الحرب على الفساد في موريتانيا.. ما لها وما عليها (ملف ح7)
الأحد, 02 أكتوبر 2016 07:43

 

تمخض جبل تحقيق سونمكس فولد فأرًا

 يحيى بن بـيـبه  

altبدأت التوقعات المتفائلة حول التحقيق الجاري في سونمكس، تفسح المجال لخيبات أمل بدأت تتراءى في الأفق، مع التسريبات التي تتحدث عن تقزيم التحقيق، على المستويين العمودي والأفقي.

فهل تحولت لجنة التحقيق إلى رحى، تطحن قروناً، حيث تسمع جعجعة ولا ترى طحناً؟

في الأيام الأولى للتحقيق، بدأت رائحة ملفات الفساد في سونمكس والقطاع الزراعي، تزكم أنوف أعضاء اللجنة، ومعها بدأت آمال البسطاء في القطاع تتسع، مبشرة بانتهاء فوضى النهب والفساد، بعد أن أعطت الدولة القوس باريها، وبعد أن أظلنا زمان إنصاف الفقراء المعدمين من نهبة أموالهم.

وتسربت عن مداولات اللجنة، أنباء الحديث عن ملف الأرز نصف المقشر، الذي كلف خزينة الدولة، أكثر من 10.000.000.000 أوقية، وعن ملف التعاونيات الوهمية، التي نهبت من خلالها، مبالغ نقدرها بنحو 12.000.000.000 أوقية، على مدى 4 سنوات؛ ناهيك عن فقدان ما قيمته نحو 1.200.000.000 أوقية من الأسمدة، من مخازن سونمكس. وبدا وكأن الشاعر كان يقصد لجنة التحقيق بقوله:

تكاثرت الظباء على خراش ** فما يدري خراش ما يصيد

لكننا نخشى، أن تكون سفينة التحقيق بدأت تتعرض لاهتزازات موجات مراكز النفوذ العاتية، وتدخل مجالاً مغناطيسياً معقداً.

فهل هدى الله المفسدين، أم أفسد المصلحين؟ أم إن للمحققين سقفاً محدداً {وما منا إلا له مقام معلوم}.

على كل حال، تتحدث التسريبات عن أن التقزيم في التحقيق بدأ عمودياً، حيث بدأ الحديث عن أن التهم لم تثبت إلا على أضعف الحلقات، ممثل سونمكس، الذي يجعله ضعفه كبش فداء مثالياً، رغم قوة الخيوط، التي تقود إلى مواقع محصنة، يصعب اقتحامها ببنادق قانونية خفيفة.

أما على المستوى الأفقي فقد بدأت التسريبات تتحدث عن تجاهل اللجنة، لملفي الفساد الكبيرين: التعاونيات الوهمية، والأرز نصف المقشر، للاكتفاء من الغنيمة بالإياب، والاقتصار على الملف الأصغر: الأسمدة المفقودة.
وهذا المنحى - إن صح- قد يكون أخف وطأةً على المحققين والمفسدين على حد سواء، لكنه - بالتأكيد- ليس أخف وطأةً على سكان مقاطعتي مونگل، والمجرية، الذين تبلغ نسبة الفقر بينهم - على التوالي- %2 ،71 و%3 ،65 حسب مسح 2008. كما أنه ليس – بالتأكيد- أخف وطأةً على سكان آدوابه، الذين ما زال أغلبهم يعيشون خارج الزمن. فأدباي گلاگه - على سبيل المثال- لم يذق طعم المياه الصالحة للشرب إلا قبل أسبوعين. ولم يصل إلى هذا "الإنجاز" الذي يعتبره تاريخياً، إلا بعد جهود مضنية، بذلناها على مدى عام كامل، عبر الجهات المعنية، رغم تأكد وزارة الصحة، عبر فحص أجرته - بناء على طلبنا- من أن مياه السد التي لا يشرب أدباي غيرها على مدى عقود، ملوثة بأربع مواد ضارة بالصحة، وأنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي، حسب معايير منظمة الصحة العالمية.
ورغم وضوح واقعه الأليم، لم يستطع أدباي گلاگه، الذي يبلغ عدد سكانه 1600 شخص، النفاذ إلى إدارة النفاذ، ولا الحصول على المياه من وزارة المياه، بسبب قصور الاعتمادات المالية كما قيل، إلى أن تضامن معه مشكوراً مدير تضامن. هذا مع أن تكلفة البئر الارتوازية، لا تصل إلى 20.000.000 أوقية!!

فكيف سينظر أدباي گلاگه، وغيره من آدوابه المحرومين، لتجاهل لجنة على هذا المستوى، لنهب نحو 22.000.000.000 أوقية، من الأموال العمومية؟ فكم يحفر هذا المبلغ من الآبار الارتوازية، وكم يبني من المدارس؟
وكيف نتوقع أن تبقى بلادنا آمنة مطمئنة، إذا استمر هذا المستوى من الغبن في توزيع ثمار التنمية!

أرى خلل الرماد وميض نار ** ويوشك أن يكون لها ضرام

فالدولة تستقيم على الكفر، ولا تستقيم على الظلم.

ولا شك أن بلادنا تحتوي على قدر غير قليل من المواد الأولية اللازمة لإنتاج دولة فاشلة، تتفجر فيها الصراعات الاجتماعية؛ وهذا ما يجعلنا بحاجة إلى حكماء، خبراء في تفكيك الألغام الاجتماعية، عن طريق ترسيخ العدالة والمساواة، لا إلى محققين {أعمالهم كسراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا}.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 2 زوار  على الموقع