة والبشر، وحسن المعاملة والتواضع مع الجميع، يعين الضعيف، يعطي المحتاج بدون منّ، يهتم بشؤون أهله بعناية كبيرة.

رفض أن يكون له حارس مخافة أن يمنع أحد من دخول داره في أي وقت، كان من الذين يمشون على الأرض هونا، لا يغتر بمنصب سام، ولا يتأثر إن أعفي منه أو همش، متبعا قول جده صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير - وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن- إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له». لقد كان مثالا في كل تصرفاته.

قد يتأثر الإنسان من رحيل أخ أوصديق حميم، موضع ثقة، أو خليل أو قريب أو جار يحبه، فكيف لا أتأثر وقد كان  لي - رحمه الله- في منزلة كل هؤلاء، فقدانه هو فقدان جماعة كاملة في آن واحد.لقد كدت أفقد التحكم في صبري نظرا لعمق علاقاتنا لولا أن تذكرت قول الله عز وجل: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} فسألت الرحمن الرحيم أن يتغمّده  بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يمن علينا بجزاء الصابرين.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 9 زوار  على الموقع