عندما كانت موريتانيا مثالاً للشّعوب!
الاثنين, 08 أكتوبر 2018 07:53

 

يوحنا أنور داود*     

altما زال بعضنا في الوطن العربي لا يدرك معنى أن تكون الدّولة ديمقراطيّة والسّلطة الحاكمة منتخبة من الشّعب. ببساطة الدّيمقراطيّة في أيّة دولة هي ضمانة العالم الحرّ للتّعامل مع هذه الدّولة؛ سواء سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا.

فمهما كانت الدّولة صغيرة مساحة أو تعدادًا تحوز على اهتمام العالم إذا كانت ديمقراطيّة لأنّها تمثّل بوضوح كلّ شعبها وليس مجموعة أشخاص قابضين على السّلطة بالقوّة!

ولا شكّ أنّ موريتانيا، هذه الجمهوريّة الإسلاميّة الواقعة أقصى شمال غرب إفريقيا على المحيط الأطلسيّ، المجهولة حقيقة لكثيرين، عاشت هذه اللّحظات "في بؤرة اهتمام العالم". بل كانت مثالًا يحتذى به لجيرانها من الدّول العربيّة والإفريقيّة! وذلك بعد انقلاب أغسطس (آب) 2005 الذي أطاح بحكم استمرّ أكثر من 20 عامًا للرّئيس الأسبق معاوية ولد الطّايع، الذي قاده العقيد الراحل اعلي ولد محمد فال.

لقد تعهّد هذا الأخير آنذاك بتسليم السّلطة للشّعب في غضون عامين بعد إعداد الدّستور وتنظيم انتخابات محليّة ونيابيّة ورئاسيّة تعهّد أن لا يخوضها هو أو أحد أعضاء المجلس العسكريّ الحاكم آنذاك!

خاصة في الفترة من مارس (آذار) 2007 حتى انقلاب أغسطس 2008 المشؤوم. عندما ترجمت أقوال وتعهدات المجلس العسكريّ الحاكم إلى أفعال، وانتخب الرّئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله باعتباره أوّل رئيس جمهورية مدنيّ منتخبًا انتخابًا حرا مباشرا في الوطن العربي.

وسوف أنشر في ذيل هذه المقدمة مقتطفات من مقالة تمّ نشرها في إبريل (نيسان) 2007 في القاهرة في جريدة "المصريّ اليوم" أوسع الصّحف المستقلّة انتشارًا في مصر. كتبها الكاتب وعالم الاجتماع المصري الشهير د. سعد الدين إبراهيم، مؤسس ورئيس مركز ابن خلدون للدّراسات الاجتماعيّة بعنوان "أيّها الحكام العرب خذوا الحكمة من موريتانيا". يحكي فيها عن مقال كتبه عن موريتانيا في مجلة "انيوزويك" الأمريكيّة الشّهيرة.

هذا المقال وإن احتوى على بعض الأخطاء الاسميّة مهدى إلى من يحاول انتهاك الدّستور الموريتاني وتعديله. ممّا يسمح بمأموريات رئاسية أخرى للرّئيس محمد ولد عبد العزيز!

"الأكثر إثارة ومدعاة للإعجاب هو ما يحدث في موريتانيا في العامين الأخيرين؛ وخاصة هذا الأسبوع.

شهدت موريتانيا سلسلة من الانقلابات العسكرية، كان آخرها قبل سنتين، بقيادة العقيد ولد محمد فال، فإن مجموعة من صغار الضباط، الذين كونوا فيما بينهم مجلسًا عسكريًا حاكمًا. ولكنهم بعكس الانقلابات السابقة، أعلنوا وتعهدوا أن ينتقلوا ببلدهم (موريتانيا) إلى حكم ديمقراطي حقيقي، من خلال انتخابات نزيهة، تحت مراقبة دولية. أكثر من ذلك، أعلنوا وتعهدوا أن لا يخوض أي من أعضاء المجلس العسكري الحاكم الانتخابات على أي مستوى (محلي، أو نيابي، أو رئاسي). كما أنهم لم يخلعوا الزي العسكري، ويرتدون الزي المدني للتمويه، ودخول السياسة من أبواب خلفية أو جانبية.

والجدير بالذكر والتنويه والإعجاب هو أن العقيد ولد محمد فال قد أوفى بتعهده للشعب الموريتاني والعرب والعالم. فقد رفض بإصرار قاطع أن يرشح نفسه لأي منصب، وحذا حذوه بقية أعضاء المجلس العسكري الحاكم. وقد شهدت موريتانيا بالفعل ثلاث حالات انتخابية متتالية في الشهور الأخيرة: بلدية (محلية) ونيابية، ثم رئاسية، مع ظهور هذا المقال (10 مارس 2007). وهرع مراقبون دوليون، من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات حقوقية أخرى إلى انواكشوط، العاصمة الموريتانية، لمراقبة تلك التجربة النادرة عربيًا؛ فهذه هي المرة الثانية فقط، في التاريخ العربي الحديث التي يعد فيها عسكريون انقلابيون بالتخلي طواعية عن الحكم لحكومة مدنية، يتم انتخابها ديمقراطيًا. أما المرة الأولى - والتي ظلت يتيمة إلى تاريخه- فقد كانت في السودان، حين فعل الشيء نفسه رجل عسكري نبيل هو الفريق عبد الرحمن سوار الذهب.

وها هو نموذج ثان من موريتانيا، هو العقيد ولد محمد فال وزملاؤه. فسلام عليهم وتحية إكبار وإجلال لهم، ودعواتنا أن يبارك الله في موريتانيا، وأن لا تنتكس تجربتها العظيمة، كما انتكس السودان الشقيق. وحبذا لو أخذ بقية العرب الحكمة هذه المرة من موريتانيا".

وهذا جزء صغير من الصورة التي كان يرى بها العالم موريتانيا في ذلك الوقت.

* صحفي مصري

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 1 زائر  على الموقع