من الأرشيف

شاهد على القهر
الخميس, 07 يونيو 2018 00:36

 

(في ذكرى خطاب استقالة الزعيم عبد الناصر)

 

altيومها كان  المشير عامر هو القائد! وكان الطريق إلى القاهرة مفتوحا أمام جحافل الصهاينة الرابضين على القناة! وكان هول الهزيمة المدمرة يسحق القلوب والعقول!

وإن ينس، لن ينسى ذلك المساء الكارثي الحزين!

تكوم مشلولا حول جهاز ترانزستور يتابع منه، من أمام بيته المتواضع، الذي كان قبلة القوميين، في بلاده النائية، النائمة على شاطئ المحيط الأطلسي، خطاب قائد راهن عليه وعلى بلده الكبير في تحقيق حلم العرب في النصر، والوحدة، وتحرير فلسطين! وفي لحظة من لحظات الفاجعة، كان لعبارة " قررت أن أتنحى" التي أعلنها الرئيس وقع الصاعقة في نفسه كما في نفوس عشرات الملايين العرب. 

رمى الجهاز من يده وصاح بكل ما أوتي من قوة: لا، لا، لا! وبكى بحرقة أمام جمع يرى صرح آماله ومستقبل أهله ينهار هباء تذروه الرياح ويتلاشى كالسراب! كم هي قاسية ومؤلمة، تلك الأوقات التي لا يجد فيها الرجال في أيديهم سوى البكاء! وما أعظم أولئك الذين يَثبتون، ويُثبتون في الدواهي أنهم أقوى من الهزيمة!

وفي لمح البصر، زحف الشعب العربي في كل مكان إلى هذا الميدان، وكل ميدان، يحمي مصر المستباحة العزلاء، وثورتها ورمزها المغدور، ويعلن "لا" مدوية للعالم!

وفي بلاده النائية المنسية، حاصر "الرعاع" البداة العزل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في انواكشوط حتى تم إغلاقها من طرف الحكومة وقطع العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وأمريكا وبريطانيا.. وهب الموريتانيون  في حملة جمع تبرعات للمجهود الحربي آتت أكلا يفوق التوقع؛ وامتشق الرئيس المختار ولد داداه - رحمه الله- عصا الترحال يحدو إفريقيا، قطرا بعد قطر، حتى قطعت جميع علاقاتها مع "إسرائيل" يحتضنها أبناؤه وأحفاده اليوم، كما يحتضن الهشيم النار!

 

القاهرة، 24 /10/ 2002.

_____________________

* من مقال "قصتي مع مصر" المنشور في مجلة "الرسالة" الصادرة عن المركز الثقافي المصري بانواكشوط، يناير 2013 ص 31- 58.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 9 زوار  على الموقع