معن بشور
في الرابع عشر من كانون الأول/ ديسمبر 1990، وفي إطار التحضير للمؤتمر القومي العربي الثاني (عمان 1991) مررت بتونس في طريقي إلى الجزائر والمغرب، وحرصت كالعادة أن التقي قادة الثورة الفلسطينية في العاصمة التونسية وفي المقدمة الشهيد الرئيس (أبو عمار) منذ اضطرارهم لمغادرة لبنان 1982.
يومها التقيت في منزل الشهيد القائد هايل عبد الحميد (أبو الهول) عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" في قرطاج، بزميله القائد الكبير الشهيد صلاح خلف (أبو أياد) وبزميله القيادي عبد الله الفرنجي، وكان الحديث مُنصَبًّا على الحشود الأمريكية والأطلسية التي تتجمع في الخليج والجزيرة العربية للانقضاض على العراق باسم تحرير الكويت..
في ذلك الحوار، قلت للقادة الفلسطينيين: "أخشى ما أخشاه أن يستغل العدو الصهيوني انشغال العالم بالحرب على العراق ليوجه ضربة قاسية لفلسطين تضيع مفاعيلها وردود الفعل عليها في إطار تداعيات الحرب الكبرى في العراق".
بعد شهر تماما وصبيحة 14 /01/ 1991، أطل علينا الصباح بخبرين: أحدهما من تونس اغتيال القادة الفلسطينيين أبي أياد وأبي الهول وأبي محمد العمري، وثانيهما من بغداد حيث بدأت عملية "عاصفة الصحراء" تحت شعار "تحرير الكويت" وهدفها الحقيقي المستمر حتى اليوم هو تدمير العراق.. وكأنه باغتيال القادة الفلسطينيين أعطيت إشارة الانطلاق للحرب على الكويت..
غابت عنا جرأة أبي أياد وحنكته وشجاعته وبلاغته، كما غاب عنا صدق أبي الهول الفتحاوي العروبي الناصري وطيبته وفهمه العميق للأمن كوسيلة لتفكيك الألغام وكشف الجواسيس لتجنيب الثورة والوطن الكوارث.
ومع ذلك يبقى اغتيال القادة الثلاثة في ليل 14 /01/ 1991، واغتيال القائد الرمز خليل الوزير (أبي جهاد) في 16 /4/ 1988، مسألة تتطلب التحقيق من السلطات التونسية، كما هو اغتيال المهندس الطيار محمد الزاوري قبل أسابيع، لوضع حد لاختراق الموساد لبنيان مجتمعاتنا ودولنا.