بيان الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي حول مبادرة "السلام" المعدَّلة
الأحد, 12 مايو 2013 08:34

 

altجاءت مبادرة السلام الرسمية العربية المعدّلة التي حملها وفد جامعة الدول العربية إلى واشنطن لتشكل تنازلا خطيرا جديدا في مسلسل التنازلات عن الحقوق العربية عموما، وحقوق الشعب الفلسطيني خصوصا، وهي التنازلات التي كان العدو الصهيوني وداعموه يستدرجون النظام الرسمي كل مرّة إليها دون أن يقدموا أي شيء بالمقابل سوى المزيد من العدوان وانتهاك الحقوق.

إن المؤتمر القومي العربي إذ يؤكّد على رفضه وإدانته لهذه المبادرة المعدّلة، بعد أن كان متحفظا بالأساس على ما يسمى بمبادرة السلام العربية، فإنه يسجل الملاحظات التالية:

1. إن هذه المبادرة تستبدل أرضا عربية فلسطينية بأرض عربية فلسطينية، بكل ما يعنيه ذلك من إقرار بالاغتصاب الصهيوني القديم واعتراف بالاحتلال الصهيوني الجديد، وكلا الأمرين هو تفريط بالحقوق الفلسطينية والعربية، وبكل المواثيق والقرارات العربية والدولية.

2. إن هذه المبادرة تنصّب أصحابها أوصياء على الشعب العربي الفلسطيني، يملكون حقّ التصرّف بأرضه وحقوقه؛ وهو حقّ شرعي وقانوني وتاريخي لا يمكن لأحد التصرّف أو التلاعب به.

3. إن هذه المبادرة تشكّل إهانة جديدة للنظام الرسمي العربي الذي قدّم عام 2002 مبادرته الشهيرة للسلام كآخر تنازل يمكن له أن يقدّمه، ووعد أكثر من مرّة باتخاذ قرارات مناسبة في حال عدم تجاوب تل أبيب، فإذ به اليوم يقدّم تنازلا جديدا يهدر ما تبقى من كرامة الموقف الرسمي العربي.

4. إن هذه المبادرة تأتي بعد ما شهده الوطن العربي من تحولات وانتفاضات، تعبيرا عن تأكيد الشعب لإرادته، وإمساكه بزمام أموره، فإذا بهذه التحوّلات تستخدم لتقديم المزيد من التنازلات لصالح العدو الغاصب، في تناقض صارخ مع إرادة الأمّة العربية عموما، والشعب الفلسطيني خصوصا.

5. إن هذه المبادرة بما تنطوي عليه من مهانة بحق نضال الشعب الفلسطيني وتضحياته المتواصلة، كما بحق الأمّة العربية وكرامتها، تشكّل بالمقابل مكافأة جديدة للاحتلال وجرائمه، وتنازلا مجانيا عن ثوابت وحقوق يقرها القانون الدولي، ويتمسك بها أهلها ويكافحون بكل بسالة في سبيلها.

6. إن تعديل مبادرة بيروت العربية الأصلية عام 2002، واستبدالها بمبادرة الدوحة قد جرى دون أي تقويم شامل لأسباب تعثّر المبادرة السابقة ولتحديد المسؤوليات في هذا التعثّر، لاسيما مسؤولية النظام الرسمي العربي الذي مارس على مدى عقود سياسة التواطؤ مع العدو الصهيوني والتخاذل أمامه وأمام أسياده الأمريكيين من جهة، وسياسة التنكر لمقاومة الاحتلال بكل وجوهها وإدخال الأمّة بأسرها في حروب وصراعات تدميرية شهدناها بشكل خاص خلال العقد الأخير من هذا القرن.

7. إن عملية مبادلة الأراضي بين الفلسطينيين والاحتلال، لا تتكرّس من جديد شرعية الاغتصاب الصهيوني لفلسطين عام 1948، وإنما يكرس أيضا شرعية قيام الكتل الاستيطانية الاستعمارية الكبرى في الضفة الغربية، باعتبارها أراضِيَ خاضعة للتبادل؛ وهي شرعية لا تنافي أبسط الحقوق الفلسطينية فحسب، بل تنتهك المواثيق والأعراف والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، كما تتناقض مع قرارات عدّة وتعهدات عديدة، بعدم شرعية الاستيطان الاستعماري.

8. إن هذا التنازل الخطير عن حقوق غير قابلة للتصرف يكشف بوضوح أن حال الفوضى والاحتراب والتمزق التي تشهدها الأمّة العربية في معظم أقاليمها ترتبط بوضوح بمخططات تمرير مثل هذه التنازلات الخطيرة التي رأينا فصولا مماثلة منها في ظلّ حروب وصراعات شهدتها بعض أقاليم المنطقة سابقاً (الحرب اللبنانية، الحرب العراقية – الإيرانية، الحربان الأمريكيتان العالميتان ضد العراق).

9. إن تفريط جامعة الدول العربية غير القانوني وغير الشرعي بحقوق ثابتة للشعب العربي الفلسطيني، يتزامن مع قرارات أحادية الجانب، غير شرعية وغير قانونية، اتخذتها هذه الجامعة بحق دولة مؤسسة في الجامعة، وذات أهمية إستراتيجية كبرى في الأمن القومي العربي، والصراع العربي – الصهيوني كالدولة السورية؛ مما يؤكّد أن الإصرار على إدامة الحرب والفتنة في سوريا، كبديل للحوار والمصالحة، مرتبط أشدّ الارتباط بمخطط التنازل أمام العدو.

10 إن الترحيب الأمريكي الحار، والترحيب الصهيوني الذي شمل كل الاتجاهات في كيان العدو، هما أكبر دليل على خطورة ما أطلق عليه اسم "التعديلات" على المبادرة العربية الأولى؛ والتي شن العدو الصهيوني حربه لإعادة احتلال الضفة الغربية عام 2002، ولم يكن حبر تلك المبادرة قد جفّ.

لا بل تزامنت هذه الزيارة مع تصعيد صهيوني خطير في الجبهة الجنوبية والشمالية لفلسطين المحتلة، كما مع انفلات قطعان المستوطنين لتحريق البساتين وتدمير ممتلكات الفلسطينيين، إنما يكّشف جانبا من طبيعة السياسة الصهيونية التي تستدرج الفلسطينيين والعرب إلى التنازل فيما تستمر في سياساتها العدوانية.

إن المؤتمر القومي العربي إذ يجدّد رفضه لهذه المقترحات الرسمية العربية وإدانته لها ولكل من أنشأها وروّج لها وسعى بمختلف الوسائل لإقرارها، يحمّل كل الحكومات العربية، سواء من شارك ممثلون عنها في وفد الجامعة إلى واشنطن، أو من صمت على مهمة هذا الوفد، المسؤولية التاريخية عن التفريط في حقوق الأمّة وثوابتها ومقدساتها.

كما أن المؤتمر إذ يدعو القيادات الفلسطينية كافة إلى إعلان موقف مبدئي واضح من هذه المقترحات التي تمسّ جوهر القضية الفلسطينية كما تفرط بأهم حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، فإنما يدعو كل القوى الحيّة في الأمّة العربية من أحزاب وحركات وتنظيمات واتحادات إلى إعلاء الصوت ضد هذه المقترحات، والضغط على الحكومات للتراجع عنها، والسعي لتصحيح مسار العمل الرسمي العربي وتحريره من الاختطاف.

وستقوم الأمانة العامة للمؤتمر بإجراء كافة الاتصالات اللازمة من أجل إطلاق تحرك شعبي عربي يدين هذه التنازلات ويتمسك بحقوق الأمّة وثوابتها.

التاريخ: 2/ 5/ 2013

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع