أدب وفن في خدمة الحرية والمساواة (ح 1/ 4)
الاثنين, 16 أبريل 2012 12:10

من بين ما تضمنه كتاب "أزمة الحكم في موريتانيا" رصد لنضال شباب العقدين الأولين من عمر الدولة الموريتانية ضد الاستعمار الجديد والصهيونية والرجعية وكافة أشكال الطبقية والحيف الاجتماعي؛ ترسيخا للاستقلال والحرية والوحدة الوطنية وإنصافا للفئات المظلومة وإبرازا لهوية الشعب؛ من أسلحتهم في ذلك الكلمة والنغم والمسرح، كما يتضح من هذا المقتطف..

مما لاشك فيه أن التعبئة السياسية، كالتنظيم في حلقات ونواد وهيئات مهنية، إلى المهرجانات الشعبية، والمظاهرات، وتفعيل ما لدى ذلك الشباب من وساaltئل إعلام بدائية، كانت السلاح الرئيسي الذي زلزل في سنوات معدودة حصون العالم القديم في موريتانيا.

غير أن الأدب والفن لعبا دورا بارزا في تلك المعركة؛ خاصة في مجال التحريض ونشر الدعوة إلى الحرية. 

وكان الشعر (بنوعيه) في المقدمة مع حضور فنون أدبية أخرى. فبالإضافة إلى قصائد الشاعر والسياسي المخضرم محمد الحنشي ولد محمد صالح التي لم تنتشر كثيرا يومها، رغم حيازتـها قصب السبق، بسبب تقاعده المبكر واعتزاله الساحة السياسية، كانت قصائد الشيخ محمد سالم ولد عدود، والشاعر أحمد ولد عبد القادر وعشرات غيرهما من شعراء الفصحى والملحون (أمثال محمدي ولد أحمد فال، شي غال ولد محمد محمود، الشيخ الداه ولد الطلبة، محمد ولد باكا، الشيخ أحمد ولد محمذن فال، وأخيه محمد عبد الله بليل، أحمد ولد امبيريك، ومحمدْ ولد إشدو) تنتشر في جميع أطراف البلاد كما النار في الهشيم، وتصدح بـها وبالأغاني الملتزمة حناجر الفنانين؛ فضلا عن عشرات الشباب والفتيات المناضلين الهواة الذين لا علاقة سابقة لهم بالفن. وكان للقصة والمسرح حضور أيضا.

ومن أبرز النماذج التي لعبت دورا أساسيا في المعركة ما يلي:

 

أولا: نماذج من الشعر العربي الفصيح

الشيخ محمد سالم ولد عدود:

1 من قصيدة "ليس للرجعي فينا من نسب":

ليس للرجعي فينا من نسبْ ** كل رجعي دَعِيٌّ في العرب
لم نزل في الشأو نمضي قُدُمًا
 ** ليس يثنينا لغوب أو نصب
كلما جُزْنَا ثنايا أرب
 ** بحثيث السير تقنا لأرب
قد رجونا مظهرا فوق السما
  ** لا نرى الجعدي إذ قال كذب

2 كفى حزنا

كفى حزنا أن لا نزالَ يقودنا ** إلى العسف داع من دعاة جهنما
وفي شيعة الدجال نمضي
وحزبـه ** وأسرتنا جند المسيح ابن مريما
فيا عجبا من كافر قاد مسلما ** ومن عربي شاقه صوت أعجما

 

الزعيم محمد الحنشي ولد محمد صالح

1 من قصيدة "آدمي تعبيده معقول؟

أين مني آذانكم والعقول ** "آدمي تعبيده معقول؟!

مشكل في بلادكم وخليق ** أن تسنّى للمشكلات حلول

 

سيما مشكل يجر الدواهي ** قد أباه الدستور والمعقول

 

وحقوق الإنسان ليست لترضى ** بنظام الرقيق وهْو فضول
والرسول الكريم خط طريقا ** بينكم إذ نـهاكمُ أن تصولوا
ودعاهم إخوانكم في حديث ** ونـهى عن طريقه أن تميلوا
ونـهى أن تكلفوهم ثقيلا ** أو تعولوا النفوس ما لم يعولوا
ودعاكم لعتقهم مستحبا ** ووجوبا وفي الجميع دليل
أمر الشرع بالرقيق جميلا ** جُهِل الأمر واستبيح الجميل

         2 من قصيدة "لغة الهدى"

حار البليغ وهانت الأقلام ** لغة الهدى تنبو بـها الأيام!

من بعد ما كان الرسول دعا بـها ** وتَنَزَّلَ القرآن والأحكام

يقضــي عليهــا الداخلـــون مكيـدة‍ ** لبلادنا ويسامح الحكام
لغــــة الأجانـــب عندنـــا رسميــــة‍ ** ولساننا بين السطور يضام
وشبابنـــــا يتدارســــون الأجنبِـــــ ‍ ** ـيَّ وما لهم بتراثهم إلمام

ومَواطن الغرب التي حفطوا لنا‍ ** لا مصر تعرف بينـهم لا الشام

كـلا ولا أرض الجزيـــــــــرة كلهـــا ** والمغرب العربي أين يرام؟

 

                  3 من قصيدة نكبة فلسطين

ذكرى فلسطين الشهيده ** ذكرى التآمر والمكيده
ذكرى الدماء مراقة ** ذكرى الملايين الشريده
من يعرب من إخوة ** في الدين والدم والعقيده

 

الشاعر أحمد ولد عبد القادر

1 من قصيدة "فرحة العيد"

 

نََفَسي جمرة وقلبي لهيب ** في لهيب تمجه زفراتي
وأنين الحياة وهْو جريح ** بفؤادي مقطع النبرات
فيه ألفٌ وألفُ ألفِ انطلاق ** حائر بين زحمة النبضات
وانعتاق الوجود ألهم نفسي ** حكمة قلتـها بذاتي لذاتي
ليس في عالم العذاب عذاب ** 
مثل خنق الحياة في ذي الحياة

أيها العيد إن ذكراك رمز ** لنـهوض الشعوب بعد السبات
قد ملأت الصدور بِشْرًا وأمْنًا ** 
وأنرت الوجوه بالبسمات

فاتَّسم بالخلود والبس  حلاه ** سوف تأتي قهرا وتأتي وتاتي
سوف نحميك بالنفوس فترقى ** لامعا في مواكب النيرات
سوف نعطيك لا محالة معنى ** جئت من أجله ربوع البداة
سوف ندني إليك كل المعاني ** ونوازي موصوفها بالصفات

أنت عيدي إن كان هذا وإلا ** لست عيدي ولست عيد لداتي
أنت عيدي إن كان هذا وإلا ** 
لست عيدي، فأنت عيد الغزاة.

 

2 من "نشيد العمال"

ضحايا الشقا يا ضحايا الفساد ** يعم الفساد جميع البلاد
نـهوضا لنسقط حكم الفساد ** ونقضي على البغي والعابثين
فما ذا نقول وما ذا نريد؟ ** نريد الحياة بلا ظالمين!

تعبنا سئمنا صرعنا الرمال ** نبشنا المعادن عبر الجبال
عملنا الكثير صنعنا المــحال ** وكــــل الجهـود وكـل الثـمار

تعود مكاسب للمترفين

لقد حَرّق الحقد أكبادنا ** وتاقت إلى العدل آمالنا
ففي كل قلب تثور الدما ** وفي كل نفس يفيض الضرام
ستقتحم الشوك أقدامنا ** ونـهدم عرش الطغاة اللئام
فما ذا نقول وما ذا نريد؟ ** نريد الحياة بلا ظالمين!

3 من قصيدة "ثورة الفتح"

في الجماهير تكمن المعجزات ** ومن الظلم تولد الحريات
ومن الليل سابحا في الدياجي ** مدلهما تحفه الظلمات
ينبع الفجر مشرقا في الأعالي ** تتـهادى بدربـه النسمات
ومن العسف في فلسطين قامت ** ثورة الفتح يفتديها الأباة
مكثت في النفوس عشرين عاما ** تتعاطى لهيبـها الكلمات
ثم أضحت على صعيد الليالي ** ضربات تشدها ضربات
نحن شعب قد صَلّبَتـه المآسي ** صهرتـه الآلام والنكبات
نسكن النار لا نبالي لظاها ** زادنا العزم والإبا والثبات
نتلقى الشهيد عزا ونصرا ** والضحايا توديعهم حفلات
ونغني للموت بل ونراه ** في سبيل الحياة هو الحياة
ونغني حتى الجراح تغني ** في الجماهير تكمن المعجزات.

4 من قصيدة "ليلة عند الدرك"

قالوا له: ما ذا تضيف؟

... واستحضر المسجون من أعماقه

آراءه، أفكاره، أهدافه

وتذكر الوطن المكبل بالقيود

والثائرين على السلاسل والجمود

وتذكر الأبطال كيف يواجهون

شراسة المتوحشين

وتذكر المستعمِرين

ومحنة المستعمَرين

ونذالة المستثمِرين

وقوة المستثمَرين

ويحدث النفس المليئة بالتفاؤل والثبات

العنف والتعذيب والليل البـهيم

ليست سوى فجر انعتاق الشعب من كل الهموم

ومخاض يوم ترجف الدنيا له

حتما ستبعثه الأشعة والضياء

وترفرف الأعلام في آفاقه

فوق الجموع الزاحفة

لتدوس أكداس الظلام

وتطلع العهد الجديد

 

فيجيب منتصب الملامح شامخا:

ماذا أضيف؟

قد قلت كل حقيقتي

لكنكم تتصاممون عن الحقيقه

فحقيقتي أني أناضل ضد من

يبني بكم دور العذاب

وحقيقتي أني أناضل ضد من

يبغي لأمتنا الخراب

وحقيقتي أني وإن طال العذاب

وغرستُمُ في مهجتي كل الحراب

لن أنثني، لن أنثني

حتى أقدم للتراب

قطرات نار تلتظي

حمراء تلثمها التراب

وتنال مني الأرض أحسن بذرة

مما يجود بـه البنون المخلصون

إذ يعتري أوطانـهم جدب الحياه

ويجول فيها المفسدون

ويخيم المستعمرون.

 

محمدٌ ولد إشدو

 

1 من قصيدة "رسالة الشباب"

حكومتنا صبرنا وانتظرنا ** رجوعك.. غير أنك لم تحوري
تناسينا مصالحنا وسرنا ** وراءك.. غير أنك لن تسيري

وعبأنا الجموع لكي تشيري ** علينا.. غير أنك لم تشيري
وضحينا بماضينا لتبقي ** ولن تبقي؛ مع الأسف الكثير

على أن ليس عدلا منك أنا ** نساق إلى المنايا كالحمير

جياع لا رغيف لنا بتاتا ** وجهال إلى حد كبير

ومرضى لا مغيث لنا يُرَجَّى ** سوى "مونزي" مُغَرِّمِنا الأجير1
 

ورب الدار يشقى في خباء ** يمزق جنبـه شق الحصير

وللدخلاء جنات ورزق ** وسكنى الشامخات من القصور

 

2  من قصيدة ملك الإنسان للإنسان

أي شيء يثير للنكران ** مثل ملك الإنسان للإنسان؟

كائنان تكونا في استواء ** ثم جاءا إلى الوجود سيان
خاليان من كل ميز وعيب ** عاريان صنوان محتاجان
كيف تعطي الحياة ملكا وجاها ** لفلان.. وذلة لفلان؟
كيف يغدو هذا مليكا وهذا ** تحت نير الإرهاب والحرمان؟
أي دين وأي خُلْق قويم ** يرضيان هذا.. وأي بيان؟
إن شعبا يحيا على جهد شعب ** ليس حرا.. ومجرم في آن
إن شعبا يحيا على جهد شعب ** لحري بالموت والخسران
ونظاما يحمي انتـهاكا كهذا ** لعدو للحق والإنسان
وشبابا يحيط وضعا رهيبا ** مثل هذا باللف والدوران
لشباب مغفل وحقير ** 
وعميل للغرب.. للشيطان!

3 من قصيدة لمن المستقبل؟

... من ذا الذي ينمو

ويكبر في البلاد؟

ومن البذور الحالمات بالنور

يدفعها السماد؟

ومن الشرارات التي تنساب

من خلل الرماد؟

الشعب،

أم قوى الخيانة والتقهقر والفساد؟

ومن الذي يخبو ويخبو..

إلى أن يستحيل إلى رماد؟

ومن الذي تبدو له الدنيا

سوادا في سواد في سواد؟

ومن الذي يندك،

في هوج الرياح العاتيات العاصفه؟

الشعب،

أم قوى الظلام الرجعيات الخائفة؟

 

الرجعيون عفونة

وتناقضات وانحطاط

لن ينجحوا..

لن يوقفوا زحف التقدم، بالخرافة والسياط

 

نحن الحقيقة،

نحن أزهار التقدم والأمل

نحن الشجاعة والصرامة

والتفاؤل والعمل

لا نرهب الأشباح،

لا نخشى النباح ولا الدجل

ونجسد الفجر الجديد

وثورة الشعب البطل..

 


1- مونزي: طبيب فرنسي معروف بين الجيل الأول من سكان نواكشوط؛ ولا تزال بناية المستوصف الذي كان يعمل به تحمل اسمه إلى اليوم (طب مونزي) وهي البناية الواقعة خلف الجزء الغربي من دار البريد؛ وإن لم تعد مستوصفا كما كانت من قبل.

 

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع