أيام خالدة.. هل نستعيدها
الجمعة, 15 يوليو 2016 08:19

 

معن بشّور   

altبعد ساعات من بدء الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان صبيحة 12 تموز 2006، جمعتنا قناة الجزيرة آنذاك، بشخص مدير مكتبها في بيروت يومها الأستاذ غسان بن جدو، في لقاء متلفز ضمّ الرئيس أمين الجميل وأنا في محاولة استشراف أبعاد الحدث الكبير وتداعياته.

لم يتح لي يومها (لأسباب تقنية) أن أستمع إلى الرئيس الجميل متحدثا من منزله في بكفيا، ولكنني أذكر أنني قلت: "إن العدو الإسرائيلي قادر على أن يحدث تدميرا كبيرا في لبنان، ولكنه عاجز عن تحقيق الانتصار، لأنه مكبّل استراتيجيا وإن كان مطلق اليد تكتيكيا، وهو لن ينتصر إذا لم يغيّر المعادلة السياسية في البلاد، وهذا لا يتمّ إلاّ بالاحتلال المباشر على غرار ما حصل عام 1982، ولكنه عاجز اليوم عن الاحتلال، وعاجز أكثر عن البقاء في الأرض إذا ما احتلها".

لم تكذّب تطورات تلك الحرب هذه الرؤية التي كانت خلاصة مناقشات مع أخوة لي ورفاق؛ بل كانت أيضا حصيلة تحليل بسيط نابع من ثقة برجال المقاومة، المدعومين من رئيس وطني للبلاد (الرئيس إميل لحود) وحلفاء صادقين عربيا وإقليميا (سوريا وإيران) ومتكاملين مع جيش باتت له عقيدة وطنية يميّز بين العدو والصديق، ومستندين إلى احتضان شعبي لبناني وعربي وإسلامي وعالمي قلّ نظيره.

وعشية وقف إطلاق النار، جمعتني الإعلامية شذا عمر في برنامجها المميّز (مع الحدث) على قناة LBCمع عدد من المحللين اللبنانيين والمصريين والأمريكيين، وكان السؤال هل سينجح وقف إطلاق النار في الثامنة من صباح يوم الاثنين في 14/8/2006؟ وكان جوابي مخالفا لزملائي المشاركين: أعتقد أننا في الساعة الثامنة صباحا لن نسمع طلقة رصاص واحدة .. وأن الطرقات إلى الجنوب ستكون مزدحمة بالعائلات العائدة إلى مدنها وبلداتها وقراها بعد أن أجبرها العدوان على مغادرتها إلى مناطق لبنانية عدّة احتضنتها بكل روح وطنية أصيلة، وإلى مدن سورية كثيرة فتح أهلها القلوب لهم قبل البيوت بروح أخوية قومية.

لم تكن توقعاتي يومها ضربا في الغيب بل نتيجة تقديرينا أن العدو لم يوافق على إطلاق النار إلاّ بعد أن بات عاجزا عن الاستمرار، فوقف إطلاق النار ليس منّة منه أو من حليفه الأمريكي؛ بل حاجة ماسة له ولجيشه المهزوم ومجتمعه المأزوم...

كان واضحا أن حجم الانتقام الإسرائيلي – الأمريكي سيكون بحجم الهزيمة نفسها، وأن ما عجزت تل أبيب - ومعها واشنطن- عن تحقيقه بالحرب ستحاول تحقيقه بالفتنة والفوضى، فرأينا ما رأيناه في السنوات العشر الماضية تحريضا طائفيا ومذهبيا وعنصريا غير مسبوق، وانتقاما من أمّة خرجت من فلسطينها انتفاضة تلو الانتفاضة، ومن عراق خرجت من حواضره وبواديه مقاومة هزمت القوة الأكبر في العالم، ومن لبنان الذي خرجت من رحم جهاده مفاجآت ما زال العدو يحسب لها ألف حساب، ومن سوريا برز صمود أربك كل المخططات والحسابات، ومن مصر وتونس وبقية الأقطار تحركات ومسيرات وانتفاضات حركت المستنقع الراكد في الأمّة كلها.

وإذا كانت آثار حرب الـ 34 يوما في لبنان محدودة في الجغرافيا بحدود لبنان من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، فأنها بالمعنى التاريخي والاستراتيجي لم تكن محدودة أبدا؛ فهي ما زالت ممتدّة إيجابا وسلبا في حياة أمّتنا من محيطها إلى الخليج..

12 تموز 2006 يوم خالد في حياتنا، بخلود شهدائنا، وأوجاع جرحانا، وصمود أهلنا، وبطولات مقاتليه.

بل إنه يوم مجيد في تاريخنا.. فهل نستعيد أجواء الوحدة والتضامن التي لفت آنذاك لبنان وأمّتنا العربية والإسلامية والعالم بأثره.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 9 زوار  على الموقع