نحو تربية سليمة
الخميس, 22 أكتوبر 2020 08:49

 

altفي بلادي سرقوا نعالي      وفي بلادهم سرقوا قلبي

في قريتي التي أسكنها في أرض البلقان بإحدى دول أوروبا الشرقية.. يوجد مسجد به يوم السبت والأحد حلقات تحفيظ القران الكريم.. ظننته في البداية يوما عاديا حيث يجلس الشيخ ويلقن الأطفال القرآن الكريم ويصحح لهم الأخطاء.. وإن شئت فقل: الأسلوب التقليدي الذي اعتدت أن أراه في معظم البلاد العربية.

صليت المغرب وهممت بالخروج فإذا بالأطفال الذين صلوا معنا ينشطون عقب الصلاة والأذكار ويحولون الصالة الأمامية للمسجد إلى ساحة لعب.

أحضروا طاولة للعب تنس الطاولة، جهزوها وأمسكوا المضارب تحولت الصالة الأمامية إلى كرنفال بهجة وسرور، إمام المسجد يشبه الطفل في تصرفاته معهم.. هل هذا هو الإمام الذي يقبل الأطفال يديه منذ قليل؟!

نعم هو..

وقفت ألاحظهم وأتعجب، فاقترب مني الإمام وقال لي:

أعتقد أن بلادكم العربية لو رأى المسؤولون في مساجدها ما نفعل في مساجدنا لبدعونا وفسقونا..  

علمت ما يريد قوله.. ووفرت عليه حوارا كبيرا وقلت له: كل ما تريد قوله أعلمه.. ولكن أعطني شيئا جديدا تهدفون إلى الوصول إليه من أساليب التربية هذه.. تربية المسجد؟

فقال: قتل النفاق.

سبحان الله.. إجابة لم أتوقعها وأنا من ظن بنفسه أنه يعرف الأساليب والأهداف كلها بحكم طبيعة تخصصي وعملي أخصائيا اجتماعي طيلة عشرين عاما.

قلت له: كيف هذا؟

قال:

الطفل عندكم يلتحق بكاتاتيب التحفيظ ليتعلم القرآن الكريم، فيعيش في بيئة إيمانية.. ثم يخرج إلى الشارع يريد أن يشبع رغباته كطف. يريد اللعب.. اللهو.. الأصدقاء..

فيشبعها في بيئة غير منضبطة (شتائم وألفاظ ومعارك.. و..).

ولا بد أن يتأقلم معهم في هذه البيئة حتى يستطيع أن يشبع رغباته من خلالهم.. فإن عاد إلى كُتَّاب التحفيظ التزم سلوك التدين وسلوك الطفل المتأدب بآداب القرآن  كما هو مطلوب منه.

فيعيش الطفل حالة من التقلب تؤدي به إلى طريق النفاق.

هل عرفت الآن لماذا نربي أولادنا في المسجد؛ نُحَفّظ ونلعب، ندرس ونلهو..

ثم قال: نزل الإسلام ببلادكم.. بلاد العرب وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يجعل من المسجد حياة كاملة؛ بل حياته كانت كلها نسق متكامل، حتى إنه كان يسابق عائشة وهو في طريقه للقتال..

وأنتم أخذتم من الإسلام جسده وتركتم روحه..

وهنا أوشكت دموعي على السقوط..

وتذكرت قصة المرأة التي بعثت بابنها ذي الأربعة عشرة عاما لأحد المراكز الإسلامية بأوروبا لكي يسلم..

وحين دخل على الإمام سأله الأمام:

من أتى بك إلى هنا؟

قال الطفل: أمي.. وهي تقف خارج المركز.

قال الإمام: لماذا لم تدخل معك؟

قال الطفل: هي غير مسلمة.

تعجب الإمام وطلب منه أن يدعو أمه لتدخل.

دخلت الأم فسألها الإمام:

أنت لست بمسلمة كما أخبرني ابنك.. إذن لماذا تطلبين من ابنك أن يسلم؟

امتلأت عينا الأم بالدموع وقالت:

لي جارة مسلمة.. ولها طفل في عمر ابني.. ما دخل البيت ولا خرج إلا قبل يدها وسلم عليها.. فتمنيت أن يكون ابني مثله..

أيها السادة علموا أولادكم الشطر الأعظم من هذا الدين.. الروح.. الحب.. التسامح.. اللين.. البشاشة.. العفو..

يقول الدكتور عمر عبد الكافي: القرآن الكريم  6236 آية.. آيات العبادات في القرآن لا تزيد عن 130 آية فقط؛ أي نسبة 2 % من القرآن؛ في حين بلغت آيات الأخلاق 1504 آية؛ أي نسبة 24 % من القرآن، أي ربعه تقريبا.

ومع ذلك ركز عدد كبير من المسلمين على العبادات، وترك الجزء الأكبر من المعاملات وحُسن الخلق!

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزانِ من حُسنِ الخُلُقِ».

وقال ابن قيم الجوزية: الدين  كله خُلق، فمن فاقَك في الخُلق فاقَك في الدّين.

‏اللهم ارزقنا حسن الخُلق، وطهارة النفس، وحلاوة اللسان، وسعة الصدر، وسلامة القلب. وأعنا على تربية ذريتنا كما تحب وترضى.

{إنَّ اللَّهَ وَمَلَائكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ ﷺ

(منقول)

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 8 زوار  على الموقع