تَجُوعُ النُّخْبَةُ ولَا تَأْكُلُ بِمَبَادِئِهَا!
الخميس, 06 ديسمبر 2018 15:05

 

المختار ولد داهي، سفير سابق      

altتكاد تكون ثَامِنَةَ العجائب السبع نجوى اثنين أو أكثر من الموريتانيين الحادبين على البلد من غير أن يتبادلوا الحسرة والحيرة على "المستقبل الاجتماعي" المُحَيِّرِ للوطن في ظل غياب "مُمَهِّدَاتِ" ومبشرات يقظة نخبوية خالصة تَلِدُ مشروعا مجتمعيا إصلاحيا مجددا، جريئا وعاصما..

وتزداد الحسرة وتترسخ الحيرة تناسبا مع ارتفاع درجة استيعاب مخاطر ارتدادات "إرث التفاوت الشرائحي المُفَخَّخِ" و"تراكمات" بَغْيِ "الخلطاء العرقيين" بعضهم على بعض، وانعكاسات "تقاليد التباين التنموي المناطقي" وصدمات "الخيبة المخيفة" للمدرسة الجمهورية التي هي الخلية الأولي للمواطنة..

ويُعتقد على نطاق واسع أن خصوصية "السؤال الاجتماعي الموريتاني" المتمثلة في إشكالية التعايش العرقي و"عُضْلَةِ التجاذب الشرائحي" داخل كل عرق على حدة تجعل كل "الأجوبة السياسية" المتوفرة في "السوق" والمشهد الوطني وَاقِعَةً تحت سقف الجواب المناسب أو الأنسب!! 

وخلاصة ما جادت به قريحتي هو أن الجواب  الأنسب للسؤال الاجتماعي الموريتاني يجب أن يأخذ شكل "حركة إصلاح مجتمعي" تَكْنِسُ مجمل القواعد والمسلكيات والعادات المُحَرِّضَةِ "للاحتقان الشرائحي والعرقي" وتُعيد تأسيس العقد الاجتماعي الوطني على ثلاث ركائز آكَدُهَا وأولها "المساواة الاجتماعية" بِطَعْمِ التمييز الإيجابي للشرائح الأقل حظا، وثانيها ترسيخ الديمقراطية الحَقيقية، وثالثها إرساء العدل الصادق.

ويصابُ كثير من الموريتانيين بشيء من اليأس والقنوط من قرب ميلاد حركة الإصلاح المجتمعي المطلوبة بفعل عوامل عديدة منها تجذر الكوابح الاجتماعية الرجعية و"المَصَالِحِيَّةِ" الضيقة وتناقص عدد النخب الوطنية القادرة على تصور وتمثل وتسويق مشروع الإصلاح المجتمعي.

أضف إلى العاملين آنفي الذكر شيئا من "هَوَانِ" جمهور ما هو متوفر من النخب علي نفسه وعلي الرأي العام، وإصابته "بالردة الفكرية" بفعل تراجع قيم التضحية و"المَبَادِئِيَّةِ" والصبر علي نَصَبِ ولُغُوبِ طريق التغيير والتطوير الاجتماعي في مقابل شيوع وفُشُوِّ "خَوَارِمِ المروءة النخبوية" من كفران المبادئ وحِرْبَاوِيَّةِ المواقف وحب العاجلة السياسية والإدارية..

وقد أدت "الردة" الموصوفة سابقا لجمهور النخبة إلى لجوء "الفرقة الناجية" من النخب إلى البَيَاتِ والجمود والاستقالة التامة من الشأن العام كردة فعل على التمييع و"معاقبة الكفاءة" وتَدْلِيعِ وتَغْنِيجِ كل من الدولة والمجتمع طيلة الخمسينية الماضية "للنخب المغشوشة" ناقصة العقل والتربية والتعليم والدين!!

وما من سبيل إلى قيام حركة إصلاح مجتمعي إلا عبر استعادة النخب الخالصة لأَلَقِهَا، وتصالحها مع المجتمع، وعودتها سِيرَتَهَا الأولى تَوَثُّبًا وتضحية وإيثارا وصبرا.. ذلك هو الطريق الأوحد لتلافي "المؤشرات البرتقالية الناضجة"  (feu orange bien mûr)لتصدع الدولة والمجتمع وما عداه من المشاريع السياسية بُنَيًّاتُ طريق..

ويُلَخِّصُ كل هذه المعاني والمرامي حول استعجالية تصالح النخبة مع مستعجلات الوطن ما استقر في  مستودَع قَصِيٍ من قلبي يوما حين سمعت من أحد نبهاء وحكماء البلد جَهْرَهُ بأن المجتمع الموريتاني يعاني "أزمة كِلْيَانِيَّةِ النخبة" وأنه لا أمل في التغيير والإصلاح وصد المخاطر المجتمعية التي أَظَلَّ زمانها إلا بخلق أو إحياء "نخبة تجوع ولا تأكل بمبادئها".

 

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 2 زوار  على الموقع