| الانتفاضة الثالثة وتسليح الضفة الغربية |
| الأربعاء, 17 فبراير 2016 08:19 |
|
د. غازي حسين
أكّدَت الحرب على غزة والإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش العدو الصهيوني على شعبنا الفلسطيني نهاية المفاوضات الكارثية، التي انحاز فيها الراعي الأمريكي إلى حليفه الاستراتيجي الكيان الصهيوني. إنّ تسليح الضفة الغربية وتوسيع هذه الخطة الإستراتيجية المهمة لتمتد وتشمل كل فلسطين التاريخية، وبمشاركة الشعب الفلسطيني كافة بتياراته الوطنية والقومية واليسارية والإسلام المقاوم في داخل فلسطين وخارجها للانخراط في المقاومة المسلحة يقود إلى اجتثاث الاحتلال من فلسطين العربية؛ وهي الإستراتيجية الصحيحة لتحرير فلسطين والجولان ومزارع شبعا وكفر شوبا. قامت إستراتيجية العدو الصهيوني على استخدام القوة بإشعال الحروب العدوانية خارج "أراضيه" في الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والسويس والجولان وجنوب لبنان حتى العاصمة بيروت، وأغار بطائراته وأسلحته الأمريكية على العديد من العواصم العربية في آسيا وإفريقيا (ومنها الخرطوم وتونس والجزائر) وأشعل الحروب العدوانية خارج حدوده للتوسع وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية وكسر إرادة بعض الحكّام العرب وإبعاد الحروب عن مواطنيه ومؤسساته. غيّرت المقاومة اللبنانية في حرب تموز 2006 هذه الإستراتيجية عندما استهدفت الداخل الإسرائيلي في حيفا وما بعد حيفا حتى تل أبيب، ووصلت صواريخ المقاومة الفلسطينية من غزة إلى القدس وتل أبيب أيضاً. لقد حان الوقت لتقوم الدول العربية بتقديم السلاح والمال للمقاومة الفلسطينية وتسليح الضفة الغربية بالأسلحة الفردية الحديثة، لأنه ثبت بجلاء أن ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، وأن العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة.. لاسيما وأن العالم كله يعتبر أن القدس وبقية الضفة الغربية أراض محتلة؛ باستثناء الكيان الصهيوني، الذي يعتبرها أراضي محررة وليست محتلة لتبرير الاستعمار الاستيطاني اليهودي، ورفعه إلى مستوى القداسة الدينية تكريسا للخرافات والأكاذيب والأطماع التي رسخها كتبة التوراة والتلمود والمؤسسون الصهاينة ودهاقنة الاستعمار في الكيان الصهيوني. إن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية؛ أي قضية عربية – إسلامية، تهم جميع العرب من مسلمين ومسيحيين وجميع المسلمين والأحرار في العالم. فلسطين هي المفتاح الوحيد الذي يكمن فيه خلاص الأمة من كل أزماتها وتقهقرها وضعفها وفقرها وتخلفها. إنّ ما جرى وما يجري في القدس وفي كل فلسطين التاريخية يعيد للقضية مركزيتها ولخيار المقاومة الأولوية القصوى، ويؤكد خطورة الاستمرار في المفاوضات الكارثية، ويجسد استمرار الاستيطان والاحتلال وبناء المستعمرات والقمع فشل قيادة منظمة التحرير والعجز والهوان العربي، والتواطؤ الرسمي العربي وهزالة الموقف الدولي، وانحياز الدول الغربية للعدو الصهيوني. وتأتي هجمات الطعن بالسكاكين والرشق بالحجارة والهجمات على الشرطة والحواجز والدهس بالسيارات في الغالب من الشباب والشابات، من دون أي روابط سياسية أو تنسيق من قوى حزبية منظمة، وعبّرت طالبة الثانوية في رام الله وهي تنقل الحجارة للشباب في الصف الأول قائلة: "أنا جيت هون بعد ماشفت بالتلفزيون شو بيصير في الأقصى وكيف يقتلون الشباب". (رويترز في 16 /10/ 2015) وقال أحد الشباب لرويترز: "بدنا الاحتلال ينتهي وبدنا الانتهاكات ضد الأقصى تنتهي، وإحنا بنضرب حجارة لأنو هذا السلاح اللي بإيدنا". وطلب في نفس الوقت رئيس السلطة الفلسطينية من وسائل الإعلام التهدئة والإقلاع عن تمجيد الهجمات. ويبدو أن الشباب الفلسطيني والأسر الفلسطينية أصابها اليأس لفشل المفاوضات ومساعي التسوية ولاعتقادهم أن الاحتلال والاستيطان والتهويد وبناء المستعمرات اليهودية وتدمير المنازل الفلسطينية لن ينتهي؛ فالاتفاقات والمفاوضات لم تحقق إلا التنازل تلو التنازل، والقيادات الفلسطينية فقدت تأييد واحترام الجماهير الشعبية الفلسطينية. ويعتقد الشباب الفلسطيني بضرورة وجود قيادة موحدة لقيادة الانتفاضة وتوفير السلاح لحماية الأطفال والنساء والمدنيين العزل من المستعمرين اليهود، ومن فرق المستعربين الوحشية في الجيش الإسرائيلي، ومن قوات الشرطة والجيش والأمن الإسرائيلية، وانطلاقا من دراسة وتحليل الأسابيع الأولى من الانتفاضة الثالثة يمكن القول إنه لا يستطيع أي فصيل التحكّم في الحراك الشعبي، وإنّ قيادة منظمة التحرير خدعت الشعب عندما قامت بتركيب قيادة للانتفاضة الأولى وقامت بإجهاضها بعد أن فشلت إسرائيل في القضاء عليها مقابل اتفاق الإذعان في أوسلو والسلطة التي ابتكرها الاحتلال الإسرائيلي، وأجهضت الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) في 8 شباط 2005 لقاء رؤية الدولتين التي أخذها بوش من مشروع شارون للتسوية وضمنها خارطة الطريق، وتوقيع الهدنة في شرم الشيخ المشؤومة التي رعاها الطاغية المخلوع مبارك. إن عملية تطوير بواكير الانتفاضة الثالثة تتطلب وضع إستراتيجية وبرامج وأطر لها وقيادة ميدانية من الشباب تضم الجميع، وذلك لتطوير فعاليتها والارتقاء بها وبأدواتها وعملياتها وصولا إلى انفجار الثورة الشعبية المسلحة، ويدعو الشعب والأمة إلى استمرارها ورفض محاولات الاحتواء لمقايضتها وبيعها لإسرائيل وأمريكا كما فعلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الانتفاضتين الأولى والثانية. إنّ الحل الوطني والقومي والإسلامي والإنساني لوقف الاحتلال والاستيطان والتدمير والقتل والحروب العدوانية وبث الفتن الطائفية يتطلّب تسليح الضفة الغربية، والمواجهة العسكرية المستمرة مع الكيان الصهيوني حتى زواله. زالت جميع أنظمة الاستعمار بشكليه القديم والجديد، والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر، والنازية من ألمانيا، والفاشية من إيطاليا، والعنصرية من روديسبا والبرتغال، والآبارتايد من جنوب إفريقيا، ومصير الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني ونظام عنصري وإرهابي إلى الزوال بالانتفاضات والمقاومة المسلحة وحرب التحرير الشعبية، وإقامة الدولة الفلسطينية لكل مواطنيها في كل فلسطين التاريخية. |
