| الرهان الخاسر |
| الجمعة, 18 أغسطس 2017 07:15 |
|
إسماعيل محمد خيرات
وكانت عبارة د. جيفري ساكس المعروفة "إفريقيا ليست فقيرة لأن حكامها دكتاتوريون؛ بل إن حكامها دكتاتوريون لأنها فقيرة" هي في الظاهر التي قلبت موازين الفكر التنموي - أخيرا- رأسا على عقب.
قدم ساكس أمثلته وحججه الكثيرة على رؤيته.. مثلا سنغافورة هي واحدة من أسرع دول العالم نموا، وهي مع ذلك ليست دولة ديموقراطية، وكذلك أغلب النمور الآسيوية، وفيما عدا بوتسوانا لم تحقق أي دولة إفريقية ازدهارا بالرغم من التمارين الديموقراطية الكثيرة؛ الصالح منها والطالح.. انتصرت بشكل ساحق حين اعتمدت أخيرا أهداف التنمية المستديمة كرؤية عالمية سنة 2015 وجاءت خالية من أي توصية حول الديموقراطية، وقد استمعت لإحدى محاضرات د. ساكس حين سئل عن علاقة التنمية المستديمة بالديموقراطية فقال: ليست للتنمية المستديمة علاقة بنمط الحكم ولا بشكله. صحيح أن المناط عندنا هو بآليات الحكم الرشيد؛ وهي آليات يمكن أن ينتهجها نظام مريتوقراطي أو ملكي أو برلماني أو نخبوي (اليتوقراطي).. إن هناك أهدافا واضحة هي من الأهمية والاستعجال بحيث إننا لن نؤجلها حتى تصبح كل الدول تتبع المنهج الديموقراطي أو أي منهج معين آخر.. د. ساكس للإشارة، هو كبير مستشاري الأمين السالف للأم المتحدة بانكي مون للتنمية ومستشار كوفي عنان من قبله ومصنف مرتين ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم.. الخلاصة هي أن سدنة الديموقراطية في الغرب لم تعد تحركهم مسرحيات "الديوقراطيين الموسميين" بل إن مفاهيم مجالس التنمية الجهوية تسحرهم وتشد انتباههم أكثر من اعتصامات رفض تغيير الدساتير.. والواقع أن خلو الأهداف من أي توصية حول الديموقراطية إنما يعكس طبيعة "الحمية" التي تشكلها الأهداف؛ والتي هي في الواقع حمية إجبارية نظرا للرؤية "الترابطية" المؤسسة للمقاربة الجديدة، لم يعد مثلا ينظر إلى الفقر كمشكلة مرتبطة بالمكان تحكمها وتديرها جغرافيتها الخاصة؛ بل أصبح مشكلة عابرة التأثير.. فالفقر يقود إلى الهجرة وانتهاك البيئة، ويهيج الصراعات، ويغذي التطرف والإرهاب؛ فهو إذن ليس مشكلة خاصة بالفقراء فقط، بل مشكلة عامة وبالغة الأثر، حتى على الدول مرتفعة الدخل..
إن مقاربات مجالس التنمية الجهوية هي في صميم الرؤية العالمية الجديدة؛ فهي عماد الاندماجية (inclusivity) في السياسات الناضجة اليوم. |
