موقف يذكر فيشكر
الجمعة, 09 يوليو 2021 08:25

 

altغادر سيدي ولد سالم غرفته بفندق Ibisفي باريس ونزل المصعد وعند خروجه فوجئ بشاب يبادره السلام بالحسانية ويقول: "سيدي الوزير، أريد خمس دقائق من وقتكم".

خمس دقائق سيكون لها تأثير كبير على مستقبل هذا الطالب الجامعي.. ولكن، لنعد قليلا إلى الوراء…

إبان السنة الدراسية 2008 استطاع الشاب محيي الدين سيف الحصول على تسجيل بفرنسا في Classe préparatoire التي يستطيع الطالب من خلالها تحضير مسابقات أرقى مدارس المهندسين في فرنسا.

بعد البكالوريا جاء ترتيب محيي الدين هو الأول على المستوى الوطني، وبما أن لديه تسجيلا في فرنسا فإن ذلك يضعه مباشرة على رأس لائحة الممنوحين إلى هذه الدولة، ولكنه فوجئ بكثير من أصدقائه تم توجيههم إلى فرنسا، بينما حصل هو على منحة إلى المغرب!

بما أنه ليست له وساطة، تجرع الشاب مرارة الظلم وذهب إلى المغرب، وبعد سنتين شارك في مسابقة ولوج مدارس المهندسين بفرنسا، ليتم قبوله في École Centrale de Parisوهي إحدى أعرق مدارس المهندسين في أوروبا.

قرر ترك منحته في المغرب والسفر إلى فرنسا، وفعلا بدأ الدراسة في "سنترال" رغم شح الموارد؛ إذ لم يجد من وسيلة للعيش سوى الديون. في فرنسا يمكنك أن تفتح حسابا وتستدين ألف يورو إذا كنت طالبا، ويمكنك أن تستدين أكثر إذا كنت في جامعة عريقة، حيث إن البنك يعرف أنه لا يجازف كثيرا.

فتح محيي الدين عدة حسابات أتاحت له تسلف مبالغ مكنته من العيش، ولكن في مرحلة ما لم يكن يستطيع الزيادة ولم تكن لديه مصادر أخرى. فاتح أحد أصدقائه في الموضوع فقال له: "سمعت أن وزير التعليم العالي يوجد هذه الأيام في باريس في مهمة رسمية، سأطلب من أحد أصدقائي في السفارة أن يقول لنا في أي فندق يقيم. اذهب إليه واطرح مشكلتك".

يحكي محي الدين:

"في اليوم الموالي طلبت من صديقي أن يوصلني إلى الفندق بسيارته. حتى 1.70 يورو لدفع تذكرة الميترو لم تكن عندي. جلست في البهو أنتظر. بعد برهة خرج الوزير من المصعد فتوجهت إليه مباشرة. سلمت عليه فأجاب ببرود، طلبت منه خمس دقائق من وقته فأجاب باقتضاب: تفضل.

لم يدعني للجلوس ولكن ما علينا. سردت قصتي باختصار. سألني عن اسمي وفعلا تذكر أنني كنت "ماجور" البكالوريا. ومن هنا بدأ يهتم بالموضوع. توجه إلى الأريكة ودعاني للجلوس بجانبه. استمع بإنصات إلى قصتي وبعد أن انتهيت من الكلام أخذ هاتفه وتكلم مع تيام جومبار زميله في الحكومة، ثم هاتف شخصا في الوزارة وآخر في السفارة. وأخيرا أدخل يده في جيبه وأخرج مبلغ 225 يورو، يبدو أنها كل ما كان لديه.

أرجع خمسة يوروهات من جديد في جيبه وقال مبتسما: "لاهي نشري بيها جريدة".

ثم أعطاني الباقي فرفضت. فوضع المبلغ في جيبي بحزم وقال: "سنقوم بتحويل منحتك من المغرب إلى فرنسا، وسنقوم بدفع المتأخر rappelولكن الإجراءات قد تأخذ أياما. اعتبر هذا المبلغ مساعدة بسيطة من أخيك الأكبر، في انتظار وصول منحتك إلى حسابك البنكي".

ثم أعطاني رقمه الشخصي قائلا: "تواصل مع السفارة وكلمني إذا تعرقل الموضوع".

وفعلا تم تحويل المنحة ودفع المبالغ المتأخرة. بعد ثلاث سنوات تخرج محيي الدين من سنترال متفوقا. ورغم العروض المغرية من كبريات الشركات الفرنسية قرر فتح مشروعه الخاص؛ وهو شركة Riminderولديها طريقة مبتكرة لتواصل رواد المشاريع ومديري الشركات مع الباحثين عن العمل.

لم تعد فرنسا قابلة لاستيعاب الشاب الطموح فقام بتحويل شركته إلى سان فرانسيسكو. اليوم تعتبر شركته من العناوين المعروفة في مجال التشغيل وتقدر قيمتها في السوق الأمريكية بأكثر من 60 مليون دولار وتعمل مع أكثر من 120 حكومة عبر العالم، ويقوم كبار المديرين باستشارتها.

قال لي إنه في مرحلة البحث عن التمويل في بداية انطلاق مشروعه، شارك في عدة مسابقات وقدم ملفات إلى بنوك وممولين موريتانيين BNM, BMCI, CDD.. طبعا دون جدوى.

التقيته صدفة وقال لي إنه قدم من سان فرانسيسكو إلى انواكشوط لزيارة سيدي ولد سالم بالخصوص بعد خروجه من الحكومة، عرفانا منه بالجميل، وتحدثا حول إطلاق تعاون مع الحكومة الموريتانية، عبر وزارة التشغيل، ووافق على وضع خبرته وشركته ووقته رهن إشارة حكومة بلاده، من أجل مد يد العون للشباب الموريتاني العاطل عن العمل.

قال لي بالحرف: "يوما ما ساعدني أحدهم. اليوم أود بدوري مساعدة الآخرين".

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع