من الأرشيف

28 نوفمبر 1960
الجمعة, 24 نوفمبر 2017 07:49

 

altبدأت تباشير هذا اليوم في خيمة غير عادية في عرف البدو يومئذ: جدرانها أسمنت، وسقفها وستائرها حرير أخضر وأصفر زاه؛ يرفع قواعدها، في واد غير ذي زرع {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}: المختار ولد داداه، سيد المختار انجاي، جاجا صنب جوم، سيدي محمد الديين، حمود ولد أحمدو، يوسف كويتا، أحمد سالم ولد هيبة.. وغيرهم. كانوا بسطاء جدا ومحدودي الثقافة والوعي والوسائل إذا ما قورنوا بنا اليوم، ولكنهم كانوا يعيشون في عصرهم ويمثلون طليعة مجتمعهم ومخلصين للقضية التي آمنوا بها.

ففي الدقائق الأولى من صباح ذلك اليوم الأغر، أعلن رئيسا وزراء موريتانيا (المختار ولد داداه) وفرنسا (ميشل دوبري) ميلاد الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وذلك في حفل بهيج شهوده أوروبيون وأفارقة ما عدا ضيفين كريمين جسدا الحضور العربي والآسيوي هما محمد المصمودي وزير خارجية تونس (الدولة العربية الوحيدة التي اعترفت بموريتانيا) وآغا خان (موظف أممي) رئيس الطائفة الإسماعيلية من باكستان.

لم يكن طريق الدولة الفتية مفروشا بالورود، ولم تولد وفي فمها ملعقة من ذهب. بل واجهها أهلها (في الداخل والخارج) بالنكران والوأد! زعم بعضهم أنها لا تملك أسباب الحياة فدعوا للبقاء في كنف فرنسا. وقال آخرون - من نفس المنطلق- بالانضمام إلى الاتحاد المالي (اتحاد سنغال ومالي). وقال بعض آخر بالثورة تارة، دون امتلاك شروطها؛ وبالانضمام إلى المغرب تارة أخرى... ثم ما لبثوا أن أعلنوا عليها الحرب. وهذه بعض التفاصيل:

ـ بعض أركان حزب التجمع الحاكم وبعض الزعامات التقليدية عارضوا الاستقلال وتشبثوا بالبقاء تحت فرنسا.

ـ المعارضة بمختلف أطيافها: رابطة الشباب، حزب النهضة الوطنية، حزب الوئام، أمير الترارزه الذي لجأ إلى المغرب.. الخ. عارضوا الاستقلال وشككوا فيه.

ـ أما دعاة الانضمام إلى المغرب من الزعيم أحمدو ولد حرمة والدي ولد سيد بابه إلى بعض قادة حزب النهضة، فقد دعوا إلى حمل السلاح، وساندوا عملية "تگل" وقادوا ونظموا الأعمال المسلحة التي جرت يومئذ في انواكشوط والنعمة.. وغيرهما.

ورغم ذلك كله، فقد رفعت الجمهورية الإسلامية الموريتانية التحدي وكسبت الرهان دولة مستقلة تجمع مكونات وأعراق أرض البيظان وتأخذ بيدها إلى النور والحضارة والرقي، وتبني عاصمة عصرية في الصحراء، وتحقق الأمن والأمان والتواصل في جميع ربوعها، وتنتمي إلى هيئة الأمم المتحدة، وتشترك في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، وتنضم - بعد الجفاء والإقصاء- إلى الجامعة العربية، وترسي قواعد حداثة كان من أهم خصائصها بعد مسيرة شاقة وطويلة:

*    التقشف واحترام المال العام.

*    الفصل بين السلطة والمال.

*   تكريس السيادة الوطنية وحرية القرار.

*   إرساء وتوطيد الدولة في مواجهة الكيانات التقليدية المفككة.

*  وضع أسس اقتصاد وطني واعد قاعدته الانفصال عن قاطرة الاستعمار الجديد وإنشاء عملة وطنية وتأميم البنوك وصناعة استخراج المناجم، وربط شرق البلاد الذي كان معزولا بغربها بواسطة طريق الأمل، وبناء ميناء حديث على المحيط، وتنمية الصيد والزراعة وتربية المواشي.

*   دعم المواد الأساسية (سونمكس) والطبية (فارماريم) واعتماد خطة تدخل لمكافحة آثار الجفاف، وتقسيم القطع الأرضية مجانا على أحياء الصفيح (المقاطعات: الأولى والخامسة والسادسة).

*   تَبَنّي ميثاق وطني تحرري يوسع الديمقراطية، وينبذ استغلال الإنسان للإنسان. (أي محاربة الرق الذي كان منتشرا آنذاك).

ومن أبرز المحطات التي ميزت فصول مسار هذا اليوم لمن جهلها:

 

مخاض الاستقلال ونشوء وبناء الدولة الموريتانية

(يتبع)

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 8 زوار  على الموقع