في ذكرى أغسطس المجيد..
الثلاثاء, 03 أغسطس 2021 07:03

alt"إن كان يوليو في الشهور كبا بنا ** فشفيع يوليو في الشهور [أغسطسُ]"

مفدي زكريا           

 

أيها القارئ الكريم؛

تطل علينا اليوم ذكرى يومين مجيدين من تاريخنا المعاصر؛ هما الثالث من أغسطس 05 والسادس منه 08، وما أدراك ما هما؟

وبما أن الموريتانيين متهمون في تيههم القريب بضعف الذاكرة - أو فقدانها- وبالتحجر الفكري، فقد رأينا ضرورة أن نخلد هذين اليومين ونميط عنهما لثام النسيان وننفض عنهما ما تراكم عليهما من غبار الجحود ونبرز جوهرهما الكريم، وذلك بإعادة نشر أهم ما شاركنا به يومئذ من نصوص سعت إلى إبراز وتشخيص تلك الظاهرة الغريبة التي لم يعرف الموريتانيون لها مثيلا من قبل؛ ألا وهي: انقلاب تقدمي لصالح الشعب يطيح بالطغيان المعشش الراسخ، ويفتح أبواب التغيير والإصلاح على مصاريعها في موريتانيا ومحيطها، ويخرج الحي من الميت!

إن انقلاب الـ3 أغسطس الذي شكل انكسار أضعف حلقة في النظام الاستعماري الجديد الأمريكي الصهيوني يوم جرى في ظل أزمة سياسية حقيقية زاغت فيها الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وامتلأت السجون وساد الاحتقان والانسداد وانشق الجيش وانعدم الأمن الداخلي والخارجي، فاجأ الموريتانيين والعالم من حولهم، فأنكره بعض وظنوه مجرد وصلة في سلسلة الانقلابات العبثية على الشعب التي دشنها العاشر من يوليو وتجري من وقت لآخر صراعا على السلطة والمصالح والامتيازات بين ضباط مغلوبين على أمرهم لا يحملون مثقال ذرة من هم الوطن.. فصدوا عنه وشككوا فيه. في حين اعتبره آخرون ثورة وانخدعوا به وانخرطوا فيه عزلا دون تحفظ إلا من رحم ربك. وحدهم المفسدون والمترفون الذين تضررت مصالحهم وأصابهم الفزع والهلع أدركوا كنه ذلك الحدث فلم يضيعوا وقتا أو يدخروا جهدا وسارعوا إلى تبديل جلودهم واللحاق بالركب للانحراف به عن غاياته، وقد نجحوا في ذلك حين كسروا إرادة التغيير وسيطروا على البرلمان وجاؤوا برئيس ضعيف وبحكومة من الماضي وأسسوا حزبا!

لذا كانت مقالات مثل: "رسالة مفتوحة إلى فجر يوم أغر" و"إذا جاءك المنافقون" و"حتى لا نركع مرة أخرى 2" و"انقلاب 3 أغسطس طبيعته وآفاقه المنظورة" و"لماذا يفشل الموريتانيون حيث نجح الآخرون؟" و"ما هكذا يا قوم تورد الإبل". وذلك ردا على جمود وأوهام وجشع أولاء وأولئك وهؤلاء.

ولكن روح الـ3 أغسطس التي احتضنها الشعب تمردت ورفضت الاستسلام فخرج من قمقم الردة أقوى وأصلب يوم 6 أغسطس! سموه انقلابا على الشرعية، وقاوموه باسم الديمقراطية والحرية والثورة والربيع العربي، ولكنه انتصر على جميع التحديات ونجح في بلوغ جل مراميه! وكانت النصوص التالية: "انقلاب عاشر في موريتانيا... "كيف تحول الحلم إلى كابوس؟" "ضد التيارين".. "هنيئا للمخلدين".. "محمد ولد عبد العزيز ظاهرة لا يمكن تجاهلها".. "ما جرى في صبيحة 6 أغسطس 08 كان انقلابا على الانقلاب" "معالم في طريق الغد".. "إلى أحرار موريتانيا".. "قهوة أنفاس".. "الرحيل.. لماذا، وكيف، وإلى أين؟"    

 

نصوص متعددة سوف ننشرها تباعا ضمن ملف عن هذه الذكرى، راجين أن تساهم في تسليط الأضواء على التجربة الإصلاحية الراهنة وأن تساعد في تقييمها وتطويرها نحو الأفضل.

"إذا جاءك المنافقون"

رسالة إلى من يهمه الأمر

هذه رسالة قديمة جديدة.. وجهتها إلى رئيس المجلس العسكري للعدالة فعادت إلي لخطأ في العنوان، ووجهتهاإلى الرئيس المؤتمن فلم أدر هل طارت أم نزلت. ولما وجهتها إلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز قرأها وعمل ببعضها. وها أنا أوجهها إلى فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لعل وعسى!

 

سيدي؛

ليتنا نستطيع أن نخاطبك، بعد سنين وقد أنجزت ما وعدت، بما خاطب به متنبي عصرنا جمالا:

"دخــلت على تاريخنا ذات ليلــة**فرائحة التاريخ مسك وعنبـر

وكنت، فكانت في الحقول سنابل**وكانت عصافير وكان صنوبر"

نتمنى ذلك! ولكنه صعب، جد صعب في أرض زرعت نفاقا.. فشياطين الإنس الذين احترفوا إغواء الحكام، ومسخ المجتمع،واستباحة الشيء العام،من يوم انهيار الدولة بمعاولهم، ومجيء العسكر إلى الحكم على أكتافهم، وارتمائه في أحضانهم، هم أسوأ بكثير، وأعتى بكثير، من شياطين الجن! ومن المستحيل إخراجهم ممن تلبسوه؛ لأنهم يملكون الدولة والحيلة والتجربة الطويلة، وما وهبته التكنولوجيا للبشر من وسائل.. وكلها أمور لا تتوفر لشياطين الجن البائسين السذج البدائيين الذين يعيشون في الفيافي والخرائب والقمامات!

كم كان الراحل معاوية بسيطا وطيبا وودودا يوم قدومه في 12/12، لحد أنه أعرض جازما عن طلاسم الولاء والمدح التي نخر بها المنافقون كافة الحكام. وما زاغ {فقال أنا ربكم الأعلى} إلا بعد أن استحوذوا عليه وتلبسوه.

سيدي؛

هذه المسيرات الهادرة المحمولة التي خرجت لتحيتك فور إعلان بشرى قدومك هي نفس المسيرات التي حيّت سلفك، خاصة يوم 9/6/03 بعد إذاعة بيان استتباب أمره، وبلغت حد الوقاحة حين رددت شعارات: "موريتانيا لمن؟ لمعاوية"! "الشعب لمن؟ لمعاوية"!

* فالوجوه: نفس الوجوه التي زينت للرئيس المختار - رحمه الله- دخول الحرب، وحالت بينه وبين السلام، ومنعته من التنحي عن السلطة إبان مؤتمر حزبه الأخير؛ والتي أغوت ولد محمد السالك، وقتلت بو سيف، ووسوست لولد هيداله، وقالت لمعاوية: اكفر...

* والأيدي التي لوّحت لك بأغصان الزيتون: هي نفسها التي خرّبت الدولة، واغتالت الحق والخير والقيم في بلاد شنقيط، واختلست أرزاق وأدوية الشعب، وصفقت للطغيان والبغي والفساد.

* أما السيارات الفارهة التي عزفت منبهاتها نشيد الولاء الزائف، فما هي إلا مال عام تم تفريده وتناهشه دون رقيب أو حسيب!

سيدي من يهمه الأمر؛

خروج المنافقين إليك، جعل شعبك يرتاب فيك، و يبقى رهن مساكنه، يلوذ بصمته الفتاك المأثور، خلف جدار الفصل الذي ضربه المنافقون بينه وبين حكامه. وها هو ينتظر ـ على طريقة "أهل التل" ـ أن تختار صاحبك!

سيدي؛

أجئتنا لتقيم العدالة والديمقراطية؟ هذه معالم طريقهما:

ـ أوقف مسيرات النفاق الزائفة! وافسح المجال للشعب.

ـ اهدم جدار الفصل القائم بينك وبين الشعب.

ـ انظر إلى شعبك بعينيك لا بعيون المنافقين!

ـ طهر وسائل الإعلام الموبوءة بالفساد والنفاق!

لا نريد المعاوية بدون معاوية!

نشر في "السفير" العدد 162 الأربعاء 17 أغسطس 2005

(من كتاب "حتى لا نركع مرة اخرى")

 

 

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع