معن بشور
في مثل هذه الأيام من عام 1982، وفيما كان المقاومون الفلسطينيون وأفراد الجيش العربي السوري يغادرون بيروت بحرا وبرا وسط مظاهر خشوع ودعاء، ودموع وبكاء، شملت المقاتلين، كما المودعين، بعد صمود أسطوري استمر أكثر من ثمانين يوما، قلنا للرئيس الشهيد الراحل أبي عمار وإخوانه: "صحيح أن رجال المقاومة راحلون لكن روح المقاومة باقية في هذه العاصمة العربية العصيّة على الحصار، وهذا البلد العربي العصي على الاحتلال".
استخف الصهاينة بما زرعته المقاومة الفلسطينية في بيوت اللبنانيين وقلوبهم، وبما تحمله البيئة اللبنانية الحاضنة لروح المقاومة منذ زمن بعيد، فخرقوا كعادتهم وعودهم أن لا يدخلوا العاصمة والمخيمات، ولكن الطبع غلب التطبع، فدخلوا العاصمة بعد خروج قوات المقاومة والجيش العربي السوري وسط خدعة دولية، لكنهم فوجئوا كم كانت روح المقاومة متينة، وانطلقت العمليات ضدهم من كل مكان حتى اضطروا للانسحاب خلال أيام وهم يرددون عبر مكبرات الصوت "يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار علينا إننا خارجون"..
أدرك الصهاينة إن أهل بيروت هم أهل لبنان، كل لبنان، الذين باتوا يلاحقونهم من مدينة إلى أخرى، ومن بلدة إلى بلدة، ومن قرية إلى قرية فكان أكثر من انسحاب، ثم كان التحرير عام 2000، ثم كان الانتصار المؤزر عام 2006.
المقاومة مستمرة.. رغم كل ما يحيط بها من مؤامرات، لأن روح المقاومة باقية في أمة لم تسكت يوما عن ظلم واحتلال وعدوان على مدى قرنين ونيف وما تزال.