الشاعر الأستاذ محمدٌ ولد إشدو لـ"الشعب":
الثلاثاء, 01 ديسمبر 2020 19:14

 

"جئت من اندر لحضور حفل الاستقلال، وكنت من بين الفتية الذين لبسوا سراويل وقمصانا موحدة وتم استعراضهم بالمناسبة"

altالشعب: يكاد يكون الشعر هو المعبّر الرسمي عن حال ساكنة هذا الحيز، فكيف عبر عن لحظة الاستقلال الوطني، وهل كان للشعر دور في النشأة الأولى؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: يومئذ كانت أغلبية الشعب الموريتاني (أكثر من %90) بدوا رحلا يعيشون خارج التاريخ، وخارج الزمان والمكان! وكانت مدينة انواكشوط الحالية يبابا! عدا ورشات بناء متناثرة لم تكتمل بعد، تقع جنوب شارع جمال عبد الناصر (الوحدة الوطنية الآن) وقرية من الطين هي لكصر حيث مسجد الشيخ بداه الآن! 

أما المثقفون - على قلتهم- فأغلبهم في العاصمة سان لويس (اندر). وقد جاء من جاء منهم إلى انواكشوط في رحلة دامت نحو 24 ساعة لحضور الحدث، وعادوا أدراجهم إلى السنغال! ولا أتذكر تعبيرا شعريا واضحا عن الاستقلال ليلة إعلانه ويومه! بل كان هناك فقط خطابان متبادلان باللغة الفرنسية بين رئيس وزراء فرنسا ميشل ديبرى ورئيس وزراء موريتاني المختار ولد داداه!

كان يوجد يومها شعراء قليل يهتمون بالسياسة، مثل الزعيم محمد الحنشي ولد محمد صالح رحمه الله، والزعيم الشيخ ماء العينين ولد اشبيه مد الله في عمره، والأستاذ عبد الوهاب الشيگر رحمه الله، والفتى الشيخ محمد سالم ولد عدود رحمه الله. وجميعهم لم يقولوا - حسب علمي- شعرا في المناسبة، لأن الأولَيْنِ كانا في المعارضة المشككة في الاستقلال، وكانت لهما قصائد وأناشيد تستنهض الهمم، وتدعو إلى الثورة، مثل قصيدتَيْ محمد الحنشي رحمه الله:

شباب العصر إحدى الحسنيين ** تلقوا فالمنية فرض عين

و

شباب العصر إفعل ما تريد ** ولا تجبن ولو قطع الوريد

ونشيد الشيخ ماء العينين في:

هذا آخر نومنا ** بلادنا لا تشتكي.

أما الفتى الشيخ محمد سالم فكان لا يزال في البادية، ولم أرو عنه شعرا في الاستقلال. وأما الأستاذ عبد الوهاب الشيگر، وكان يومها محرر جريدة "موريتانيا الجديدة" (سلف "الشعب") فقد رويت له نشيدا كتبه عندما زار في وفد بقيادة الرئيس المختار ولد داداه ضريح القائد ببكر بن عامر يقول فيه:

يا باني المجد مـــــهلا ** يكفــــيك هذا الخلود

كم جبت وعرا وسهلا ** تقفو خطاك الجنود

شنقيط نبني ونعــلي ** سياسة واقتــــصادا

تاريخنا العدلَ يملي      دستورنا القسطَ شادا

ولم أرو له شيئا في مناسبة إعلان الاستقلال. 

الشعب: أين كنتم أستاذنا وشاعرنا لحظة الاستقلال، وما الذي تذكرون من مظاهر ملفتة لكم يومها ومن مواقف طريفة؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: كنت بين جمهور المحتفلين بالمناسبة حول الكوخ الذي جرت فيه المراسيم؛ والذي ما يزال قائما في محيط رئاسة الجمهورية غرب المكاتب القديمة. فقد جئت بالمناسبة من مدينة سان لويس (اندر) مع سائق في الإذاعة يدعى جَيْ ضمن رتل من سيارات DS جيء به من سان لويس (اندر) لاستقبال الوفود المشاركة في الحفل. وفي يوم الاستقلال كنت من بين الفتية الذين لبسوا سراويل وقمصانا موحدة بلون العلم وتم استعراضهم ضمن الفعاليات!

       وأتذكر أن مهرجانا خطابيا صغيرا أقيم مساء يوم الاستقلال على مستوى "ابلوكات" (رحمها الله) شارك فيه بعض الحاضرين، وحضره "الملونان" الوحيدان اللذان حضرا حفل إعلان الاستقلال من غير الأوروبيين والموريتانيين؛ وهما وزير خارجية تونس محمد المصمودي، ورئس الطائفة الإسماعيلية آغا خان. وقد شاركتُ - رغم صغر سني- في ذلك المهرجان، وألقيت فيه قطعة شعر لصديقي وشيخي الفتى الشيخ محمد سالم ولد المحبوبي يشكر فيها ويمدح الرئيس المختار على همته وما يقوم به من معالي الأمور، دون أن يكون قد التقى به، ودون أن يريد منه جزاء ولا شكورا، عكس ما عليه أهل اليوم! ومطلع القطعة:

"متشكرا للندب ندب زمانه".

ولم أعد أتذكر منها غير هذا الشطر! وقد نقلت الإذاعة ذلك الحدث؛ فهل ما تزال تحتفظ بالشريط؟

الشعب: هل من نص شعري لكم مرتبط بذكرى الاستقلال الوطني تهدونه للشعب؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: لم أكن يومها أقرض الشعر. ولم تنشأ مدرسة جيلي الأدبية الوطنية التجديدية إلا بعد ذلك بعامين؛ إذ يمكن أن نؤرخ لميلادها بقصيدة الشاعر الرائد أحمدو ولد عبد القادر التي ألقيت في احتفال نظمه طلاب معهد أبي تلميت (حيث كان يدرس) بمناسبة الذكرى الثانية لعيد الاستقلال سنة 1962. وهي تتصدر ديوانه أصداء الرمال، كما تتصدر كتاب أعماله الشعرية "مجموعات شعرية". وعنوانها عش يا هلال الخير. ومطلعها:

حييتَ عيد تحرري ووجودي ** حرا بُعيد شدائد التعبيـــد

       أما أنا فكانت أول قصيدة سياسية كتبتها هي "رسالة الشباب" التي ألقيت في مؤتمر رابطة الشباب الموريتاني سنة 1964 وتتصدر - هي الأخرى- ديواني "أغاني الوطن" ومطلعها:

ألا اتحدي شبيبتنا وثوري ** وسيري نحو تقرير المصير.

وإني لأهديها، وأهدي جميع "أغاني الوطن" إلى الشعب بهذه المناسبة العظيمة، وأزف إلى الجميع تحياتي وتهاني وتمنياتي!

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع