| قمـة الانحطــاط |
| الأحد, 31 مارس 2013 15:54 |
|
قمة الذل أن تموت المروءا ت، ويمشي إلى الوراء الوراء (نزار قباني)
في قمتها المنعقدة الأسبوع الماضي بالدوحة قررت جامعة الدول العربية -لأول مرة منذ نشأتها- تحويل وجهة السلاح العربي عن العدو الإسرائيلي وتصويبه في نحور العرب! ولا غرو؛ فالجامعة العربية التي ولدت في 22 من هذا الشهر من عام 1945 كانت في أصلها منظمة استعمارية نشأت في حضن انجلترا (خطابات أنطوني إيدن وزير خارجية بريطانيا ابتداء من 29 مايو 1941) وفرنسا، يوم كانتا قوتين عظميين وسيدتي العالم وتحتلان البلدان العربية، وكان غرضها إجهاض حركة الوحدة العربية والثورة العربية المحتدمتين، وسكب النهوض العربي الوحدوي في قالب مسخ وحدوي الشكل تجزيئي المضمون. وكان لها "شرف" تضييع فلسطين. ومع انتصار "الثورة القومية" في مصر وسوريا والعراق، حاول الزعماء الجدد بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر - رحمه الله- إعطاء الجامعة العربية مضمونا ثوريا دون الاهتمام بتغيير شكلها البالي؛ ظنا منهم أنه بمجرد وجود المقر في الدولة العربية "الثورية" الكبرى، ووجود مصري في منصب الأمين العام، سيتغير كل شيء فيها تلقائيا إلى الأحسن. وفي عصر كامب ديفد المخزي، وبعد محاولات تمرد فاشلة قادتها جبهة الرفض (قمة بغداد نوفمبر 1978 ونقل المقر إلى تونس وولاية الشاذلي لقليبي) كرست الجامعة العربية، بقيادتها المصرية المطبعة (عصمت عبد المجيد، عمرو موسى، نبيل العربي) ودولها الكبرى الخاضعة لهيمنة التحالف الامبريالي الصهيوني، التطبيع والاستسلام في مصر، وتفكيك جبهة المقاومة، وتدمير العراق، واعتناق السلام الأعزل (الاستسلام) منهجا لتحرير فلسطين (قمم فاس 1981 وبيروت 2002 والجزائر 2005 والرياض 2007). وفي ظل هذه السياسة اغتيل عرفات، وانتشر الاستيطان، وهودت القدس، وانقسم الفلسطينيون بين ضفة مطبعة راكعة وغزة تترنح بين النار والدولار، ودارت الدوائر على ليبيا وسوريا ولبنان والسودان واليمن والبحرين. وفي أوج "الربيع العربي" الأمريكي وصل العرب -بقيادة قطر- قمة الانحطاط في الدوحة، وكفت إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وفرنسا عن أن تكون عدو العرب الأول، وأصبح عدو العرب الأول هم العرب أنفسهم، وكفى الله اليهود والنصارى القتال! * لا كلمة في بيان الدوحة المطول عن العدو الصهيوني الغاصب المحتل، ولا حديث عن تحرير فلسطين وإنقاذ بيت المقدس، أو عن محنة الأسرى الفلسطينيين العانين! * سخر مال العرب وبترولهم وسلاحهم ودبلوماسيتهم لتدمير الشام التي كانت - على علات بعض القائمين عليها- قلعة الصمود العربي، وركن المقاومة المنيع الذي لا يلين! ولا يهم قادة العرب بعد ذلك ما سفك - ويسفك يوميا- من دماء الأبرياء في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان واليمن ومصر والسودان وليبيا والجزائر وغيرها... حين يموت يوميا مئات العرب بأيدي العرب وسلاح العرب ومال العرب! * اغتصب مقعد سوريا وسفارتها في قطر وسلما إلى القتلة؛ في سابقة خطيرة لن تكون الأخيرة من نوعها، بل ستطال آخرين لمّا يلحقوا بها في زخم الفوضى الأمريكية الإسرائيلية الخلاقة. أيها العرب.. إن الوضع العربي الراهن في غاية الخطورة والحرج! لقد انتحرت الجامعة العربية في قمة الدوحة. وما على الشعوب العربية إلا أن تعجل دفنها، وتفك ارتباطها بها؛ إذ أنها أصبحت أداة ضد العرب، تخدم أعداء العرب: تمزق وحدة العرب، وتهد أمن العرب، وتسفك دماء العرب، وتهدم ما بناه العرب! ألم يأن للشعوب العربية أن تصحو من سباتها، وتشمر عن سواعدها، وترفع التحدي، فتحمي أمنها القومي، وتنتصر لكرامتها المهدورة، وتحرر فلسطين، وتحقق الوحدة العربية، وتبني في سبيل ذلك أوسع جبهة عالمية مع شعوب العالم في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية لدحر الاستعمار والصهيونية. ...تحية إلى الجزائر والعراق ولبنان وموريتانيا بمقدار مواقفها التي مثلت أضعف الإيمان - فعلا وقولا- اتجاه سوريا. وهناك رعايا آخرون لا يمكننا إلا أن نلتمس لهم العذر إذ "لا طلاق لمكره"! |
