ضيف وقضية (28)
الخميس, 31 مارس 2016 08:06

 

ومضات أدبية

altأود أن لا أترك هذا الموضوع قبل قراءة أبيات من قصيدة ضاعت للأسف، كتبتها يوم حادث الطائرة، وكانت عندي في دفتر يحوي مذكراتي بتشيت.

فقد اعتقلت أنا والتجاني ولد كريم رئيس المجلس الأعلى للشباب، بعد تغييرات الرابع من يناير بحوالي شهرين ونفينا إلى تشيت في إطار المنحى الذي نحاه الحكم آن ذاك، وقد سرق الدفتر الذي يحوي مذكرات المنفى والنص المشار إليه. 

وهنا أنتهز الفرصة لأطلب من كل من عثر على هذا الدفتر، وخصوصا إدارة الأمن؛ حيث لم يعد لهذا تأثير يذكر، أن يعيده إلي، لأن هذه القصيدة عزيزة على قلبي. وفي مقدمتها أقول: "في رثاء المرحوم أحمد ولد بسيف رئيس الوزراء الأمل، الذي وافاه الأجل المحتوم في حادث غامض (وقد سرقت المخابرات هذه القصيدة مع مذكراتي في تيشيت من بيتي في المذرذره أثناء الإقامة الجبرية).

أقول:

سئمتَ الأرض إذ ملئت غـباء
رحلت إلى العلا شهما نظيـفا
ورمت السلم في شرف وعـز
رسالتك التي هبطت عليـــــنا
ونمشيها خطى كتــــبت علينا

 

وكفرانا.. فــعانقت الســـماء
تريد لنا الكـــــرامة والإبــاء
ولم تركع لتطـــلبها غـــــباء
- أبا سيف- ستمنحنا الـعزاء
وننـــــتزع الكرامة والبـقاء.

هذا ما بقي لي منها لأنه علق بذاكرتي.

هذه القصيدة تعبر شيئا ما عن روح تلك الفترة بالعموم.

وفي قصيدة أخرى أقول:

إنا كبونا؛ وتكبو الخيل عن كرم

 

دهرا وتنهض للثارات أعواما.

ويمكن أن أقرأ لك قصيدة تلمسي، بمناسبة قولك إننا أمام ذكرى الاستقلال الوطني، وإن كل ما هو وطني أو مرتبط بالوطن فهو مطلوب.

هذه القصيدة من إنتاج تلك الفترة وهي معبرة عن روح ذلك العهد، لأني بعد السادس عشر من مارس وضعت في حبس انفرادي بباسكنو في تلمسي، ولم أكن وحدي في ذلك؛ فبعد السادس عشر من مارس قلت فئة أو جهة موريتانية إلا وحبس الكثير من أهلها، وقد فتحت أبواب المنافي للموريتانيين.

تلمسي

(أو هكذا الدهر)

في السجن الانفرادي في باسكنو (غناها الفنان الكبير محمد ولد الميداح)

من عجـــــيب العجيب أن تلمسي
ها أنا اليوم في تلــــــمسي أسير
أين مني عرائس البحر؟ أين الـ
نفحة من عبير تلك الـــــــروابي
ووميض من فجرها قد تــــــلالا
ونشيد من "مَاغَجُّوگَه" أصيل

رب يوم هناك كنت سعــــــــيدا
ألثم البدر في الشفاه رحيـــــقا
لا أبالي بحادثات اللــــــــــيالي
أقــفرت تلـــــكم الربوع وذلت
"حين غابت بنــــو أمية عنها
"ذكرتنيهم الخطــــوب التوالي

 

تصـــــبح اليــــوم ذات شأن بنـــفسي
أي عـــــهد بيـــــني وبين تلمــــسي؟
ـگـــــبله مني؟ وأين مســـقط رأسي؟
كيف تغــــدو هـــــنا رهيـــنة رمس؟!
كيف يخبو؛ وليلها جد مُـــــــــــغْسِ؟!
كيف  يحلو دون انتَـــــــمَاس وكَـرْسِ

بين إنــسي.. وليـــــــــلة طاب أُنـسي
ملء نفسي؛ وصهوة الشمس كـأسي
أنـــفق العـــمر بيــــــن جَنْيٍ وَغَرْسِ
بــعد عــز.. فيـــومها غـــــــير أمس
والبهاليل من بني عبد شــــــــــمس"
ولقد تُذْكِرُ الخــــــطوب.. وتُنـــــسي"

 

هذان البيتان مضمنان.

هكذا الدهر.. إن أساء فصـــــبرا

يا بلادي أحببت فيك ضـــــياعي
لست أبغي في الكون عنك بديلا
يا بلادي آمنت فيك بـــــــــزحف

 

سوف يصفو من بعد كد وبــــؤس

وبظلمي رضيت فيك.. وبخــــسي
وعزائي أني بأقصاك.. منـــــسي!
سوف يقضي على الجذوع بفأس.

لحسن: الله!

ذ. إشدو: هذه القصيدة من وحي ذلك الزمن الذي اعتبر الموريتانيون فيه أنفسهم أسرى؛ والذي انتهى 12/12.

 

لقاءات في المغرب

طبعا جاءت حركة السادس عشر من مارس، وكثر الكلام عنها، وأنا أود القول إني كنت في اجتماع للجان الوطنية لليونسكو في المغرب، فلقيت العقيد محمد ولد ابه ولد عبد القادر رحمه الله، وكان الوحيد الذي أعرفه من أولئك العسكريين؛ فقد تعارفنا بعد العاشر من يوليو، وعرفت فيه رجلا خلوقا وشجاعا ووطنيا.

في هذا اللقاء لم يحدثني عن المشروع الذي يعملون من أجله. وقد حدثني أنه إنما مضى حين علم أن لا مكان لبقائه، وأن الاتجاه الذي حكم بعد سقوط الطائرة مضاد 100% لاستقلال موريتانيا وحيادها وبقائها، وأنه هاجر من أجل رفع راية المقاومة. لم يطلب مني شيئا ولم يقل لي إلا أمورا بسيطة.

ذكر لي أيضا رسالة تلقاها من أحد ذوي الزعامات الكبرى في موريتانيا بعث إليه ابنه برسالة يشبه فيها هجرته برحلة الجنرال ديگول ووثوبه في الطائرة عند ما استسلم الماريشال باتييه للألمان.

لقيت هناك أيضا صديقي الأديب الشاعر محمد الكبير العلوي رحمه الله، فرتب لي زيارتين لشخصيتين مغربيتين إحداهما فوجئتُ بقدومي إليها لأني لم أعرف من أين أبدأ؛ هي إدريس البصري رحمه الله، وكان يومئذ وزير الداخلية بالمغرب، وشخصية رهيبة عند الناس، ويرون أنه هو من يحكم المغرب.

وكما سبق أن قلت فأنا زرت الجزائر والتقيت بالبوليزاريو وناقشت معهم، ولا يوجد ما يمنعني من لقاء أي أحد، ولكن لا يوجد سبب ليسيطر أحد علي أيضا.

في الفندق الذي نزلت فيه فوجئت بشخصين أحدهما أبيض البشرة والثاني داكنها، وأخبرني أصحاب الفندق بأن الأبيض منهما يسمى الأمير فلانا ابن الشيخ سيديا والثاني مرافقهفتعجبت من هذا، وحين زرت إدريس البصري رحمه الله إذا بالرجلين خارجين من عنده! وحين لقيته اكتشفت أن إخواننا سواء المغاربة منهم والجزائريون (الليبيون لم ألقهم) ينقصهم الكثير من أخبارنا، ولا يدرون أين يوجهوننا، لأنهم لا يفهموننا على النحو الصحيح.

خلا حديثي مع إدريس البصري مما له قيمة، ولم يتناول شيئا ملموسا، إلا ما كان من أمر واحد مفاده أن الموريتانيين جميعا يأتون ثم لتحقيق مآربهم وبالإمكان قضاء تلك المآرب وامتلاكهم بقضائها.

خرجت من عنده وأنا أشعر بالقرف.

الشخصية الثانية هي الدي ولد سيدي بابه رئيس البرلمان، وقد أفضت وإياه في الحديث عن موريتانيا ووضعيتها آن ذاك، وقدم إلي طلبا غريبا فقال: إذا عدت إلى موريتانيا فأرجو أن تتصل بأخي أحمد ولد سيدي بابه وتقرئه مني السلام، وتذكره - نيابة عني- بما سبق أن قلت له، من استحالة أن تكون موريتانيا دولة، وأنهم إنما يضيعون وقتهم فيما لا جدوى منه.

ناقشت الدي في هذا وخالفته الرأي، وقلت له إن موريتانيا ستكون دولة وستبقى وكذا وكذا..

إنا كبونا؛ وتكبو الخيل عن كرم

 

دهرا وتنهض للثارات أعواما.

وللأمانة بحثت عن أحمد ولد سيدي بابه عندما وصلت هنا، ولم تكن لي به معرفة من قبل، وبلغته الرسالة فقال لي: هذه الرسالة قديمة، وأنا لا أومن بها، وأعْرَبَ عما يتفق تماما مع رؤيتي الآنفة الذكر لوجود الدولة الموريتانية وبقائها.

أنشئت AMD في غيابي فلم أكن عضوا فيها لأني كنت في تشيت آن ذاك، لكن أكثر أعضائها من أصدقائي، وبعضهم من قادة الكادحين.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 2 زوار  على الموقع