الشيخ محمد سالم ابن عدود رائد النهضة والشعر القومي وغناء الوطن!
الجمعة, 29 أبريل 2016 08:24

 

تمر بنا اليوم الذكرى السابعة لرحيل الشيخ محمد سالم ابن عدود؛ لذا نعيد نشر هذا المقال الذي يتناول جانبا من شخصيته الموسوعية

altكدت أتوسل إلى "السفير" لتعيد نشر الحلقة الأخيرة من هذه الزاوية، وذلك بسبب ما أصابني من حنق على نفسي عندما لم يتصدّر اسم شيخنا الأستاذ محمد سالم ولد عدود قائمة شعرائنا المعاصرين سهوا! ولكن سرعان ما أقلعت عن هذه الفكرة "الرجعية" وآثرت "المضي قدما" خطوة أخرى، في التعريف بماضينا القريب الزاهر، على "الرجوع " إلى حلقة أصبحت في ذمة الماضي، واستهلكت نهائيا! وكان سبب إقلاعي ذلك هو حرصي وتشبثي برباط النسب إلى هذه الأمة المباركة.. أمة القرآن

والضاد التي حكم ذلك الطود الأشم في مطلع إحدى قصائده الرائعة التي تعتبر – بحق- إحدى أغاني الوطن بأن "ليس للرجعي فيها من نسب"!

نحن نشهد أن أول صرخة حديثة ترددت أصداؤها في أرجاء هذا البرزخ المستعمَر المحاصر، فارعوى لها بدوه القابعون في دار مية وهبوا.. كانت صيحة فتى بدوي يدعى محمد سالم ولد عدود نقلت إليه الركبان في ربوع آگماط وشهلات1 غيضا من فيض ملحمة دارت منذ أشهر وربما سنوات (يومها لا توجد الراديو؛ فضلا عن التلفزة والإنترنت) بين بطل من قومه ودينه وأغراب نصارى ويهود غزاة؛ فالتهبت مشاعره، وفاضت أريحيته ونخوته، وهاجت قريحته فقال:

ومدلة بالحسن قلت لها اقصري
بطل تفرد مصره في عـــصره
لله در ثــــقافة وقـــفــت بــــه
ألقت له مصر القياد فأصبـحت
واليوم قد شمل الجمال رياضها

 

إن الجمال جـــمال عبد النــاصر
بجماله مــــن بين كل مــــعاصر
دون الطموح وفوق شأو القاصر
تدني جنى ثـــمراتها للـــــهاصر
حتى تبوع زيـــتها للــــــــعاصر

 

كلمات غريبة.. جن لها جنون مستعمر وقعت عليه كالصواعق، وهدّت حصونه العسكرية والثقافية التي أحاطنا بها؛ فاعتبرها تسديد نار من الخلف، وخيانة عظمى للوطن ذي العلم الثلاثي الألوان، وتواطؤا مع العدو.. ولكنها أطاحت كذلك بالمقدمة الطللية وكافة أغراض الشعر المألوفة لدى "القبيلة" ورمت بها في خضم العصر، في أتون الثورة العربية ووطيس ملاحم التحرر العالمية النازفة في مصر وفلسطين والجزائر.

هل يعيد التاريخ نفسه؟

إذا كان الجواب التقليدي لا، فلما ذا تتكرر مع هذا الفتى حكاية فتى البادية (علي بن الجهم) الذي قدم بغداد فمدح الرشيد بقوله:

أنت كالكلب في حفاظك للو
أنت كالدلو لا عدمناك دلوا

 

د وكالتيس في قراع الحروب
من كبار الدلا كثير الذَّنـــوب

ولما نجا بأعجوبة من سيف "مسرور" ولبث في بغداد سنين قال من ضمن ما قال:

يا من حوى ورد الرياض بخده
دع عنك ذا السيف الذي جردته
إن رمت تقتلني فأنت مخـــــير

 

وحكى قضيب الخيزران بــــقده
عيناك أمضى من ضوارب حده!
من ذا يعارض سيدا في عــبده؟

تلك كانت حكاية ابن الجهم التي لا يخلو منها أصل من أصول الأدب؛ أما محمد سالم  وقد نجا بأعجوبة من المستعمر  فقد طلع علينا في مطلع الستينيات، يوم كان التكالب الاستعماري  الرجعي على الثورة العربية في أوجه، قائلا:

ليس للرجعي فينا من نــسب
لم نزل في الشأو نمضي قدما
كلــــما جـــــزنا ثـــنايا أرب
قد رجونا مظهرا فوق السما

 

كل رجعي دعي في الــعرب
ليس يثنينا لغوب أو نـصب
بحثيث السير تقــــنا لأرب
لا نرى الجعدي إذ قال كذب

ومنها، وهي طويلة:

سوريا قد مزقت وحـــدتنا
قاسم أقسم لا يصــــــحبنا
وسعود وحسين مـــــــعنا
..سحب قد عكرت أجواءنا

 

بانفصال؛ لكن الوعد اقــــترب
سوف يرضى قاسم بعد الغضب
في جدال ولجاج وصـــــــــخب
سنرى الشمس إذا الغيم ذهب..

نشر في يومية السفير العدد 268 الأربعاء 8 مارس 2006

(من كتاب "حتى لا نركع مرة أخرى)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. موضعان مشهوران بشمال ولاية الترارزة توطنهما حي أهل المبارك الكريم  (قوم الشاعر) حتى عهد قريب.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع