| تأبين |
| الخميس, 02 يناير 2020 11:51 |
|
أحمد محمدو أمين
نزهة منت الداه ولد عبد الجليل كانت بنتًا بارة وصديقة وفية ورفيقة مميزة وأختا رائعة وأمًا حنونا وزوجة مخلصة، لكنها - قبل هذا وذاك- كانت إنسانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كانت تحب الخير للجميع وتحمل آلام البؤساء والمستضعفين. شاركت بلدها جميع أنواع همومه، وقفت ضد الظلم والفساد، وتمنت لحال بلادها أن يكون أفضل مما هو عليه.
رحم الله بنت عبد الجلــيل ** بنت فضل وبنت حب جمـيل
كنت في طريقي إليها أمس الأول لأودعها قبل الذهاب إلى الوطن، لم أكن أعلم وأنا أشتري تذكرة القطار وباقة من الورد أن شقيقها عبد الجليل سيتصل بي ليخبرني بصوت تخنقه العبرات أنها لفظت أنفاسها في المستشفى العسكري بمدينة الرباط! شعرت بالارتباك؛ وهو أمر طبيعي من أخ يفقد أختا في الثلاثين من العمر، وليس معه سوى باقة ورد وتذكرة قطار ودقائق معدودة تفصله عن محطة الوصول..
حاملًا نعشها لأرض التجلي ** صامتا فرط حبها كالقـــــتيل ركبت قطار الذكريات عائدا إلى الدار البيضاء على تمام الساعة السادسة والنصف. كان من المفترض أن مدة الرحلة هي ساعة وخمس دقائق، لكنها بتغيير في التكامل دامت ثلاثين عاما من الذكريات، كنت أفكر في عبد الله ولد أتشفغ المختار، وفي محمد ولد گاري، وفي عدنان، وفي كمال، وفي ذلك الكثيب الرملي الذي يقع شرق ''الربينة'' في حاضرة ''بامّيره'' وفي أيام المحظرة، وفي سهرات مدح الرسول وتخليد الأعياد الدينية.. لكن العجيب؛ والذي لم أجد له مبررًا حتى اللحظة، هو أنني كنت أجد فيما حصل تفسيرا ضبابيا لبعض المعادلات التفاضلية الجزئية لـ''إرفين شرودنغر'' في فضاء ''هلبرت'' المركب. إن في القلب من شريط صـــبانا ** ذكريات من الزمان الجميل
حيث عشنا بذي الغضاة صغارًا ** نتربى على التلـــيد الأصيل
نامي بحفظ الله، قريرة العين؛ فالأهل عنك راضون، والصحبة عنك راضية، وبثينة في العين وفي القلب. جعل الله فيها خير خلف للأستاذة بازة بنت أتشفغ المختار، وأطال الله عمرها بالصحة والعافية. .الدار البيضاء، 31 ديسمبر 2019 |
