تعزية قلبية
الخميس, 11 سبتمبر 2014 09:00

 

 

كتب هذا الموضوع غداة أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ونعيد نشره في ذكراها الثالثة عشرة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

نواكشوط في 12/ 9/ 01

altإلى سعادة سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى الجمهورية الإسلامية الموريتانية ـ نواكشوط،

الموضوع: رسالة تعزية ومواساة.

سعادة السفير،

بعد التحية والتقدير،

لي الشرف، بادئ ذي بدء، بأن أرفع إليكم وإلى الشعب الأمريكي العظيم تعازيَّ القلبية في الكارثة التي حلت ببلدكم، وأعلن لكم تعاطفي مع ذوي الضحايا، ومشاركتي إياهم حزنهم وآلامهم.

سعادة السفير،

قد لا أكون معروفا في أروقة ودوائر سفارتكم، ومع ذلك، فليست هذه المرة الأولى التي أتوجه فيها إلى تلك السفارة:

* لقد كنت حاضرا يوم تدشينها، ضمن ثلة من الشباب يغريها النموذج الأمريكي، وتعلق آمالا عريضة على قيادتكم لعالم ما بعد الحرب، وترى في رئيسكم الشاب، آنذاك، جون كينيدي مثلا يحتذى به في الحزم والشجاعة والانفتاح على العالم وفهمه.

* وتوجهت إليها بعيد ذلك، وقلبي يملؤه الأسى، معزيا في ذلك الرجل الذي غادرنا فجأة دون أن نعرف السبب، ودونت مشاعر حزني في سجل فتح بالمناسبة.

يومها.. لا توجد حواجز بينكم وبين شعوب الأرض!           

* ثم عدت إليها في حزيران 67 متظاهرا ضد انحياز سياستكم المزمن لعدوان إسرائيل على العرب، فكان لي نصيب من شرف إغلاقها يومئذ وقطع العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا.

يومئذ.. كنا نملك حرية القرار!

سعادة السفير،

هل لي أن أذكّر بأن قلبي الذي يتفطر الآن أسى وحزنا على آلاف الأبرياء من مختلف الأعراق والأديان والجنسيات الذين حصدت أرواحهم ظلما، ويا لهول المأساة ـ وكان بالإمكان تجنب ذلك ـ ويفيض تعاطفا مع الشعب الأمريكي المنكوب، هو نفس القلب المسكين الذي عاش معي رحلة عذاب وقهر دفنت فيه خلالها أحزاني وألمي كعربي وكإنسان على ملايين ضحايا سياسات أمريكية عدوانية عمياء: في مصر وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان وأمريكا الجنوبية وفيتنام وكامبودج وليبيا وغيرها؟ وهو نفس القلب الذي احتضن مأساة العراق، وأطفال العراق، وخفق مع الانتفاضة، وتشبث بـ"حق البكاء" على ضحايا المجازر التي ترعاها بلادكم وتمولها وتسلح عصابات القتل التي قامت بها وما تزال تقوم بها إلى هذه اللحظة في فلسطين!

مسكين أنت يا قلي!

أدمنتَ الحزن على ضحايا السياسة الأمريكية في جميع أنحاء العالم، وامتد بك العمر لتسكر به على ضحاياها في أمريكا! ويبدو أنك مرشح للمزيد بسبب صيحات الحقد والانتقام والحرب "الصليبية" التي تقرع طبولها الآن أوساط متحكمة في أمريكا.

فمتى ستفرح بعالم إنساني يزول فيه الطغيان وتَعُمُّه الحرية والعدل والازدهار؟

سعادة السفير،

جميع من قدر لي لقاؤهم من نخبة هذا البلد يعزونكم بصدق ويتعاطفون معكم ويشاركونكم حزنكم وألمكم، رغم ما يشعرون به من مرارة، ويقولون لكم بالحرف الواحد:

من فضلكم.. ألا يمكنكم تجميل وجه أمريكا قليلا أمام شعوب الأرض التي أحبت الشعب الأمريكي العظيم، وراهنت عليه طويلا.. ولا تريد إلا السلام والحرية والعدل؟

وتفضلوا بقبول فائق احترامي وتقديري.

 

الأستاذ/ محمدن بن إشدو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 9 زوار  على الموقع