| الحرب على الفساد في موريتانيا.. ما لها وما عليها (ملف ح14) |
| الاثنين, 24 أكتوبر 2016 07:21 |
|
عند ما يتحدث الوزير الأول عن الفساد خالد ولد عبداوه
فإذا كان احتفاظ أحد المسؤولين بموظف من أقاربه يكلف البلاد، كما أشار معاليه، فالاحتفاظ بمثل هؤلاء يكلف البلاد أكثر ويشوه سمعة نظامه السياسي والاجتماعي ، فمن بين أهم الأولويات التي أعلنها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في برامجه الانتخابية الحرب على الإرهاب والحرب على الفساد، وكان حاسما وحازما في حربه على الإرهاب، وكانت السياسات الأمنية التي انتهجها ناجحة وناجعة في القضاء على هذا التحدي الكبير القادم من وراء الحدود رغم التشكيك والتخوين من معارضيه آنذاك، واستطاع كسب المعركة، التي أدارها بنفسه، بامتياز بشهادة العدو قبل الصديق، غير أن حرب الحكومة على الفساد تبدو عملية طويلة ومعقدة، ولن تحسم قريبا، ربما لأن الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة أكبر مما كان يتصور، أو ربما لأن المفسدين و"تياب" المفسدين في بلادنا يمتلكون مهارات تنكرية تفوق بكثير الاستراتيجيات النظرية لمحاربة الفساد أو إمكانيات وحيز الحكومة. لقد أصبح الفساد أكبر عائق أمام التطور الاقتصادي والديمقراطي في دول العالم بصورة عامة، والعالم الثالث بصورة خاصة، وشكل ظاهرة كونية تعاني منها جميع الدول والمجتمعات بدرجات متفاوتة؛ إذ لا يوجد ذلك المجتمع الفاضل الذي يخلو من الفساد والمفسدين، ولم تعد هذه الظاهرة شأنا حكوميا فقط؛ بل أصبحت مشكلة مجتميعة، نتيجة تأثيراتها السلبية على جوانب متعددة داخل المجتمع. فهو يشكل عائقا كبير أمام جهود التنمية البشرية، ويهدد الأسس والقيم التي تقوم عليها الثقافة الإنسانية، ويلتهم ثروات الدول، ويعوق الاستثمار، ويخفض نوعية الخدمات العامة الأساسية ويضعف ثقة المواطن بالدولة، ويعطل حكم القانون.. ولعل من أخطر ما ينتج عن ممارسات الفساد بأشكاله (الفساد الكبير والفساد الصغير) هو الخلل الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع، مما يؤدي إلى شيوع حالة فكرية لدى الأفراد تبرر الفساد وتوجِد له من الذرائع ما يبرر استمراره ويساعد في اتساع نطاقه، وهذا ما يجعل من تكاثف جهود الجميع أمرا ضروريا، لأن محاربة الفساد قضية مجتمع تتجاوز المعارضة والحكومة والهيئات المتخصصة وأجهزة الرقابة والتفتيش، لتكون عملية جماعية شاملة يضطلع بها الجميع؛ فالقضاء على الفساد يتطلب أبعادا دينية وأخلاقية وثقافية تبين أخطاره السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنشر الوعي بتكاليفه الباهظة على الوطن والمواطن، ورأيا عاما نشطا وواعيا يتابع الأحداث، ويهتم بالكشف عن حالات الفساد ويسمي المفسدين بأسمائهم الثلاثية دون خوف، كما يتطلب إشراك مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وإعطاء الحرية للصحافة وتمكينها من الوصول إلى المعلومات، ومنح الصحفيين الحصانة للقيام بدورهم في نشر المعلومات التي تكشف عن قضايا الفساد ومرتكبيها ورفع السرية عن نتائج التحقيق والتفتيش التي تقوم بها أجهزة الدولة المتخصصة. |
