"أصدقاء سوريا" أصدقاء إسرائيل!
الأحد, 26 فبراير 2012 08:14

altنعيد نشر هذا المقال بمناسبة الاجتماع الحالي لـ"أصدقاء سوريا"

معذرة يا أصدقائي،

لا تنكروني إذا بدوت قاسيا معكم وفظا غليظ القلب!

فلقد أصبت -فيما يبدو- بعدوى موضة اختلاط المفاهيم، ولم أعد أعرف معنى أو مبنى لكلمة "الصداقة"!

لم تعد لدي حواس تمكنني من التمييز بين الحق والباطل، بين الصواب والخطأ، بين الخير والشر، بين لا ونعم!

وقد تعلمت اليوم -بحمد الله- أن أعرف الحق، لا به، بل بالنساء والرجال المتحضرين من أمثال كلينتون وساركو وهيغ وبرنار ليفي وبرنار غليون. رائدي ودليلي في ذلك ليس العقل، بل العناوين الصاخبة والعبارات النابية والصور المشرقة!

قدوتي من الأولين عرقوب وعبد الله بن أبي ابن سلول ومسيلمة وسجاح وأبو رغال! ومن الآخرين ميكيافلي ودونكيشوت وغوبل وسعد حداد و"الثلاث الآنسات": أولبرايت، ورايس وكلينتون!

ومع ذلك فأنا في قمة السعادة والحبور، لأني أصبحت إنسانا عصريا أمت بصلات وثيقة إلى فجر القرن الواحد والعشرين؛ وما عدت ذلك الرجعي المحافظ العصي على التقدم والتغيير والثورة، المتشبث لحد الجنون منذ عشرات السنين بقيم وثوابت وشعارات جامدة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا يمكن تجسيدها على أرض الواقع!

أولم يقل المثل الفرنسي: "وحدهم الأوغاد لا يتغيرون"!

***

تزاحمت هذه الخواطر في ذهني وأنا أشاهد عبر الشاشة فعاليات مؤتمر "أصدقاء سوريا" فلم أتمالك أن لا أقهقه وأهز عطفي فرحا وطربا وأرقص رقصة السيف!

أزيد من خمسين دولة صديقة لسوريا تجتمع في تونس الثورة والإسلام، وفي مقدمتها:

الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وتركيا الإسلامية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والقاعدة والجامعة العربية المعدلة جينيا مثلي!

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما      يظنان كل الطن أن لا تلاقيا!

***

وحدها التساؤلات الساذجة التي طرحها علي بإلحاح بعض أصدقائي المغفلين الذين لم يتغيروا مثلي أفسدت علي متعتي، وإن كانت لا تستحق جوابا من إنسان عصري وعارف ومتفتح مثلي:

قال لي صديقي وهو يشاهد معي هذا المشهد التاريخي الفريد:

ـ هل فسدت سوريا حتى اتخذت هؤلاء أولياء من دون الناس، أم صلح هؤلاء فأصبحوا أولياء سوريا الممانعة والصمود؟

ـ قلت: نعم!

ـ قال: وأين إسرائيل في هذا التحالف؟ هل أصبحت هي الأخرى صديقة لسوريا، أم إنها نبذها ولعنها وتخلى عنها "أصدقاء سوريا" لما استبد بهم عشق سوريا؟

ـ قلت: نعم!

ـ قال: وأين فلسطين المحتلة، والقدس المستباحة المهودة، والمسجد الأقصى الذي يجري -في هذه اللحظة بالذات- اقتحامه وتدنيسه من طرف المستوطنين، وعشرة آلاف أسير فلسطيني، وحصار وتجويع غزة وإبادة أهلها وأهل الضفة، والشيخ المضرب عن الطعام منذ شهرين، والتحرك العربي الإسلامي التحرري من أجل نيل مقعد فلسطيني في الأمم المتحدة، وإحراق المصاحف في أفغانستان؟ هل أصدقاء سوريا هم أيضا أصدقاء فلسطين وأفغانستان، وما ذا ينوون القيام به الآن من أجل نصرتهما تأسيا بما قاموا به نصرة لسوريا؟ أم إن قضايا فلسطين وأفغانستان وحرق القرآن قد تم تجاوزها من طرف العرب والمسلمين وغيرهم من أحرار العالم خدمة لسوريا ورغبة في الانتماء إلى نادي أصدقائها؟ ومن يا ترى تخلى لمن؟

ـ قلت نعم!

- قال: و"أصدقاء سوريا" في مصر العروبة والثورة لما ذا يطردون سفير سوريا ويحتضنون سفير إسرائيل؟

- قلت: نعم!   

ـ قال: و"أصدقاء سوريا" في موريتانيا: من نظام وقاعدة وإيرا ولا مساس وغيرهم... هل سيجمعهم "حب سوريا" فيعلنون الهدنة فيما بينهم كأصدقاء ويتجهون إلى الحوار والبناء الوطني ويكفون عن التآمر على أمن واستقرار الوطن، أم إن "حب سوريا" أقوى من حب الوطن، ويَجُبُّ حب الوطن؟

ضقت ذرعا بصديقي، واستبد بي الغضب على غير عادتي، فحاولت التخلص منه! لكن رد فعله كان أسرع؛  إذ رأيته يجري مبتعدا عني وهو متأكد -من خلال أجوبتي التي لا تتغير ومزاجي العكر- أن بي جنة أو سحرا.. فصديقي الساذج المسكين لم يتعلم بعد أن الرجل العارف المتمدن مثلي لا يقول "لا" أبدا، ولا يتعب نفسه في البحث عن الحقيقة! فـ"الحقيقة" تقدمها لنا مجانا وبمجرد الضغط على الزر ترسانة إعلام "أصدقاء سوريا" الأعلام.

 

 

 

 

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 9 زوار  على الموقع