الحرب على الفساد في موريتانيا.. ما لها وما عليها (ملف ح13) |
الجمعة, 21 أكتوبر 2016 07:22 |
الوزير الأول: "لا مساومة في تجسيد خيار الرئيس بمحاربة الفساد"
وجاء تأكيد الوزير الأول خلال لقائه مؤخرا بقصر المؤتمرات في انواكشوط بالآمرين بالصرف في مختلف القطاعات الحكومية. وأوضح الوزير الأول أن محاربة الفساد خيار استراتيجي لرئيس الجمهورية لقناعته الراسخة بأن الفساد عائق جوهري في مسار التنمية، وأن الوسائل الضخمة التي أهدرت في الماضي وأثقلت كاهل الشعب الموريتاني بديون باهظة، لم تعط أية نتيجة بسبب الفساد؛ بل إن الفساد أثر سلبا بشكل مباشر على الأخلاق العامة بدرجة جعلت منها وسيلة لتشريعه وحمايته. وشدد الوزير الأول على أن محاربة الفساد أمر لا رجعة فيه، لكنها تتطلب تكامل الجهود الاجتماعية والسياسية والثقافية والأخلاقية والتربوية إلى جانب جهود الدولة ومؤسساتها الرقابية.
وقال إن الهدف من هذا الاجتماع هو الاتصال بالمسؤولين عن تنفيذ سياسات الدولة وبرامجها، لإبلاغهم بجملة من التوجيهات والتعليمات، في مجال تسيير الموارد العمومية ومحاربة الفساد، للالتزام بها والعمل على تنفيذها. وذكر بأن رئيس الجمهورية أصدر منذ تسلمه زمام البلاد، تعليماته بوجوب اتخاذ كافة التدابير لمحاربة الفساد بجميع مستوياته وبكافة أصنافه، وفي هذا الاطار تم القيام بخطوات عديدة، على المستوى المؤسسي والقانوني والإجرائي. وأضاف أنه على المستوى المؤسسي تم إنشاء وتفعيل مؤسسات الرقابة والتفتيش، مثل محكمة الحسابات، والمفتشية العامة للدولة، والمفتشية العامة للمالية، والرقابة العامة للدولة، ومراقبي المالية في القطاعات الوزارية، والمفتشيات الداخلية في كل وزارة، كما تم إنشاء هيئات للشفافية في مجالات المعادن والصيد البحري. وقال الوزير الأول إنه بخصوص الشق القانوني، استحدثت قوانين تعزز محاربة الفساد وتضع قواعد وضوابط للتسيير تحد من هامش التسيب المالي، وتسهل إمكانية المراقبة مع ضبط مساطر وإجراءات الصفقات العمومية، بشكل يضع حدا للفساد وللتلاعب بتنفيذ المشاريع. وأوضح أنه تم بهذا الخصوص القيام بتفتيش منتظم طال معظم المرافق العمومية وأعطى نتائج ملموسة مكنت من استرجاع مبالغ مهمة والحيلولة دون التجاوزات المالية للمسيرين، كما تم التحكم في سير ومراقبة الصفقات العمومية من خلال لجان قطاعية ورقابية وسلطة تنظيم. وقال الوزير الأول إنه تم إلغاء - أو تقليص- المصروفات التي كانت سببا في هدر المال العام، مثل ميزانيات التسيير والسيارات العمومية والاكتتاب الزبوني والتسيب الإداري. وأكد أنه إضافة إلى اتخاذ كل هذه الاجراءات والتدابير، فستظل محاربة الفساد بحاجة إلى مزيد من العمل المتواصل على مختلف المستويات. وشدد على ضرورة التزام المسيرين وانسجام أدائهم الاداري والمالي وأساليب تسييرهم للشأن العام مع هذه التوجهات. وقال إن الموارد التي تخصصها الدولة لمشاريعها وبرامجها وأنشطتها المختلفة، يجب أن تصرف فيما خصصت له، بشفافية ومسؤولية، وليس من أجل تحقيق المصالح الشخصية المادية أو المعنوية الضيقة. وأضاف أن تطبيق القرارات والتعليمات الرسمية التي تصدرها الدولة، جزء أساسي من المهمات التي يجب على المسؤولين تنفيذها واحترامها. مشددا على ضرورة التحلي بالمسؤولية والانضباط الاداري اتجاه القرارات والإجراءات المتخذة من طرف الدولة.
وقال إن الجهود التي تم القيام بها فيما يخص الاستغناء عن الأشخاص الوهميين الذين لا يقومون بأية خدمة عمومية، والقضاء على ظاهرة تعدد الوظائف، وفرت للميزانية السنوية مبلغ مليارين و700 مليون أوقية ومكنت من توفير 1500 فرصة عمل جديدة؛ وهو ما يحتم مواصلة تلك الجهود.
وقال الوزير الأول إن السواد الأعظم من الموريتانيين يدعم سياسة الدولة في مجال محاربة الفساد رغم وجود جماعتين إحداهما كانت تتخذ من الفساد مرتعا لها وشكلت محاربته تضييقا على مصالحها الشخصية الضيقة والثانية تشكك في كل الإنجازات التي تحقق في عموم البلاد لحاجة في نفسها.
وأشار إلى أن بعض مؤسسات الدولة تعاني من وفرة في العمالة غير المؤهلة يقابلها نقص كبير في الكفاءات الضرورية لعملها؛ مما يستدعي مراجعة وضعيتها لتكون في ظروف تسمح لها باكتتاب الكفاءات التي تحتاجها. وأكد على ضرورة أن يدرك المسؤولون أنهم جزء من نظام سخر كل جهوده ووقته للنهوض بهذا البلد وتحقيق التنمية الشاملة له بجميع أبعادها، وأنهم تقع عليهم المسؤولية المباشرة، الادارية والأخلاقية، في إنجاز وتحقيق تلك المهمات الوطنية الكبرى.
وأعطى الوزير الأول بالأرقام المعطيات التي تؤكد النقلة النوعية التي حصلت في البلاد بفضل انتهاج سياسة محاربة الفساد؛ مبرزا ارتفاع الناتج الوطني الخام من 700 مليار أوقية سنة 2008 إلى 1600 مليار أوقية حاليا. وخلص الوزير الأول إلى القول إن كل الإنجازات التي تحققت في عموم البلاد، ليست وليدة موارد جديدة، ولكنها ثمرة سياسة حكومة رشيدة، تعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها وتدرك أن الفساد عائق جوهري في مسار التنمية. وقال إنه لو كان تسيير البلاد قبل 30 سنة على نحو ما هو عليه الآن، لكانت البلاد قد قطعت أشواطا بعيدة على طريق التقدم والنماء. وحضر الاجتماع أعضاء الحكومة ورؤساء مجالس الإدارات ومديرو المؤسسات العمومية والآمرون بالصرف في مختلف القطاعات والمؤسسات والبرامج والمشاريع والهيئات العمومية في البلاد. |