رحلـة الشتــاء (ح 3) |
الأربعاء, 29 أغسطس 2012 10:09 |
الاختطاف
سيارته دون أن يبرحه! ورغم أن الأمر عادي، في علاقاتنا الاجتماعية المفتوحة، فقد رأى فيه بعض الغرابة! فدعا بدوره الطارق إلى النزول إليه، إذا كان يحتاجه. أنهى الموزع عمله، فدفع له الثمن، وهم بالانطلاق. نزل الطارق من سيارته بسرعة، فانتظره. وما هي إلا التحية حتى مد، في حركة خاطفة، يدا قوية، وقحة، مترددة، لانتشال المفتاح! سبقه إليه وأعاد تثبيته في مكانه وأدار المحرك. وثب الضيف في السيارة إلى جانبه وقال، دون أن يشهر سلاحا أو يستظهر بدليل: "مفتش الشرطة علي. يريدك مدير الأمن، لطرح بعض الأسئلة وتنصرف." كان المفتش يرتدي الدراعة (الزي الوطني) ولا يوجد فيه ما يميزه عن غيره! تذكر أنه رآه قبل في مخافر الشرطة، فاتضحت له معالم الوضع: ـ "ألديك استدعاء أو بطاقة قضائية؟" سأل هو المفتش. ـ "لدي أوامر، والأوامر تكفي"! رد المفتش. رفض الذهاب، ورفض المفتش النزول. احتدم الجدل بينهما دون أن يثير انتباه أحد! عندها وصلت نجدة من الشرطة من بين أفرادها مفتش يعرفه، حاول بكل وسائله وجود حل ملائم، ولكن رؤساءه الذين اتصل بهم هاتفيا رفضوا غير "تنفيذ الأوامر"! ولم يكن له نفوذ يذكر على زملائه! وأخيرا اقتادوه بالقوة. كان يقود سيارته والمفتش إلى جانبه، ومن ورائهما موكب حراسة رسمي! توجهوا به نحو إدارة الشرطة الجهوية (المفوضية المركزية سابقا). وما إن دخلها حتى أوقفوه، خلافا لما زعموا في البداية. ثم احتجزوه في قاعة جرداء في الطابق الوحيد ملؤها الغبار، وقدموا له كرسيا متداعيا استلقى عليه!
في الحلقة القادمة: في مخفر إدارة الشرطة بولاية نواكشوط |