| بيان إلى الأمّة |
| الجمعة, 12 يونيو 2015 23:01 |
|
صادر عن المؤتمر القومي العربي السادس والعشرين
جاء انعقاد المؤتمر القومي العربي في ظروف بالغة الصعوبة والدقة، وهي ظروف فرضت على المشاركين استدعاء المخزون النضالي والقومي لمواجهة خطر جسيم على كيان الأمّة العربية وحاسم في مسار مستقبلها ومصيرها؛ ذلك لأنه خطر لا يتهدّد هويتها القومية الجامعة فقط؛ وإنما وجودها ذاته، وهو الأمر الذي يفرض علينا ضرورة التمسّك بهدف الوحدة الوطنية في كل قطر والوحدة العربية على مستوى الأمّة. شارك في هذه الدورة ما يناهز 300 من أعضاء المؤتمر وضيوف وإعلاميين أتوا من مختلف الأقطار العربية ومن الخارج متحمّلين نفقات سفرهم وإقامتهم، مؤكّدين بذلك التزامهم بالمؤتمر وأهدافه متجاوزين كل حملات التشكيك الظالمة التي تعرض لها المؤتمر؛ وخاصة في سنواته الأخيرة. وأكّدت هذه الدورة أن المؤتمر القومي العربي، كان وما زال، يعبّر عن حاجة عميقة لدى نخب وشرائح واسعة من أبناء الأمّة العربية التي ترى في تكوينه الجامع لكل أقطار الأمّة العربية، والحامل للمشروع النهضوي العربي، والمنفتح على كل الآراء والرؤى النهضوية، والمواجه لاعتداءات قوى الاستعمار والصهيونية على أمـتنا، ولكل محاولات التقسيم والتفتيت والتناحر والتهميش والإقصاء والاجتثاث والغلو والتطرف والتسلط التي تنتشر في أرجاء واسعة من وطننا العربي. ناقش المؤتمر القومي العربي على مدى يومين كاملين، الأوضاع العربية في الساحات الملتهبة في ضوء التقارير المقدمة إلى المؤتمر، كما توقف أمام التطورات المتصلة بأهداف المشروع النهضوي العربي الست: الوحدة العربية، الديمقراطية، الاستقلال الوطني والقومي، التنمية المستقلة، العدالة الاجتماعية، والتجدد الحضاري، وناقش المؤتمر أيضاً قضية خاصة حملت عنوان: "مخاطر انهيار الدولة القطرية على مشروع الوحدة العربية"، وحرص المؤتمر أن يكون منبراً حراً للرؤى والآراء التي يحملها أعضاؤه الذين حرصوا بدورهم على إبقاء أي تباين بينهم في إطار الحوار الديمقراطي والحضاري، مؤكدين بتعدد آرائهم أن المؤتمر ليس امتداداً لأي جماعة أو حزب أو نظام أو منظومة، كما أنه ليس حزباً أو تنظيماً أو نقابة أو مركز أبحاث، بل هو كيان حرّ جامع مستقل يعبّر عما يتفق عليه أعضاؤه بأغلبيتهم الساحقة، ويسعى لأن يكون مرجعية فكرية سياسية للأمّة العربية. وقد أكد المؤتمر مقاربته السابقة عن حال الأمة العربية التي عانت خلال العقود الأربعة الماضية من تكريس للتبعية للدول الغربية الاستعمارية التي أدت إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني والتفريط بالحق في تحرير كامل التراب الفلسطيني من خلال اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، وما رافق ذلك من زيادة الاستبداد السياسي وغياب العدالة الاجتماعية، وهي الأوضاع التي خرجت في مواجهتها حراكات شعبية في بعض الأقطار العربية تطالب بالحرية والعدالة والكرامة، غير أن هذه الحراكات الشعبية لم تصل في غالبية الأقطار العربية إلى شواطئ الأمان حتى اليوم، وذلك لأنها واجهت ثلاثية تمثلت في إستراتيجية التطويع والهيمنة الأمريكية والمقاومة الشرسة للتغيير من بقايا الأنظمة المتهالكة أو بروز قوى وتيارات التطرف والإرهاب، المدعوم من القوى الدولية والإقليمية الاستعمارية ومن بعض الدول الرجعية العربية التي استهدفت وتستهدف ضرب الدولة الوطنية وتفكيكها وضرب الجيوش الوطنية لتسهيل تنفيذ مخططات تمزيق وطننا العربي، ويجري ذلك كله تحت شعارات إسلامية والإسلام براء منها. وقد أدى ذلك كله إلى:
أولاً: في النظام الإقليمي العربي أ. إن النظام الإقليمي العربي بدأ بالانهيار منذ عدّة عقود، واستكمل انهياره بعد اندلاع انتفاضات "الربيع العربي". وهذا ما يمكن أن يشكّل فرصة من أجل إعادة بنائه على أسس التكامل والوحدة عبر مواجهة مشاريع التفتيت والطائفية بطرح مشروع قومي عربي بديل منها ومن النظام الإقليمي السابق. ب. إن انهيار النظام الإقليمي العربي كشف واقعاً ثقيلاً وشاملاً كثيراً ما تجاهله أو أغفله أهل السلطة كما بعض أهل المعارضة في الوطن العربي، وهو وجود تعددية راسخة وواسعة تنطوي عليها أمتنا، فما أقاموا أنظمة حكم ومؤسسات تراعي خاصيّة التنوع والتعدّد بل أقاموا أنظمة تسلطية وعلاقات إقصائية أو تغاضوا عن تلك التي إقامتها دول الاستعمار القديم وساندتها لاحقاً دول الغرب الأطلسي. ج. إن القوى الاستعمارية لاحظت ظواهر وتداعيات التعددية والتسلط والفساد والاستبداد والتخلف،فتسللت من خلالها بل اقتحمت الأقطار العربية وأقامت فيها احتلالاً أو أنظمة موالية أو تابعة. د. رافق سقوط بعض الأنظمة العربية أو تصدّعها بعد انهيار النظام الإقليمي العربي اندلاعُ حروب أهلية بنتيجةَ اختلالات داخلية وتدخلات خارجية. ه. تخلّلَ الحروب والاضطرابات التي عصفت بالعديد من الأقطار العربية، صعودٌ متسارعٌ لتنظيمات الإرهاب والغلوّ والتطرف والتعصب العرقي والطائفي والمذهبي التي تمكنت من انتزاع قيادة المعارضة من القوى السياسية المعتدلة نسبياً، والدخول في تحالفات ميدانية مع قوى خارجية، والسيطرة تالياً على مناطق واسعة في كلٍ من ليبيا والعراق وسوريا واليمن، على أسس طائفية ومذهبية وباتت تهدد الأمن القومي العربي برمته. و. تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مع اتساع الحروب الأهلية ما أدى إلى ازدياد أثقال التخلف والمديونية العامة والفقر والمرض والبطالة والأمية والهجرة واكتظاظ البحار بقوارب الموت الملأى بالجياع النازحين إلى أوروبا وغيرها. ثانياً: في الشأن الفلسطيني أ-يقوم التحالف الأمريكي الصهيوني وأدواته المحلية بمحاولة استبدال الصراع المركزي مع العدو الصهيوني بصراعات مذهبية وطائفية مقيته وباستبدال الصراع ضدّ العدو الصهيوني بصراع ضدّ إيران، مما فتح الباب على مصراعيه للتجاذبات الإقليمية والتناحر العربي، بالإضافة إلى الانقسام الفلسطيني الذي بات مزمناً، بما يهدد وحدة الشعب والأرض والمؤسسات في فلسطين، كما يضعف من قدرات الشعب الفلسطيني على المقاومة والانتفاضة. ب- تراجعت القضية الفلسطينية إلى أضعف مستوى للتأثير الرسمي العربي والدولي بسبب الرهان على تسويات لم تقدّم إلاّ المزيد من التراجعات، ومما وفر للكيان الصهيوني إمكانية فرض إرادته المطلقة حيث المزيد من مصادرة الأراضي ومضاعفة أعداد الأسرى الفلسطينيين والتمادي الكبير في محاولات تهويد القدس وما حولها، والعدوان والحصار،والعدوان المتكرر على غزة والضفة وأراضي 1948، الذي خلف على مدى السنوات الأخيرة آلاف الشهداء والأسرى والمشردين، مع الإقرار باتساع حركة التضامن العالمية مع الشعب الفلسطيني والتي فرضت إنجازات دبلوماسية عالمية لصالح هذه القضية. ج -وفي هذا الإطار يؤكّد المؤتمر على التزامه بأهداف المشروع الوطني الفلسطيني، وذلك باعتماد المقاومة كخيار استراتيجي،والتمسك بحق التحرير الكامل والعودة، ووقف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، والتصدي لجميع محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني والصهاينة، وتجريم التطبيع في جميع الأقطار العربية، ودعم التواصل والتنسيق مع جميع الحركات والمنظمات العربية والدولية المناهضة للعدو الصهيوني والعاملة من أجل مقاطعته وطرده من المنتديات والمنظمات الدولية، ورفع الحصار عن قطاع غزّة وفتح جميع المعابر وخصوصاً معبر رفح، مع التأكيد على التكامل الضروري بين النضال من أجل فلسطين، والنضال لتحقيق المشروع النهضوي العربي. ثالثاً: في الشأن السوري إن سوريا ومعها الأمّة العربية تواجه حرباً عدوانية تشنها بالوكالة تنظيمات متطرّفة ومتوحشة جاءت من شتى أنحاء العالم ومن مشارب مختلفة، وجميعها مدعومة من قوى دولية وإقليمية وبعض الأنظمة العربية وبتدخل من الكيان الصهيوني، وهو ما يهدد وحدة الشعب والتراب السوري وركائز الدولة الوطنية السورية، كما يهدد المعارضة الوطنية الديمقراطية غير المرتهنة في سوريا الأمر الذي يتطلب إسناداً قومياً عربياً لسوريا حماية للوجود القومي برمته، كما يتطلب إنجاح مبادرات الحوار المطروحة حالياً والتي ترعاها عواصم عربية شقيقة ودول صديقة. ويؤكد المؤتمر أن الواجب القومي يفرض العمل على إنقاذ سوريا الدولة الواحدة والمجتمع الموحد والهوية والحضارة والأمن القومي والنهج المقاوم للمشروع الصهيوني. كما يتطلّب رفع كل العقوبات المفروضة على الشعب السوري، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها،وفكّ الحصار الاقتصادي عنها بكل عناوينه،وتوفير كل أسباب المساندة والدعم للمواطنين السوريين الذين أجبروا على النزوح من بيوتهم حتى يعودوا إليها، والتأكيد على أن الحوار بين السوريين حول مستقبل دولتهم، وبما يلبي مطالب الشعب السوري في الحرية والإصلاح والتغيير، هو السبيل الأسلم لخروج سوريا من محنتها، كما لإسقاط محاولات قوى خارجية استغلال مطالب إصلاحية مشروعة لتدمير سوريا دولة ومجتمعا، وهي مطالب كان المؤتمر القومي العربي ومنذ تأسيسه قد أكّد عليها في مواقفه وحواراته ولقاءاته المتعددة، من أجل تحصين ديمقراطي للخيار الوطني والمقاوم للشعب السوري. رابعاً: في الشأن العراقي تتضح كل يوم تداعيات الاحتلال الأميركي للعراق، والذي حذّر المؤتمر منذ اليوم الأول من مفاعيله وإفرازاته، وهي تتجلّى اليوم بأخطر أشكالها عبر تنظيمات الغلو والتوحّش، وميليشيات العصبيات المذهبية، بما يؤدّي إلى تقسيم العراق تمهيدا لتقسيم الوطن الكبير وتفتيت المنطقة برمّتها. إن المؤتمر يؤكد دعمه الكامل لشعبنا في العراق في نضاله ضد الاحتلال الأمريكي وإفرازاته وضد الإرهاب وضد التدخلات الخارجية وكل محاولات التمزيق والتفتيت والإجهاز على الهوية العربية للعراق، ويؤكّد أن الطريق الوحيد لمجابهة هذه الأخطار، وبناء عراق جديد حرّ وديمقراطي متمسك بهويته العربية، هو طريق المصالحة الشاملة والمشاركة الشعبية الواسعة، دون إقصاء أو استئثار، والمراجعة الضرورية لكل الأخطاء والخطايا التي وقع بها الجميع، وهو طريق إلغاء كل مفاعيل الاحتلال وإفرازاته، من دستور يكرّس المحاصصة الطائفية والمذهبية وقوانين تقصي مكونات أساسية في الشعب العراقي، وعملية سياسية تثبت عقمها يوماً بعد يوم. خامساً: في الشأن اليمني توقف المؤتمر بغضب وألم بالغين أمام ما يشهده اليمن من محنة دموية يتشارك في إدامتها عدوان خارجي واحتراب داخلي، وجدّد تضامنه مع الشعب العربي في اليمن، داعياً إلى وقف فوري للقصف الجوي القاتل للإنسان اليمني والمدمر للمدن والحواضر والمرافق اليمنية، وإلى رفع الحصار البري والبحري والجوي، والوقف الفوري للحرب الداخلية، وإلى الإسراع في حوار يمني – يمني من دون شروط مسبقة ومن دون أفكار إقصائية، وبناء دولة الحق وحكم القانون والمشاركة الديمقراطية، وإلى وضع خطة متكاملة لترسيخ وحدة اليمن على قاعدة احترام المطالب الشعبية، والتعويض على الأضرار اللاحقة بالشعب اليمني ولإعادة أعمار ما هدمته الحرب. سادساً: في الشأن الليبي تجاوزت الأوضاع في ليبيا كل منطق بسبب واقع التفكيك الناتج عن انهيار الدولة بعد عدوان الحلف الأطلسي السافر الذي دمر ليبيا وخلق بيئة مواتية لنشاط التنظيمات الإرهابية المتطرّفة التي سيطرت على الأرض بفضل الدعم غير المتناهي بالمال والسلاح الآتي من قوى دولية وإقليمية وبعض الأنظمة العربية، الأمر الذي أضاف تهديداً مباشراً لأمن مصر الوطني وأمن أقطار المغرب العربي والسودان والأمن القومي العربي بمجمله.فالمتأمل بعمق في المشهد العربي يكتشف بأن خط التوافق بين الإستراتيجية الأمريكية وهدف التنظيمات الإرهابية في كل من سوريا وليبيا والعراق ومصر ودول المغرب العربي هو تحطيم الدولة والجيوش والمجتمعات الوطنية في هذه الأقطار وتنفيذ المخططات الاستعمارية في المنطقة. سابعاً: في الشأن المصري إن المؤتمر يتطلع إلى أن تعود مصر للقيام بدورها القومي من أجل تعزيز عناصر الوحدة العربية والتكامل بين أقطار الأمّة وتحصين الأمن القومي العربي. وإذ يؤكّد المؤتمر دعمه لكل خطوة سياسية وعسكرية واقتصادية تعزّز استقلال مصر وتخرجها من دائرة الهيمنة الأمريكية والتهديد الصهيوني، فأنه يدعو إلى تحصين أمن مصر واستقرارها عبر حوار هادئ ومسؤول بين مكونات المشهد السياسي المصري البعيدة عن العنف والإرهاب، وبما يضمن احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان واستقلال القضاء، كما يدعو إلى امتناع كل الفرقاء عن كل ما من شأنه أن يعمّق الجراح، ويباعد المسافات بين مكونات المجتمع المصري، سواء من خلال وقف عمليات استهداف الجيش والشرطة والمدنيين بكل ما تخلفه من خسائر أليمة ونتائج مدمّرة،أو مراجعة أحكام الإعدام التي سبق للمؤتمر أن دعا إلى التراجع عنها في دورته الخامسة والعشرين. ثامناً: في الشأن البحريني وفي البحرين، يرفع الشعب سلمياً منذ أربع سنوات مطالبه العادلة في حكم ديمقراطي يعكس إرادته الحرّة، وهو ما يتطلب أوسع مساندة عربية وإسلامية لهذه المطالب، وما يدعو الحكومة إلى الاستجابة للمطالب المشروعة والإفراج عن المعتقلين السياسيين، واحترام حرية المواطن وحقوق الإنسان. * * * * * * * إن المؤتمر القومي العربي بعد أن ناقش واقع الأمّة العربية وحالها ووقف على فظاعة الدمار والتآكل والخطر الوجودي الذي يتهدّدها يؤكّد ما يلي: - إن انهيار الدولة في أي قطر عربي يهدد بتفكيك المجتمع وتحويله إلى فئات متصارعة على أسس قبلية أو مذهبية أو عرقية أو طائفية أو جهوية، وهو المصير الذي يتهدد الجميع. والمؤتمر يؤكد أن الوعي بوحدة الوجود القومي تعني الوعي بوحدة المصير ذاته، وأن إرادة المقاومة والنضال لدى أمّتنا وطلائعها أقوى من الأمر الواقع مهما بدا راسخاً، ولنا في انتصار المقاومتين اللبنانية والفلسطينية على العدو الصهيوني،والمقاومة العراقية على الاحتلال الأمريكي خير دليل على ذلك. - التأكيد على أن الهجمة الأمريكية – الصهيونية والمرتبطين بها، كما هجمة الجماعات المتطرفة المتوحشة تضع الأمّة في حال صراع مكشوف مع أعدائها بغية تحقيق التحرير والاستقلال الوطني والقومي وصون الاستقرار الوطني والأمن القومي العربي. - إن ضمان حقوق المواطنة والحريات العامة وإطلاق عملية التنمية المستقلة التي تحرر الأمّة العربية من الارتهان لمراكز الرأسمالية الكبرى والاقتصاد الريعي، وضمان التوزيع العادل لثروة الوطن على كل أبنائه، فضلاً عن عدالة توزيع الثروة العربية بين أقطار الأمّة، واعتماد الديمقراطية والتعدد والانتقال السلمي للسلطة، وتطوير الترسانة القانونية والدستورية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، وتعزيز دور المرأة والشباب، ومكافحة الأميّة والبطالة، وتطوير مناهج التعليم لتصبح مناهج قومية تربوية تعزز الانتماء القومي والوطني بعيدا عن مناهج التخلف والتعصب والارتباط "بالمركز الاستعماري الغربي"، واعتماد البحث العلمي وتطويره ودعمه مالياً، وتكريس الاستقلال الوطني وتعزيزه وإنهاء التبعية، وحماية التراث الثقافي والتاريخي والحضاري لكل مكونات الأمّة، وهي جميعها تشكّل أسساً لحماية الكيانات الوطنية والقومية في مواجهة مخططات التمزيق والاحتراب والتناحر المفروضة على أمّتنا. كما أن ضرورة الربط بين قضية الوحدة العربية وقضايا التنمية المستقلة والديمقراطية في كل أقطار الوطن العربي سيجعل الأمّة العربية قادرة اقتصاديا وسياسياً وعلمياً على مواجهة العدو الصهيوني باعتبار أن الهدف الرئيسي للنضال العربي عبر القرن الأخير هو تحرير فلسطين كل فلسطين وتحقيق شروط بناء الدولة العربية الديمقراطية الواحدة. - إن المؤتمر إذ يجدّد حرصه الدائم على إقامة أوثق علاقات الأخوة والمصير مع دول الجوار الحضاري على قاعدة احترام المصالح القومية المشروعة لهذه الدول، ويرفض كل المحاولات الرامية إلى تحويلها إلى علاقات عداء وتناحر،فإنما يؤكّد أن هذه العلاقات لا تستقيم مع هذه الدول إلاّ بمراجعة شاملة لسياسات وممارسات سلبية من بعض هذه الدول في العراق وسوريا، كما أنها لا تستقيم إلا على قاعدة الاحترام المتبادل للمصالح المشتركة والسيادات الوطنية لكل دولة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. كما يؤكد المؤتمر أنه لا بديل لحل قضايا الأمّة العربية داخل أقطارها المختلفة، أو بين هذه الأقطار بعضها ببعض أو بينها وبين الجوار، إلاّ بالحوار واعتماد أسس المصالحة الوطنية والتسويات التاريخية بدون إقصاء، الأمر الذي من شأنه وقف العنف المدمر وإرساء قواعد السلم الاجتماعي وحسن الجوار ودرء استمرار التدخل الأجنبي. ولا يغيب عن اهتمام المؤتمر قضية الدفاع عن اللغة العربية، إذ يعتبر الهجوم عليها هجوماً على الهوية وعلى العقل العربي، فهي حافظة تراث الأمة وحضارتها وثقافتها، ويؤكّد المؤتمر على ضرورة دعم كل جمعيات الدفاع عن اللغة العربية والدعوة إلى تضافر جهودها وتعاونها مع الجمعيات الأخرى والمؤسسات الثقافية العربية التي لها اهتمام في الموضوع. كما يؤكّد المؤتمر على ضرورة التنبه من الإعلام المضلّل والهجوم السافر الذي تمارسه وسائل الإعلام على نضالات الشعوب والأوطان ومواجهتها والتصدي لها بشحذ الوعي وتعزيز ثقافة الممانعة والمقاومة الوطنية والقومية. إن المؤتمر، وبعد ربع قرن على انطلاقه، ما زال متمسكاً بأهداف المشروع النهضوي العربي، وبآليات العمل الديمقراطي وشفافيته في العلاقات بين أعضائه وعلى مستوى الأمّة، حريصاً على تداول المسؤوليات وعلى الانفتاح على كل نقد إيجابي بما يطوّر مسيرته بعيداً عن أي أوهام أو إحباط أو آمال غير واقعية. التاريخ: 11/6/ 2015
|
