بوتيك كسكس.. ومسحت جرحا نازفا بفؤادي
الخميس, 18 أكتوبر 2018 07:37

 

 (1)

altأيتها الوحوش الصفراء المكشرة عن أنيابها، المبرزة لمخالبها، الناهشة لعظامي بعنف.. ترفقي فما أنا إلا بيت للكسكس. لملمي أشلائي وجري ما تناثر من شظاياي ورددي مع مالك ابن الريب

خذاني فَجُرّاني بثوبي إليــــكما ** فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا.

أما في محركاتكن بقية رحمة ترق لهذه الغانية الشنقيطية بندا وترحم نظراتها الباكية. لقد اقتسمت معها ليالي الشتاء الطويلة وعواصف ورعود الخريف المزمجرة، وتقاسمنا بشغف الليالي المقمرة. لله در شوقي وهو يقول:

سلي من راع غيدك بعد وهن ** أبَيْنَ فــؤاده والصـــخر فرق!

أيها الواقف علي طللي تمهل، فلئن مثلت بي مخالب الجرارات ولم يبق مني إلا ما يبكي الشعراء من دورهم فلقد قاومت شامخا عاديات الزمن، وإن هدمت فإن في رفاتي ما يثير لواعج شِيب انواكشوط ويذكرهم قول أبي الطيب

لك يا منازل في القلوب منازل ** أقويت أنت وهن منك أواهــل

أيها الشاب المغذ في سبيلك تتمايل مع أنغام هاتفك الصداحة، تمهل واسمع مني بعض مواجدي، سل عنها أباك الخمسيني يوم كان يركب التاكسي من كبتال، ويوم كانت أنغام النعمة وسدوم تجتال من منحه الله ذوقا رقيقا فلا يفيق إلا وقد أناخت التاكسي في حماي. يومها كنت مبتغى سيارات التاكسي، لا تجاوزني أي طامحة منها مهما بلغ نزق صاحبها.

أيها المغذ في طريقك تبتغي وصلا في الفيس، أصخ إلي.. قبل سنوات أعملتم معاول هدمكم في بلوكات قاطعين رحم ليال زهراء وأسمار تُمْتِع وتؤنس، يرفرف عليها طائف من روح أبي حيان، وليلتها - أو نهارها، لم أعد أميز- عرفت أن تلك المعاول ستنال مني.

ولكن بأطــراف السمــينة نســوة ** عــزيز عليــهن العشــــية ما بيا

صريع علي أيدي الرجال بقفرة ** يسوون لحدي حيث حُـــم قضائيا.

 

(2)

* الشاب ذو الهاتف الصداح:

أيها البيت المنجدل أمامي، أفق.. فقد هجرنا الشعر ونسينا الطلول، ارث نفسك واسلك سبيل مالك ابن الريب، فما تلك الحجة بناهضة في ميزان مخططات المدن ومعمارها اليوم.

وقفت طويلا بجنبك وأراك حسبتني واقفا علي طللك، رأيتني أتململ وحسبت أن قصيدة تولد أبكي فيها حالك. هيهات.. لقد غابت قامتك الفرعاء فانطلق نسيم الانترنت إلى هاتفي ورأيت ساحتك أفضل دار لوصل الشبكة والسمر مع فضاء مارك، فلا تحسبن وقوفي عليك صبابة بك.

أعرف أن بيتا آخر سينبت مكانك، وسيحبس أنفاس هاتفي، لكنها ساعة وصل للشبكة أسترقها قبل أن ينهض البيت الثاني، فلا تلمني.

 

 (3)

* الجرارات:

أيها البيت الشاكي بلوعة،الناثر مواجده.. لن ينفعك الشعر، ولن تثني مخالبنا توسلاتك. ما أنت أول بيت هدم ولن تكون الآخر، وإن لنا لخزانات من أترعها بالوقود نال مبتغاه.

أضعت ضجيجنا بمناجاتك، وإن لنا شغلا في قابل الأيام في عرصات مجلس الشيوخ، فلتزد جرحك النازف بجرح ثالث.

سننهش بقوة، وستزأر محركاتنا، وسننطلق مع موريتانيا الجديدة ناهشين وهادمين، وسنضرب الذكر صفحا عن ترهات الشعراء.

(عن "الشروق ميديا")

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

فيديو

الآن في المكتبات

فيديو

المتواجدون الآن

حاليا يتواجد 2 زوار  على الموقع