العلامة محمد سالم عدود رحمه الله
يا مولدَ الميــــــــمونِ في الأكـــــوان ** يا مولدَ المختارِ من عــــدنــــانِ
يا مولد التاريــــــــخ والأخــــلاق والـ** إيمان والإســــلام والإحــــسان
حييت من عــــــــــهد جديد لم يــــزل ** يحييه ما يتــــــعاقب المــلَوَان
ألف مضى وخلت مئات أربـــــــــــع ** وأتت ثلاثون انقـضت وثـماني
يا مولدَ العرب الذي أعلى لــــــــهم ** صيتاً تَقَاصَرَ دونــــه القــمران
يا مولد العهد الذي شهــــــــدت به ** نورَ الوجود كرامةُ الإنـــــسان
قد كان قبلك حائـــــراً متــــــــردداً ** متحكماً فيه الهوى الحــــيواني
الشرك في أرض العــــروبة شائع ** والغيب ملتمَس لدى الكُــــهَّان
والبنت تُوأد والســـــــوائب تتقى:** حكمان في الإنصاف منعكـسان
والناب تُعقر والكــــــريم بواؤها ** والحرب تسعر أن جرى فرسان
بكر وتغلب شاهــــــدون بذلــكم ** كشـــــهادة العبسي والـــــذبياني
والمشرق العجمي يركب رأسه ** جهـلاً فيـــــــــــعبد موقد النيران
والجانب الغربي فيه عـــــوائد ** وُرِثت عــــــن السُّرْيان واليونان
وعقائدٌ وثنــــــية لعــــبت بما ** قد كان ورَّث أهــــــله العـــــهدان
عسف الملوك على الجسوم مصيطر ** يقتادها بضراعة وهــــوان
والوهم يعبث بالعــقول ملبِّساً ** بخرافة الأحــــــــــبار والرهـــبان
والجهل في أهل الشمال مخيم ** تخييمه بمــــــــــناطق السـودان
والحق شيء ضائع متفــــقَّد ** متـــــــطلَّب عبثاً بـــــــــكل مكان
زيد بن عمرو دائب متعـطش ** دأباً يقصر عــــــن مدى سلمان
ويرى ابن نوفلٍ النميرَ فيرتوي ** ويعافه الثقفي ذو الخـــسران
فأتى النبي الهاشمي محمد ** فقضى على الأوهام والأوثــــــان
وأقام أول وحدة عــــربية ** ضـــــــمت تبوك إلى خليج عُمان
أضحت نواةً لاتحاد شامل ** ما بين أنـــــــــــدلس إلى سيلان
كانت ممالك لا تناهى كثرة ** طبعت بطابع دولة القـــــــــرآن
إذ أفرغت في قالب من حكمه ** مصـــهورة بحرارة الإيمان
لكنهم ـ والحق مرٌّ ـ أصبحوا ** يتطاولون تطاول الأقــــران
متنافري الأهواء بعد تآلف ** متنازعين زعامة البــــــلدان
فتمكنت أعداؤهم في أرضهم ** حتى يهودُ يخافها الحرمان
يا مسلمون تعوّذوا بالله من ** غيِّ النفوس وفتنة الشيطان
عودوا لما كنتم عليه يَعُدْ لكم ** ما فاتكم من عزة السلطان
أحيُوا طريق نبيكم وتداركوا ** بنــــيانه المتداعيَ الأركان
لا يلبث البنيان بعد بُــــناته ** ما لم تَحــطه رعاية السكان
صلوا عليه وسلموا وتطلبوا ** في حفـــظ ملته رضا الرحمن
صلى عليه وسلم الرحمن ما ** هب النسيم فماس خوط البان
وعلى ذويه وصحبه ونسائه ** والتابعين لهم على الإحسان.