يوم من التجول في مكتسبات العشرية
الأربعاء, 07 أبريل 2021 21:50

 

محمدو ولد البخاري عابدين    

altأشرف الرئیس محمد ولد الشیخ الغزواني الأربعاء الماضي في مدینة تنبدغه على معرض للثروة الحیوانیة، وقد كان كل ما تم عرضه في هذا الیوم من مكتسبات "عشریة الفساد" أو "العشریة السوداء" أو "عشریة التدمیر" حسب الخصوم الشخصیین لقائد هذه العشریة الرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز، وعشریة نقلة النماء والاستقرار حسب الرئیس محمد ولد الشیخ الغزواني نفسه یوم تنصیبه؛ مستشهدین بقوله: "كما أن السیاق التاریخي لهذه اللحظة یستوجب مني أن أسجل - نیابة عن الشعب الموریتاني وأصالة عن نفسي- شهادة للتاریخ في حق أخي وصدیقي فخامة الرئیس محمد ولد عبد العزیز الذي ستحفظ له الذاكرة الجمعیة الوطنیة ما حقق للبلاد من إنجازات تنمویة شاهدة ومن مكاسب سیاسیة ودیمقراطیة رائدة؛ فقد شكلت بحق فترة قیادته لبلادنا نقلة نوعیة في معركة النماء والاستقرار بالنظر إلى ما حقق فیها من إنجازات بنیویة عملاقة وما اختتمها به من احترام للدستور وعبور بوطننا الغالي إلى بر الأمان. فله منا جمیعا التهنئة الخالصة والشكر المستحق."

وهكذا نجد أن الرئیس تجول لیوم كامل في هذه المكتسبات الماثلة التي لا تمثل معروضات هذا المعرض إلا جزءا یسیرا منها؛ وبالذات ما یخص التنمیة الحیوانیة من تلك المكتسبات، حیث كان كل جناح من أجنحته یمثل بنیة قائمة من بنى تطویر وعصرنة الإنتاج الحیواني، ولنلق نظرة على تلك المعروضات وسنجد أنها كلها كانت ترجمة ونتیجة لسیاسات رسمت، وحصیلة لمشروعات قامت خلال العشریة الماضیة.

* فمصنع الألبان في النعمه الذي عرضت منتجاته وآفاق توسیعه وتطویره هو من مكتسبات العشریة الماضیة.

* وأجیال الأبقار المحسنة وراثیا ذات الإنتاج المضاعف من الحلیب، وذات النضج التزاوجي المبكر، وذات العجول المضاعفة الأوزان هي من إنتاج محطات التحسین الوراثي التي توزعت في الولایات الرعویة خلال العشریة الماضیة.

*ومعروضات التعاونیات من أنواع منتجات الألبان ومشتقاتها هي معروضات من إنتاج الوحدات الخفیفة لصناعة الألبان التي استلمتها كل من وزیرة التنمیة الریفیة لمینه بنتالقطب ولد اممه، ووزیرة البیطرة فاطمه فال بنت اصوینع من منظمة "الفاو"والمنظمة العربیة للتنمیة الزراعیة خلال العشریة الماضیة، وتم توزیعهما في المناطق والقرى لإنتاج الألبان ومشتقاتها من قطعان المجترات الصغیرة والأبقار.

* والمعروضات من الأعلاف الخضراء في صورة "سیلاج" التي هي أعلاف نباتیة معالجة كیمیائیا ومحفوظة في صورتها الطازجة الخضراء، أو في صورة "خرطان" التي هي أیضا أعلاف نباتیة ولكنها مجففة ومحتفظة بقیمتها الغذائية؛ فهذه الأعلاف هي من إنتاج مزرعة الأعلاف في مقاطعة انبیكة لحواش التي استحدثها الرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز وأقام فیها مزارع للخضروات والأعلاف الخضراء بنظام الري المحوري.

*والمشروع الجهوي لدعم النظام الرعوي في الساحل (PRAPS)الذي یساهم في جانب من تدخلاته في تطویر الثروة الحیوانیة هو مشروع وقع وزیر الاقتصاد والمالیة السابق المختار ولد اجاي اتفاقیة تمویله مع الوكالة الدولیة للتنمیة في 8 /02/ 2018 وانطلقت تدخلاته سنة 2019.

 *ومشروع تعزیز القدرات لمجابهة انعدام الأمن الغذائي في الساحل بموریتانیا هو مشروع بتمویل من البنك الإسلامي للتنمیة انطلقت نشاطاته في 14 /3/ 2016 ویتدخل في الاستصلاحات الریفیة على مستوى ولایات گورگول وغیدي ماغا، واستصلاح وحدات إنتاج الخضروات ودعم الأعلاف وحفر الآبار الارتوازیة ودعم الأسر الضعیفة وتزویدها برؤوس الحیوانات الحلوبة بغیة تثبیت السكان المستهدفین في أماكنهم الأصلیة.

*كما كانت حاضرة في المعرض منتجات مصنع تمور موریتانیا الذي افتتحه الرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز في أطار یوم 27  /8/ 2018 .إلى غیر ذلك من الأجنحة والمعروضات المجسدة لما حققته العشریة من إنجازات ومكتسبات في مجال الإنتاج الحیواني والمجالات الأخرى الخادمة لتطویره وزیادة مردودیته.

* وحتى الجناح الخارج عن إطار موضوع المعرض، أي جناح الشركة الوطنیة للكهرباء، وما قدمه وزیر الطاقة من توسعة للشبكة الكهربائیة غربا باتجاه تنبدغه، وشرقا باتجاه انبیكة لحواش، وجنوبا باتجاه آمرج وعدل بگرو سیكون انطلاقا من المحطة الكهربائیة الهجینة بقدرة 78.5 میغا وات التي دشنها الرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز في مدینة النعمه یوم 27 /11/ 2018 بمناسبة الذكرى 58 لعید الاستقلال الوطني.

وقد عبر الرئیس محمد ولد الشیخ الغزواني في حدیثه أمام سكان تنبدغه عن إعجابه بما شاهده خلال هذا المعرض قائلا: "لا  أخفي عنكم أن ما اطلعت علیه الیوم في هذا المعرض من مشروعات وبُنى وورشات أعطاني أملا كبیرا في قدرتنا على تثمین ثروتنا الحیوانیة".

والحقیقة أن من یتحدثون دوما عن تطویر ثروتنا الحیوانیة، ویتساءلون لماذا لا نكتفي من الألبان، ولماذا لا نصدر اللحوم، لا  یضعون العربة أمام الحصان فحسب؛ بل یضعونها أمامه وعلى مسافة كبیرة منه.. فهم أنفسهم من یساءلون لماذا لا نصنع  حدیدنا ونصدره مكورات بدل تصدیره خاما! ولماذا لا نصنع أسماكنا ونصدرها تونه وسردینا! وهم أنفسهم الذین یرددون تلك المغالطة الكبیرة ویقولون: "بلاد غنية وشعب فقیر" وهم في الغالب إما أناس بسطاء لا یدركون أولویات ومراحل ومقومات التنمیة، أو سیاسیون یستغلون تغفيل البسطاء بغیة استمالتهم وتثویرهم على الأنظمة والحصول على أصواتهم، فیقولون لهم بلادكم غنية وقادرة على التكفل بحاجیات كل فرد منكم وهو نائم في فراشه. فقط لا یوجد من یهتم بكم ونحن القادرون على ذلك!بینما الواقع أن بلادنا، بالمفهوم العصري والحقیقي للغنى القومي للدول، لیست بالغنية ولا هي بالقریبة من ذلك، وقد قلنا ذلك مرارا وقاله غیرنا من الواقعیین العارفین بمعنى ومحددات غنى الدول وفقرها.

فبالله علیكم كیف یمكن تطویر ثروة حیوانیة أو معدنیة أو سمكیة أو زراعیة.. بل كیف یتم تطویر وتثمین أي إنتاج، أو قیام صناعة، أو خلق تشغیل، أو تطویر صحة أو تعلیم، دون خلق مقومات لذلك أولا، وفي مناطق كان بشرها قبل مواشیها - وإلى وقت قریب- یتصایحون عطشا، وتنعدم فیها الشبكات الكهربائیة، ویتطلب السفر بین مدنها ومناطق إنتاجها أیاما بسبب العزلة وانعدام المواصلات!

نعم نكتفي ذاتیا من اللحوم الحمراء بینما نستورد الألبان ومشتقاتها، لكن لماذا لا تطرحون السؤال على أنفسكم.. لماذا؟! إن السبب في ذلك هو أن الاكتفاء من اللحوم الحمراء لا یتطلب ما یتطلبه الاكتفاء من الألبان، فقط رؤوس مواش یتم جلبها من الریف إلى المدن لیتم ذبحها وتوزیعها في الأسواق في نفس الیوم، بینما لا بد للاكتفاء من الألبان من سلاسل إنتاج لا یمكن أن تقوم دون بُنى تحتیة من طاقة لتشغیل المصانع وحفظ الإنتاج، ولا بد لها من میاه وفیرة ومستدیمة للمواشي نفسها وللتصنیع، ولا بد لها من شبكات طرق لنقل الحلیب في ظروف جیدة إلى مناطق التصنیع ونقل الإنتاج إلى مناطق التسویق، ولا بد لها من نمط تربیة حیوانیة قائم على الحظائر المستقرة طوال العام، ولا بد لذلك الاستقرار من ظروف وشروط تقوم على توفیر أعلاف صناعیة  أو خضراء تغني القطعان عن التنقل والترحال بحثا عن المراعي، مع العنایة الفائقة بصحة الحیوانات حتى تكون منتجة أولا، وحتى یكون إنتاجها صحیا ثانیا، وحتى یمكن الحدیث عن تصدیر إنتاجها ثالثا!

وهذه الظروف والبنى التحتیة من طاقة ومیاه ومواصلات لم تكن متوفرة في هذه المناطق قبل الیوم، والیوم فقط، وبعد وضع هذه المقومات بهذه المناطق، أصبح بإمكاننا الحدیث عن تثمین هذه الثروة وتطویرها وقیام صناعات على إنتاجها إذا استكملنا، أو عملنا على ما لا یزال عائقا لذلك، من إقامة الحظائر المستقرة، وتوفیر الأعلاف الجیدة، والعنایة بالصحة الحیوانیة، والتوسع في برنامج تحسین السلالات، هذا البرنامج الذي سمعت وزیر التنمیة الریفیة یقول، ربما طبقا لعادته في تبخیس كل ما وجده أمامه للظهور بأنه الآتي بما لم تستطعه الأوائل.. سمعته یقول إنهم سیلجؤون بدل التحسین الوراثي في الحظائر إلى جلب الطلائق (الثیران) من الخارج وإطلاقها في الأبقار المحلیة، ولا أعرف إن كانت تلك الطریقة ستعطى نتائج، فأولا الهدف من عملیات التحسين الوراثي للأبقار هو إنتاج سلالات تأخذ صفات الإنتاجیة العالیة من الحلیب واللحوم من جینات السلالات الأجنبیة، وتأخذ في نفس الوقت صفات تحمل الظروف المحلیة من جینات السلالات المحلیة المتكیفة، وجلب طلائق أو ثیران تربت في بیئات مختلفة؛ لتجد نفسها في ظروف أخرى لن یكون مضمونا من جهة. ومن جهة أخرى فإن عملیات التحسین الوراثي للمواشي تتم - وفي كافة أنحاء العالم- في حظائر عن طریق أخذ النطف من الطلوقة (الثور) الحامل للصفات الوراثیة الجیدة واستخدامها في تخصیب أبقار معدة لذلك ومتابعتها غذائیا وصحیا طیلة فترة الحمل؛ وهو ما سیكون من الصحب تحقیقه في ظروف الرعي المفتوح؛ خصوصا في ظروف الرعي السائد في بلادنا والنقص الكبیر في الخبرة والأطقم البیطریة المدربة.

لا بد كذلك من التوسع في برنامج زراعة الأعلاف الذي بدأ الاهتمام به خلال العشریة الماضیة، وهناك مشروع یتم الحدیث عنه منذ سنة 2017 هو مشروع قناة لبراكنه الذي سیربط بحیرة ألاگ بالنهر؛ والذي - في حالة تنفیذه- سیمكن من ري عشرات آلاف - أو مئات آلاف- الهكتارات من الأراضي الصالحة في السهل الممتد بین بوگي وألاگ، وینبغي التركیز في هذا المشروع على زراعة الأعلاف الخضراء لكون ولایة لبراكنه تؤوي ثروة حیوانیة معتبرة؛ خاصة من الأبقار، علاوة على أنها تتوسط الولایات الرعویة وبإمكانها أن تصبح مركزا لإنتاج وتوزیع الأعلاف الخضراء غربا لولایة اترارزه، وجنوبا لولایتي گورگول وگیدیماغا، وشرقا لولایات لعصابه والحوضین، ولن تعطي كل هذه الجهود نتائج تصب في هدف تطویر وعصرنة الإنتاج الحیواني إلا بالعمل على تغییر عقلیات المنمین، ذلك التغییر الذي لن یتحقق بانتظارنا له إلى أن یتحقق من تلقاء نفسه؛ بل لابد لتحقیقه من قرارات "ثوریة" تشعر المنمین أنه لا یمكنهم الخلط بین المطالبة بتطویر وتثمین ثروتهم، وفي نفس الوقت التمسك بأنماط تربیتهم  التقلیدیة؛ فالمثل یقول إنك عندما ترقص مع الأعمى فلا بد لك من أن تلمسه لكي یشعر بأنك تراقصه..

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 8 زوار  على الموقع