المضغة الضائعة
الأربعاء, 06 ديسمبر 2017 07:16

 

الولي سيدي هيبه      

altفي الدولة "مضغة" إذا صلحت استقام أمرها وحسنت حكامتها، وإذا فسدت ضاعت كل مقوماتها وجاء ارتهانها للفشل التنظيمي والفوضى التسييرية واستتب الأمر للمكيافيلية السياسة التي تتربص بها الاختلالات الاجتماعية بكل روافدها الهدامة من العشائرية إلى الاثنية، مرورا بالطبقية العصية، وما أنتجته هذه المنظومة من زبونية وانتهازية وفساد وإفساد وكسل وطفيلية.

وبالطبع فإن الإعلام بمفهومه الشامل الذي يجمع الإخبار بموضوعية وشجاعة وصدق عن مجريات الأمور ويحلل باتزان وروية عن حسن قصد وبعد عن الإثارة والمزايدة هو بالترتيب العملي المنطقي يأتي قبل الأحزاب وقصد الأحكام وتيسُّر الاستقامة لها لجوهريته في كل هذه المقاصد.

خلال اللقاء الذي نظمه مؤخرا على مائدة فاخرة "حزبُ تواصل" مع الصحفيين ظهر الإعلام مرة أخرى خائر القوى في عمومه، مسلوب الإرادة، ناقص الجدية وغائب الحيوية كأنه مصاب بالشلل النصفي أو بازدواجية الشخصية السلبية (الشيزوفرينيا).

فإذا كان الحضور المعتبر كمًّا قد جمع صحفيين من الجيلين الأوسط والجديد فإنه من ناحية الأداء، في مجمل التبادل الذي جرى، تعقيبا على ما أدلى به بعض زعامة الحزب الحاضرين، وكان منه الجيد الرصين غلب على أكثره الهزل وقل في مضمونه الجد حتى غاب الحس الصحفي وترهل البُعد التحليلي وكأن على الرؤوس الطير أم على القلوب أقفالها. وقد زاد على ذلك ما كان ملحوظا من غياب:

* صحف محبَّكة الإخراج وزاخرة بالمواضيع يحظى الحاضرون بتوزيعها لقراءتها والاستفادة بمحتوياتها كما هو المعهود المتداول في شتى دول العالم، ومنه الجوار؛ دليلا على حضورها وتأثريها في المشهد الإعلامي الوطني والعالمي عند الاقتضاء.

* ذكر جديد مضمون المواقع في الأخبار والتحليل والمتابعة لشأن البلد وما يربطه بمحيطيه الإقليمي والدولي.

* القنوات التلفزيونية بمعدات التصوير والمتابعة والتغطية لحدث مهم سيكون سابقة في شكله وفحواه، يتعلق بالتناوب الديمقراطي المزمع على زعامة حزب "تواصل".

إذا كان القليل من الصحفيين الذين تناوبوا على الكلام أحسنوا التناول ولزموا المطلوب فقد أسرف البعض الغالب وآثر الخروج عن موضوع اللقاء الذي مهد وقدم حوله رئيس الحزب السيد محمد جميل ولد منصور حصيلة دقيقة عن المسار السياسي لحزبه والعوائق التي اعترضته وتجربته في التعامل معها ليخلص إلى أن التناوب على الرئاسة قرار جماعي وقناعة راسخة لدى مناضلي وقيادات الحزب ستتجسد قريبا على أرض الواقع حيث تجري من أجل الحدث الإعدادات اللازمة على قدم وساق، وكذلك ما قدمه المهندس ولد امباله، المسؤول عن ضبط وإدارة هذه العملية الديمقراطية الفريدة في تاريخ البلد ومسار أحزابه التي ما زالت ترزح تحت وطأة "الشخصنة" المفرطة بألف ثوب وثوب.

ويتضح بهذا أن الفعل السياسي ما زال عصيا على التصريف في زمن الصحافة التي بدورها تتخبط في غفلة المراهقة المفتقدة أسس التأطير والتوجيه والتكوين والحرفية إن لم تكن ما زالت تحمل علامات الولادة القيصرية.
وإذا كان حزب تواصل يتفهم هذه الوضعية المؤسفة ويُدرك، بحنكة قادته وخبرتهم المستلهمة من انفتاحهم على تجارب أصحاب التيار الأعم الذي يشملهم، أن بعض فساد الشأن السياسي منوط بها فإنه لا يفوت فرصة لتسليط الضوء الكاشف على تجربته الرائدة ومساره الحافل من خلال ما تستطيع أن تقدم.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح يبقى كيف لحزب تواصل أن يمرر رسالته هذه بحيثياتها الضرورية لتسهيل فهمها والتمكين من تقييمها وتثمينها وجعلها في المتناول من حيث الاستيعاب  والتمثل والتعميم عن طريق إعلام لا يملك لنفسه إلا أن يعترف بالضعف الشديد الذي يعتريه وقلة حيلته وهوانه على الجميع؛ أغلبية ومعارضة ومجتمعا مدنيا وعموم جماهير في قاعدة الهرم.. حتى لا يقال أسفله؟

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 1 زائر  على الموقع