| من مفاتيح النجاح وعوامل الفشل |
| الخميس, 08 فبراير 2018 07:34 |
|
الحسن ابن مولاي علي
ثم واصل المسِنُّ الجزائري هذيانه الخافت، ضاغطا على بعض ألحروف بصعوبة، ليبين ويشرح السبب كما يراه؛ قال: "نعم.. كيف لا وقد كان شغلنا منذ الاستقلال، أن نردد نشيد "تحي الجزائر" على أنغام المارش العسكري، فيما غض إخوتنا في تونس، من أصواتهم، والتزموا الصمت عاكفين على الدراسة والتعليم، فنجحوا وفشلنا! كررها مرات قبل أن يعود إلى غفوته! ولا أخفيكم أن عبرة الشيخ الجزائري وحسرته، قد اجتاحتني وخنقتني، مع موجة خجل من نفسي؛ فهو كأنما كان يتحدث عني، فبلواي وإياه واحدة، وعن بلادي، فبلواها وبلوى بلاده واحدة أيضا! ذكرني هذيان الشيخ الجزائري، على سرير مستشفى في تونس، وبين نزلائه من دول الفشل المحيطة بها، إحدى قصص النجاح والفشل، وردت في مذكرات الوزير الأول التونسي الأسبق محمد مزالي؛ فخلال زيارة للعقيد القذافي إلى تونس، عرض فيها على بورگيبه حلقة من أفكاره الغبية حول الاندماج، وفي حديث مفتوح بينهما على كل الموضوعات نصح القذافي بورگيبة بالتراخي في النهضة التعليمية التي كانت الشغل الشاغل لتونس يومها، محذرا إياه من ثورة شعب متعلم؛ فكان جواب بورگيبة له: "لَثورةُ شعب متعلم واع، أحب إلي من ثورة شعب من الغوغاء الجهلة". انتهى الاستشهاد. ثم دار الزمن، فثار الشعب الذي علَّمه بورگيبه، على خليفته الفاسد بن علي، فألقاه خارج اللعبة بأقل التبعات، وبقيت تونس؛ ثم ثارت الجماهير التي أمعن القذافي فيها تجهيلا وتعذيبا وتقتيلا وتهجيرا، فجرفت ثورتها الدكتاتور ودولة ليبيا معا. |
