حوار الساعة (ح 6)
الجمعة, 31 مايو 2019 00:10

 

altالمختار باب: نعود قليلا إلى القضاء الذي قلت إنك غير راض عن أدائه، ما هي الإجراءات الضرورية أو المستعجلة التي يجب القيام بها من أجل إصلاحه؟

ذ. إشدو: أرى أن أول إجراء يجب القيام به هو تفعيل المفتشية وممارسة الرقابة الحقيقية الفعلية على القضاة، وتشجيع الذين أحسنوا وإثابتهم على عملهم وعقاب الذين أساؤوا (بالتدريج طبعا) ومحاولة إصلاحهم إن أمكن، والتخلص منهم إن لم يمكن إصلاحهم. الجزائر المجاورة سبق أن تخلصت من 700 قاض ومحام. والشيء نفسه يصدق على هيئة المحامين، فلن تكون لما سبق فائدة دون ممارسته عليها وعلى العدول المنفذين والكتاب والشرطة القضائية والخبراء.

أنا شخصيا سبق أن طلبت من خبير إجراء خبرة على كوخ صدمته سيارة فذهب ثم عاد إلي بخبرة على سيارة! فقلت له: يا أخي الخبرة المطلوبة على كوخ، فقال: لا فرق. فلنبدل السيارة بالكوخ..

 

القاضي أسير البينة

القاضي – ولو كان صالحا- مقيد! ذلك أنه لا يحكم بعلمه، وإنما هو أسير البينة. وفي وضع كوضعنا فإن القاضي - مهما كانت نزاهته- ضحية لمحيطه الذي يحضر له المواد الأولية للقيام بالعدل بين الناس والحكم بالحق! إنه كما قال الشاعر:

ألقاه في اليم مكتوفا وقال له: ** إياك إياك أن تبتل بالماء.

فالكثير مما يقدم إليه غير سليم. يستوي في ذلك ما يأتيه من بعض الموثقين وما يأتيه من بعض العدول المنفذين، وما يأتيه من بعض الشرطة، وما يأتيه من بعض الكتاب.. إلى آخره.

ويعاني القضاء الواقف فعلا مشكلات أخرى، وتجري محاولات جادة لإصلاحه؛ فهو يعاني من قضية التكييف، والتكييف إعطاء الفعل وصفه القانوني وتحديد القانون المنطبق عليه، ويقوم به وكيل الجمهورية عندما يَرِدُ إليه بحث ابتدائي عن جريمة معينة. ويقع الكثير من الأخطاء في مجال التكييف؛ إذ إن الشرطة كثيرا ما تعصبت للتكييف الآتي من عندها لأسباب خاصة بها، وبعض وكلاء الجمهورية يظنون أنهم تابعون للشرطة أو الدرك بدل العكس! فيتبعون تكييف الشرطة أو الدرك.

المختار باب: قد لا يكون هذا ملزما للقضاة الجالسين.

ذ. إشدو: قد لا يكون ملزما لهم.

المختار باب: هل معنى هذا أن مشكلة القضاء داخلية في الجسم القضائي ذاته؟

ذ. إشدو: بطبيعة الحال.. لكن من المسؤول عنها؟ إنه وزير العدل ورئيس الجمهورية ورئيس المحكمة العليا والمدعي العام.. إلخ.

 

في استقلال القضاء

المختار باب: هنا يحق لنا أن نسأل هل القضاء مستقل؟

ذ. إشدو: مستقل سياسيا.

المختار باب: وقانونيا؟

ذ. إشدو: مستقل قانونيا؛ فالقوانين موجودة.

المختار باب: أين تكمن المشكلة إذن.

ذ. إشدو: ألم أقله لكم؟ قلت لكم إنها أولا وقبل كل شيء في تأثير المجتمع، ثم في الإحباط الذي يصيب بعض القضاة، الذين لا يكافأ محسنهم ولا يعاقب مسيئهم.

المختار باب: ما المقصود بمكافأة القضاة، وكيف يكافأ القاضي؟

ذ. إشدو: يُرَقّى.

المختار باب: ألم تزد رواتبهم في الفترة الأخيرة؟

ذ. إشدو: زيادة الرواتب لا تكفي. أين القاضي الذي وشحه المجلس الأعلى للقضاء وأعلنه قاضيا نزيها أنجز كذا وكذا في موريتانيا؟ أين القاضي الذي رفعت درجته متجاوزا درجة أو اثنتين فوقها، نظرا لكفاءته وعدالته؟

 

القضاء والتنمية

المختار باب: ما هي مساهمة القضاء في تحسين مناخ الأعمال؟

ذ. إشدو: لا أرى شخصيا إسهاما له للأسف؛ بل أراه عقبة حسب تجربتي، وحسب قضايا تعهدت فيها شخصيا لصالح مستثمرين أجانب سُلبت أموالهم وذهبوا يندبون حظهم.

المختار باب: لم لا تنشأ محاكم متخصصة عسى أن تساعد في هذه الوضعية؟

ذ. إشدو: توجد محاكم تجارية، ومحاكم مدنية.. النقص ليس في المحاكم ولا في نصوص القوانين، وإنما هو في الكادر البشري، والضمير المهني. فعلا توجد نواح أخرى ما زالت معرفة القضاة الموريتانيين بها محدودة، كتبييض الأموال والإرهاب وبعض القضايا الجديدة على مجتمعنا.

المختار باب: يفهم من كلامكم أنكم ترون ضرورة استيراد قضاة من الخارج!

ذ. إشدو: سبق أن دعوت إلى ذلك، فاقترحت تلقي مساعدة قضائية من الدول العربية كالمغرب وتونس ومصر، تعزز بها هذه المحاكم.

المختار باب: هنا المدرسة الوطنية للقضاء والإدارة، هل لها إسهام في هذا المجال؟

ذ. إشدو: ذكرت لكم جيلا من الخريجين الشباب بعضهم يبذل جهودا ويصلح نواة للإصلاح، وبعضهم أثر فيه الفساد فانجرف في تياره، لكن أكثرهم توجه – لله الحمد- نحو الإصلاح.

المختار باب: حديثكم عن القضاء شيق والموضوع ذو شجون. قبل أن نغلق هذا الملف ما هي رسالتكم إلى القاضي الموريتاني؟

ذ. إشدو: رسالتي إلى القاضي الموريتاني سبق أن حدثته بها مرارا. ومفادها أن عليه أن يكون خليفة الله في أرضه، ويكون عند ثقة الدولة الموريتانية التي علمته ووظفته وقلدته أخطر منصب في الدنيا والآخرة من أجل أن يرسي العدالة ويعطي كل ذي حق حقه. إذا وقع هذا اطمأننا جميعا على أموالنا، واطمأن الأجانب والمستثمرون على الاستثمار في بلادنا وتقدمنا.

 

التحول الديمقراطي

المختار باب: نتحول إلى المحور المتعلق بالمشهد السياسي الوطني. متى تعتقدون أن موريتانيا انخرطت فعليا في عملية ديمقراطية حقيقية؟

ذ. إشدو: أعتقد أنها انخرطت في عملية ديمقراطية حقيقية ابتداء من 03 أغسطس 2005 ولم تكن توجد ديمقراطية قبل ذلك.

المختار باب: لماذا؟

ذ. إشدو: لاقتصار الموجود منها على الشكل، ومجاراتها لهوى السلطان.

المختار باب: ما هو الذي وجد منها آنذاك بالضبط، حتى نجمت عنه الديمقراطية؟

ذ. إشدو: أولا فتحت حرية التعبير، وحرية التنظيم، وحرية العمل، وألغيت المواد التي كانت تقفل الدستور كالمادة 104 التي ألحقت بدستور 1991 زورا وبغيا وخيانة للأمة فعطلت كل ما يتيحه من حريات. فالدستور قدم للشعب الموريتاني وصوت عليه بصرف النظر عن الطريقة التي تم بها ذلك. على سبيل المثال أنا كنت من دعاة وضع دستور للبلاد وأيدت الاستفتاء، وأدليت بصوتي في انواذيبو دون أن أكون مسجلا هناك، وجرى مثل هذا لكثير من الناس وكنت من الخمسين الذين طالبوا الرئيس معاوية بإرساء الديمقراطية بعد الصدع الخطير الذي حدث في الوحدة الوطنية، فقد شعرنا أن البلاد تتجه نحو الهاوية، ولن ينقذها إلا الديمقراطية. والديمقراطية ليست هدفا في حد ذاتها؛ وإنما هي وسيلة، والناس يتشبثون بها لأنها من أقل مناهج الحكم سوءا. والهدف منها ومن غيرها بناء الوطن وخدمة الشعب.

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع