مفهوم الوطن والتغني به وبأمجاده في الشعر الموريتاني (ح2/ 4)
الأربعاء, 29 فبراير 2012 11:09

altأ ـ في العهد البطولي (عهد النهضة والاستقلال والتأميم والإصلاح)
لعلنا نتذكر أنه في منتصف القرن الماضي، وغداة نهاية الحرب الكونية الثانية بالتحديد، بدأت الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة تنهار، وهبت شعوب الأرض من منيتها تريد الحياة والحرية، فاندك النير الاستعماري وانزاحت العزلة المضروبة على شعوب العالم عموما وعلى بلادنا خصوصا، واتجه الكون إلى التفاعل والاندماج، وانبثاق الكيانات المركزية التي يخضع لها مختلف الروافد والمكونات أيا كانت ولاءاتها الضيقة.

عندها بدأ مفهوم الوطن لدينا يظهر ويطفو في الخطاب السياسي هنا وهناك وتصدح به شفاه وحناجر الشعراء في مفردات متعددة لمعنى واحد هو: الوطن. وقد مثل شعراء "النهضة" ومعاصروهم من أمثال ماء العينين ولد الشبيه ومحمد الحنشي ولد محمد صالح وأحمد بابه ولد أحمد مسكه وعبد الوهاب الشيگر والمختار بن حامدٌ ومحمد يوسف مقلد ومحمد ولد آبوّ والشيخ المختار ولد ابلول ومحمد ولد محمذ فال والشيباني ولد محمد ولد أحمد الرواد الأُول في هذا المجال؛ يتلوهم الشعراء القوميون والوطنيون: كالشيخ محمد سالم ولد عبد الودود وأحمدو ولد عبد القادر ومحمد المصطفى ولد بدر الدين ومحمدي ولد أحمد فال وشي غالي ولد أحمد محمود ومحمدي ولد أحمد فال والسادات ولد حين وفاضل أمين وكابر هاشم والخليل النحوي وإسماعيل ولد محمد يحظيه ومحمد الحافظ ولد أحمدو ومحمد فال ولد عبد اللطيف ومحمدي ولد القاضي وناجي محمد الإمام.. وغيرهم.
وسنستشهد في هذا المقام، بنصوص نموذجية، تعبر عن مفهوم الوطن لدى هذين الجيلين وتغنيهما به وبأمجاده، وهو في عز شبابه ونهضته:

يقول الشيخ ماء العينين ولد الشبيه فيما أصبح نشيدا لـ"حزب النهضة" تصدح به حناجر الشباب، وقد لحنه وغناه الفنان الكبير المناضل الجّيش ولد سدوم؛ كما لحنته وغنته في الستينات المجموعة التابعة لإذاعة الجمهورية العربية المتحدة تحت عنوان "موريتانيا نحن لك":

هـذا آخـر نومنا** بلادنا لا تشــــــتكي

شبابنا نفوسنا** أرواحنا كـــــــــل لك

لقد نفى عنا الونى** طموحنا ومجدك

نضيء رفضا للخنى** ظلام جهل حالك

شناقطه شنقيطنا** لنا ولا للمــــــــــالك.

ويقول عبد الوهاب ولد الشيگر من نشيد له وهو يقف في موكب مسؤولي الكيان الموريتاني الجديد أمام ضريح أبي بكر بن عامر في مگسم ابن عامر (الغديه):

يا باني المجد مـهـــلا** يكفيك هذا الخلود

كم جبت وعرا وسهلا** تقفو خطاك الجنود

إلى أن يقول:

شنقيط نبني ونعلي** سياســة واقتصــادا

تاريخنا العدل يملي** دستورنا القسط شادا

ويقول محمد الحنشي ولد محمد صالح رافضا ما هو كائن متغنيا بما ينبغي أن يكون:

هاكم أكارمَ موريتانِ نصيحة** مني يحق لمثلها استقبال

ما ذا التأخّرُ والشعوبُ تقدّمتْ؟** ماذا الركودُ وفي البلاد مجال؟

لا يلهينَّكمُ المعمِّرُ ضلّةً** ومناصبٌ تبدو لديه ومال

كلُّ الوسائلِ تحته في عكسها** فالعزُّ ذلٌّ والصَّغارُ كمال

زعم المعمِّرُ همّه إرشادنا** والحقُّ لا يخفاكَ حين يُقال

حكموا وقالوا: دولةً أصبحتمُ** ما الحق إلا أننا تمثال

حيث السياسة والدفاع لديهمُ** والحكم والأقوال والأفعال

لكنهم مكروا بساسة شعبنا** واستفتحوا لهم المقال فقالوا:

ها نحن أرض نالت استقلالها** تبا لكم.. أنّى لنا استقلال

بل نحن في استعمار قوم شرعهم** أن التحرر للشعوب محال

قل للمعمر إن يكن متجاهلا** إن التحرر للشعوب حلال

لو أنه يوما تأمل منصفا** جو العدالة ما يكون جدال

قولوا بأنا دولة عربية** إذ كل قول غير ذاك ضلال

لكن تجاهل حقنا مستنكرا** والجور أصبح ما لديه مجال

لم يبق من صبر على استعبادنا** فالموت فرض والحروب سجال

والحق أقبل والخدائع أدبرت** والعز من بذل النفوس ينال

أمواطني شنقيط هبوا برهنوا** أن التكاسل آفة وخبال

واجفوا العدو وصارحوه وأسسوا** مستقبلا تحيا به الآمال..

ويقول الشيخ المختار ولد ابلول مخاطبا شعب "أرض شنقيط" ومنوها بدور شباب "النهضة":

ولولا الشباب الناهضون بـقطركم** حديثا لأودى الدين والشعب والنسل

فقد دافعوا عن دينكم وحقوقكم**وخيركمُ من لا يَمَرُّ ولا يحلو

جرائدهم كانت وسيلة نصرهم**ودرس علوم الشرع في نسلكم هزل

ولولا كفاح القوم والشعب ساكت** لعم جميع الشعب في دينه ثكل

فهم في جهاد مستمر لنصركم** وأنتم مع الأعداء أحناكمُ قتل

بما أسلفوا من خدمة وطنية** تلافت ذماء الشعب قد كاد ينسل

وضحوا بما يحوونه من وظيفة** وما اصطادهم من بعدُ رمح ولا نبل

فهم روح هذا الشعب لا زال كعبهم** على كل من ناواهمُ أبدا يعلو

رعى الله بالإحسان ما فعلوا بكم** فأبلاهمُ خير الجزاء الذي يبلو

وكلل بالنصر العزيز جهودهم** فلان مِرَاسُ الصعب وانصرم المطل

أولئك أنصار الفضيلة والهدى** ومن ليس في كل الأعالي لهم عدل

شبابُ عُلًى من أرض شنقيط حافظوا** على بيضة الإسلام إذ باعها شكل

ويقول محمد ولد آبّوّ في الحنين إلى الوطن وهو مغترب في المغرب:

لله مراكش في درب عرجان** ما إن تخلف من حسن وإحسان

ما أقدر الله أن يدني ويزلف مَن** بالموريتان بمن في درب عرجان

ويقول محمد يوسف مقلد محاورا سيلبابي أيام نزوحه إليها:

ولد اعلبابي أي خاطرة النوى**ألوي عليك وأي شوق أتبع

يا جارة الصحراء أي ظلامة** أشكو إليك وأي شكوى تسمع

يا جارة الصحراء كم من لوعة** هي مثل شمسك في فؤادي تلسع

قلب يكاد يفر من أضلاعه** وحشا تكاد من الأسى تتصدع

لكنني رجل تمرس بالأذى** جلد "لريب الدهر لا يتضعضع"

ما زال لي أمل يغررني وما** أنفك في بسماته أتمتع

ما زال إيماني بنفسي راسخا** كرسوخ طود الشم لا يتزعزع

*** ***

يا موطن المستعبدين وبلدة الـ** ـمستضعفين عداك خطب مدقع

وفريسة المستكلبين ومَنْ هُمُ** تالله منك ومن وحوشك أجوع

تلك اللييلات الأنيسة كُنَّ في** ولد اعلبابي نهلة لا تشبع

قصرت فكانت مثل لا في لفظها** وأقل من حظي الذي لا ينفع

عذبت هناك ومذ تعجلها النوى** سقت المرارة، فهي حوض مترع

ويقول أيضا في قصيدته التي قدم بها كتابه "شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون" متغنيا بأمجاد ما "بين النهر والساقية":

اقرأ فإني ضامن لذة**"مجموعة" من أدب البادية

*** ***

وهج من الصحراء جم اللظى** مستعر كالمرجل الغاليه

يلفح من حين إلى آخرٍ** جوانحي.. وهْي له ظاميه

بلوت فيها أدبا نابغا** خصب الجنى والنعم الضافيه

كجو صحراه التي أنجبت** وريحها أنفاسه الحاميه

*** ***

للضاد في إفريقيا راية** خفاقة رفرافة عاليه

يرفعها العرب بنو عمنا الـ ** بيظان أهل الهمة الساميه

هم رسْلُها هم أساتيذها** هم حصنها هم درعها الواقيه

ترجمت حبي كتبا عنهمُ** تحمل من لبنان أشواقيه

إن الذكا كل الذكا كائن** تالله بين النهر والساقيه

عروبة تجمعها وحدة** كبرى بتلك الأربُع النائيه.

* * *

وبعد شعراء النهضة والتأسيس، ظهر جيل من الشعراء شبوا تحت راية الدولة الوطنية وعاشوا حلو ومر نشوئها وارتقائها، وهي منبثقة للتو في ظروف صعبة من رحم الاستعمار ضعيفة غريبة تائهة ومعزولة، ولكنها واعدة؛ فهاموا بها وحَدَوْها وهَدَوْها بدموعهم وعرقهم ونجيعهم أيضا، وغنوها أعذب الألحان..

من هؤلاء إمامهم وشيخهم الشيخ محمد سالم ولد عبد الودود الذي "أطاح (نصه في العدوان الثلاثي على مصر سنة 56) بالمقدمة الطللية وكافة أغراض الشعر المألوفة لدى القبيلة؛ ليرمي به في خضم العصر وأتون الثورة العربية والعالمية المتأججة في مصر وفلسطين والجزائر وفيتنام"؛ والذي يقول منددا بما للدولة الوطنية الوليدة من تبعية للمستعمر وشيعته ومبرزا هوية الوطن الحقيقية:

كفى حزنا أن لا نزال يقودنا** إلى الخسف داع من دعاة جهنما

وفي شيعة الدجال نمضي وحزبه** وأسرتنا جند المسيح ابن مريما

فيا عجبا من كافر قاد مسلما** ومن "عربي شاقه صوت أعجما"

ويقول أيضا في دعوة صريحة إلى الأشقاء العرب تهيب بهم أن ينهوا العزلة المفروضة على الدولة الوطنية الجديدة:

يا أهل مصر ويا أهل العراق ويا** أهل الحجاز وأهل الشام واليمن

ويا جلالة مولانا الحسين ويا** جلالة الندب مولانا الفتى الحسن

ها إن تا أمة منكم محافظة** على العروبة والإسلام والوطن

كما يقول من قصيدة أخرى في انتماء الوطن وشموخه وسمو همم أبنائه:

ليس للرجعي فينا من نسب ** كل رجعي دعي في العرب

لم نزل في الشأو نمضي قدما ** ليس يثنينا لغوب أو نصب

كلما جزنا ثنايا أرب** بحثيث السير تقنا لأرب

قد رجونا مظهرا فوق السما** لا نرى الجعدي إذ قال كذب!

ومنهم أيضا أحمدُ ولد عبد القادر الذي يحاور مرابع وطنه الصحراء المشرقة بنور الاستقلال رغم ما ظل يلفها من دياجير التبعية والعسف والتخلف والعزلة:

غمر الشعاع مرابع الصحراء**وانساب فوق أديمها الوضاء

وتماوجت درر الحصى بصفائها** تحت النجوم على الربى الفيحاء

صحراء ما هذا الضياء هل اختفى** طيف الظلام وتاه في البيداء

لا لا ولكن عيدنا في يومه** غمر النفوس بغبطة ورجاء

إلى أن يقول:

لهفي عليك ومجدك المحبو** ب يا سمراء يا متعبد الشعراء

آويت أبناء العلى من حمير** وبني هلال قادة العلياء

وفخرت بالعرب الشناقطة الأولى** قادوا الزمان بحكمة ومضاء

وبنوا عليك المجد بالفكر السني** تحميه كل كتيبة حمراء

إني لأجهش إن ذكرت جلالهم** ونزلت منك ببقعة غبراء

ليس ابتهاج العيد يكفي دون أن** نبني الكيان بهمة وإباء

ويقول في نفس المعنى أيضا في ذكرى عيد الاستقلال الوطني:

فرحة العيـد أيقظـت ذكرياتـي**من صميمي وحركت خطراتـي

حول ماض يعطيك قصة شعـب**عبـق بالفخـار والمكرمـات

زاره عقبـة المجاهـد قـدمـا** حاملا ديـن أفضـل النسمـات

وانتمى بعـد ذا لقيـس وذهـل** وقريـش العـلى وسعـد منـاة

عايش الدهر يصطفيـه ويحمـي** عـزه بالطمـوح والمعجـزات

كلمـا دارت الـقـرون تــراه** مستنير الجبيـن صلـب القنـاة

كلمـا دارت الـقـرون تــراه** يرضع العز من زمـان مـوات

يبعـث العلـم والثقافـة نـورا** نابعـا مـن مناضليـه الأبــاة

إلى أن يقول:

أيها العيد إن ذكراك رمز** لنهوض الشعوب بعد السبات

قد ملأت الصدور بشرا وأمنا** وأنرت الوجوه بالبسمات

فاتسم بالخلود والبس حلاه** سوف تأتي قهرا وتأتي وتاتي

سوف نحميك بالنفوس فترقى** لامعا في مواكب النيرات

سوف نعطيك لا محالة معنى** جئت من أجله ربوع البداة

سوف ندني إليك كل المعاني** ونوازي موصوفها بالصفات

سوف نعطي الجياع خبزا ونسقي** ظمأ الأرض بالمعين الفرات

سوف نعطي الجهال علما ودينا** ورثوه عن الجدود الهداة

أنت عيدي إن كان هذا وإلا** لست عيدي ولست عيد لداتي

أنت عيدي إن كان هذا وإلا** لست عيدي فأنت عيد الغزاة

وانعتاق الوجـود ألهـم نفسـي** حكمـة قلتهـا بذاتـي لـذاتـي:

ليس في عالـم العـذاب عــــــذاب** مثل خــنق الحياة في ذي الحيـاة

ومنهم محمد كابر هاشم الذي يقول في حديث النخل:

حَدّثَ النخلُ قال ذاتَ زمانٍ**كان مهدي للفاتحين مَقيلا

إلى أن يقول:

قدَرُ النخل أن يظلّ دواماً** رافعَ الهامِ أو يكونَ قتيلا

كان ظلّي للصافنات مقيلا** خيلِ فتحٍ تهدي الصهيلَ صليلا

كلُّ جرداءَ مبتلاةٍ بقَرْمٍ** يحسب النقعَ هامُه إكليلا

كلُّ نَدْبٍ على المكاره جَلْدٍ** ليس يبغي بالحُسْنيين بديلا

عُقبةُ الخيرِ من هنا مرّ يوماً** وابنُ ياسينَ قد هداه السبيلا

يوسفُ العدلِ سيفُه حِميريٌّ** يألف الغزوَ بكرةً وأصيلا

والمراديُّ يحتبي رمحَ حقٍّ** سمهريّاً ومشرفيّاً صقيلا

رضعوا الصدقَ سُنّةً وسبيلا** وطِعاناً ومَحْتِداً وقبيلا

صدقوا اللهَ عهدَهم ورعَـــوْهُ** قومُ صــــدقٍ ما بدّلوا تبديـــــلا

ويقول أيضا:

هذه أرض العلى والمعالي**والمروآت والرماح الطوال

مهد مجد مؤثل وتليد** هو إرث من العصور الخوالي

أهلها الغر يالكم عودوها** عند شح النوال بذل النوال

كم غدا العلم للأولى سكنوها** رمز فخر ورفعة وجلال

ورعى الضاد في حماها سراة** من قريش وحمير وهلال

حملوا الهدي في المجاهيل حتى** بدد الهدي عتمة الأدغال

تخذوا العدل والتسامح نهجا** نبويا على مدار الليالي

علموا الناس طيبات السجايا** بعد جهل وغفلة وضلال

شيم الخير هذه قد رعاها** كل شهم الفعال عذب الخلال

يحسب النصر والقناعة غنما** ويرى العز في جميل الخصال

لا تراه في الحادثات جزوعا** حين تدعوه الحادثات نزال

وهو في سائر الظروف صبور** وشكور في سائر الأحوال

عند بحث النصوص يرضيك فهما** وهو يرضيك يوم هز العوالي

ولكي تكتمل أبعاد جيل ما بعد الاستقلال لابد من الإشارة إلى أن العقد الأول من عمر الدولة الموريتانية شهد حدثا بارزا طبع البلاد بطابعه المتميز، ألا وهو ثورة الشباب على مظاهر الاستعمار الجديد واتساع نفوذ الشركات متعددة الجنسية (ميفرما مثلا) وتدهور قيم التبادل وانهيار الاقتصاد الريفي. وقد ووجهت تلك الثورة العارمة التي غيرت وجه موريتانيا بقمع شديد رصده ورصدها بعض الشعراء في أعمال شهيرة مثل "رسالة العجوز" و"رسالة إلى رفيق" و"أطفالنا يتساءلون" وغيرها.

وقد بلغ العطاء الأدبي لهذا الجيل أوجه في منتصف السبعينات مع التأميم والإصلاح والوحدة الوطنية وغيرها من المكاسب الوطنية التي تحققت يومئذ. وكانت "ريشة الفن" للشاعر أحمدو ولد عبد القادر زهرة ذلك البستان. وقد لحنها الفنان الكبير سي مالي ولد همد فال وغنتها الفنانة الراحلة ديمي بنت آبه في مهرجان أم كلثوم بقرطاج:

بيـن خفـق الـرؤى وذوب الخـيـال** واقتحـام المـنـى عـيـون المـحـال

والأغـانـي المجنـحـات سـكـارى** سابحـات فــي مـوكـب الآمــال

نـهـض الـنـاي والـيـراع وقــالا** كلمـات بيـض الحـروف الصقـال

هل لهذا الوجود معنى إذا لم** يتـفـهـم هـويـتـي ومـجـالـي؟

وأنـاشـيـد مـزمــري تـتـغـذى** مـن صـدى أنتـي وفرحـة بالـي؟

كـنـت حلـمـا معـلـلا بالأمـانـي** همـسـات تـجـوب درب الـكـلال

تــارة أبـصـر الحـيـاة وأخــرى ** أبصر الصمت فـي ضميـر الليالـي

وأنـا اليـوم صرخـة تركـب الــريـ ** ـح جـوادا تعلـو مـتـون الجـبـال

وأنــا الـيـوم مشـعـل عـبـقـري ** يـزرع النـور فـي جبيـن الــزوال

وأنـا اليـوم فتيـة صاحـبـوا الــفـ ** ـن ونالـوا مـن وحيـه كـل غــال

ورحـيـق الجـمـال بـيـن يديـهـم ** مشـرب للنفـوس صـافـي الــزلال

يتـعـاطـون بـــرده وشــــذاه** فــي كــؤوس ظلالـهـا كـاللآلـي

نحتـوهـا مــن كـوكـب قـمـري** فـي سمـاء الفنـون صعـب المنـال

يتجلـى فـي الشعـر جـدول سحـر ** ضفـتـاه مــن روعــة وجــلال

قزحـي الأنـفـاس يحـمـل فيـضـا ** أبـديــا يـهـتــز كـالـشــلال

وتـــراه العيون رســمــا ونـقـشــا** نمنمـتـه يــد البـهـا والـكـمـال

مثـلما يـبـدع السـحـاب إذا مــا ** عانـق الأرض بعـد قطـع الـوصـال

بـالـنـدى والـغـصـون تهتز هــونــا ** وحلـى الـورد والضيـا والـظـلال

*** ***

هللـي مورتـان مـا ذاك إلا ** ومـضـة مـــن سـراجــك الـمـتـلالـي

هلـلـي يــا بــلاد مـا نـحـن إلا ** قـطـرة مــن معيـنـك السلـسـال

وابـشـري صفـقـي لوثـبـة نـبـع ** ظـل يسـقـي مـواكـب الأجـيـال

حـاول الغـرب حبـسـه ذات يــوم** عـن مجاريـه عبـر هـذي الـرمـال

فانبـرى يمضـغ السـدود ويـجـري ** لا يـبـالـي بشـأنـهـا لا يـبـالـي

وتسـامـى أصـالــة وشـمـوخـا ** فـي رحـاب الخلـود ثــر النــوال

نهضـة ترفـع المـعـارف جـسـرا ** ذهبـيـا يـرقـى بـهـا للمـعـالـي

فكرها عزمها صواعق نار** تتصدى للمسخ والإذلال

وانتقام مـن الجمـود وضـرب ** لـنـوايـا المستـعـمـر المـحـتـال

فتعالـي أقلامـنـا نسـبـر الـعـصـ ** ـر ودنيـا الألـوان دنـيـا المـقـال

ريـشـة الـفـن بلـسـم وســـلاح** ودليـل يضـيء وعــي الـرجـال

إنـهـا عـالـم الحـقـائـق يـحـيـا** بيـن خفـق الـرؤى وذوب الخـيـال.

ــــــــــــــــــــــــ

* ورقة أعدت للمهرجان السنوي السابع للأدب الموريتاني، المنظم من طرف اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين في نوفمبر 2011.

 

تعتذر إدارة الموقع للزوار الكرام عن الخلل الذي وقع في هذا الموضوع عند بداية نشره (لأسباب تقنية).

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 10 زوار  على الموقع