نَفَيْتَ عَنكَ العُــلى وَالظَّرْفَ وَالأَدَبا **- وَإِنْ خُلِقتَ لَها- إِن لَمْ تَزُرْ حَـــلبَا
شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا ** في راحَةِ الفَجْرِ كُنتِ الزَّهْرَ والحبَبَا
أَوْ كانَ لِلَّيْلِ أَنْ يَخْــــــــــتَارَ حِلْيَتَهُ ** وَقَد طَلَعْتِ عَلَيْهِ، لازْدَرى الشُّــــهُبَا
لَوْ أَنصَفَ العَرَبُ الأَحْرارُ نَهْضَتَهُمْ ** لَشَيَّدوا لَكَ في ساحاتِها النُّــــــــصُبا
مَلاعِبَ الصِّيدِ مِنْ حَمْدانَ، ما نَسَلوا ** إِلَّا الأَهِلَّةَ وَالأَشْبالَ وَالقُـــــــــضُبا
الخالِعينَ عَلى الأَوْطانِ بَهْـــــــجَتَها ** وَالرَّافِعينَ عَلى أَرْماحِها القَـــــصبَا
حُسامُهُمْ ما نَبا في وَجْهِ مَن ضَرَبوا **وَمُهْرُهُمْ ما كَبا في إِثْرِ مَنْ هَـــــرَبا
ما جَرَّدَ الدَّهْرُ سَيْفاً مِثْلَ "سَيْفِهِمُ" ** يُجْري بِهِ الدَّمَ أَوْ يُجْري بِهِ الذَّهَـــبا
رَبُّ القَوافي عَلى الإِطلاقِ شاعِرُهُمْ** الخُلْدُ والمَجْدُ في آفاقِهِ اصْطَــــــحَبا
سَيْفانِ في قَبْضَةِ الشَّهْباءِ لا ثُلِما ** قَدْ شَرَّفا العُرْبَ بَلْ قَدْ شَـــــرَّفا الأَدَبا
عُرْسٌ مِنَ الجِنِّ في الصَّحْراءِ قَدْ نَصبَوا ** لَهُ السُّرادِقَ تَحْتَ الَّليْلِ وَالقبَبا
كَأَنَّهُ تَدْمُرُ الزَّهْــــــــــراءُ مارِجَةً ** بِمِثْلِ لسْنِ الأَفاعي تَقْذِفُ اللَّـــــــــهَبا
يا مُلْبِسَ الحِكْمَةِ الغَرَّاءِ رَوْعَتَها ** حَتَّى هَتَفْنَا: أَوَحْيًا قُـــــــــــلْتَ أَمْ أَدَبا!
كأَنَّما هِيَ أَصْداءٌ يُــــــــــــرَدِّدُها ** هذا إِذا بَثَّ، أَوْ هذا إِذا عَــــــــــــــتَبا
قالوا اسْتَباحَ أَرسْطو، حينَ أَعْجَزَهُمْ ** وَإنَّهُ اسْتَلَّ مِنْ آياتِهِ النُّـــــــــخَبا
مهْلاً، فَما الدَّهْرُ إِلَّا فَيْضُ فَلْسَفَةٍ ** يَعــــــــــــــودُ بِالدُّرِّ مِنْهُ كُلُّ مَن دَأَبا
مَنْ عَلَّمَ ابْنَ أَبي سُلْمَى "حَكيمَتَهُ" ** وَقُسَّ ساعِـــــدَةَ الأَمْثالَ وَالخُطَبا؟
قالوا: الجديدُ، فَقُلْنا: أَنْتَ حُجَّتُهُ ** يا واهِباً كُلَّ عَــــــــــصْرِ كُــلَّ ما خلَبَا
عَفْواً نَبيَّ القَوافي، أَيُّ نابِـــــغَةٍ ** لَمْ يَزْرَعوا حَوْلَهُ البُــــهْـــتانَ وَالكَذِبَا
مَنَعْتَ عَنْهُمْ ضياءَ الشَّمْسِ فَانْحَجَبوا ** فَهَلْ تَلومُهُمُ إِن مَـــزَّقوا الحُجُبا
أَضْرَمْتَ ثَوْرَتَكَ الهَوْجاءَ فَالتَهَمتْ ** مِنَ القَريضِ الهَشيمَ الغَثَّ وَالخَشَبا
حَتَّى رَجَعْتَ وَلِلأَقْلامِ هَلْـــــــــهَلَةٌ ** في كَفِّ أَبْلَغِ مَنْ غَنَّى وَمَنْ طَـــــرِبا
غَضِبْتَ لِلْعَقْلِ أَنْ يَشْقى فَثُرْتَ لَهُ ** بِمِثْلِ ما اندفَعَ البُرْكانُ وَاصْطَـــــخَبا
هَلِ النُّبوَّةُ إِلَّا ثَوْرَةٌ عَصَــــــــفَتْ ** عَلى التَّقاليدِ حَتَّى تَسْتَحيلَ هَـــــــــبا
ما ضَرَّ مُوقِدَهَا، وَالخُلْدُ مَنــــزِلُهُ ** إِذا رَمى نَفْسَهُ في نارِها حَــــــــطَبا.