
بسم الله الرحمن الرحيم
... {على الله توكلنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين} (الأعراف 78).
سيدي الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة،
في إطار الرد على ما أثير من لغط وتشويش حول دفعنا بعدم اختصاص محكمتكم الموقرة وموانع تحريك الدعوى العمومية ضد موكلنا؛ عملا بالمادة 93 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية، أود أن أبدأ بشكركم على إفساح المجال لمن ادعوا أنهم طرف مدني يمثل الدولة في هذه المسطرة، دون أن يكون للدولة حق التمثيل بغير النيابة العامة، ودون أن يدلوا بنص قانوني أو ببينة على ما يدعونه، ودون إعذار في دعواهم لمن يدعون عليهم؛ ثم على إعطائهم حق التدخل والحديث فيما لا حق لهم في الحديث فيه، حتى لو اعترفنا جدلا بِطَرَفيتهم المدنية؛ ألا وهو حرية المتهمين.. وذلك بصريح المادة 186 من قانون الإجراءات.. فأخذوا يصولون ويجولون دون أن توقفهم محكمتكم عند حد!

نعيد نشر هذه المادة في ذكرى أحداث 1966 المؤسفة
وعلى الرغم من أن حسم موضوع التعريب والضمانات للأقلية تم ترحيله من مؤتمر حزب الشعب المنعقد في شهر مارس 1963 في نواكشوط إلى مؤتمره اللاحق في العيون، فإن تداعياته ظلت قائمة بإلحاح في الحياة السياسية والثقافية التي بدأت تشكل شبه رأي عام في نواكشوط ومحيط إشعاعها الضيق، حيث لعبت نقابة المعلمين العرب وجريدتها "الواقع" دورا مهما في رعاية الصراع والإلحاح في ضرورة ترسيم اللغة العربية. وجاءت "موريتانيا الفتاة" التي أصدرناها الأستاذ الشاعر أحمد ولد عبد القادر وأنا في مدينة أطار سنة 1964 وشارك في تحرير بعض أعدادها الأخيرة؛ وخاصة عددها الأبيض الصادر بعد حبسنا في أحداث 1966 المرحوم سيدي محمد ولد سميدع، لتتسلم الشعلة لمّا خبا نشاط نقابة المعلمين العرب إثر تغيير مكتبها وانتخاب نقيب "معتدل" بدعم من السلطة مكان النقيب عبدُ ولد أحمد الذي دعا في مؤتمر النقابة إلى ترسيم اللغة العربية، واختتم تقريره المذهبي هاتفا: نحن عرب، نحن عرب، نحن عرب..

نعيد نشر هذه المادة في ذكرى أحداث 1966 المؤسفة
كانت الأهواء والتجاذبات تجتاح الإقليم الموريتاني في فترة ما قبل نشوء الدولة وأثناء نشوئها، كما أسلفنا. بيد أنها احتدت واحتدمت بشدة أثناء مؤتمر الوحدة الوطنية الذي انصهرت فيه جميع الأحزاب في حزب واحد هو حزب الشعب الموريتاني سنة 1961، حيث أخذت شكلا داخليا ثقافيا عرقيا تمثل في إلحاح "البيظان" على ترسيم اللغة العربية، لغتهم، ولغة الدين الإسلامي (دين جميع الموريتانيين) ومطالبة مثقفي "لكور" في مقابل ذلك بضمانات دستورية تحميهم من الذوبان. وقد قرر المؤتمر، حرصا منه على عدم تعكير جو الوحدة السياسية المسترجعة، تأجيل حسم المسألة إلى المؤتمر العادي الأول للحزب المقرر عقده في شهر مايو سنة 1962 وذلك إلى جانب مسألة أخرى لا تقل سخونة وأهمية، هي القضاء على السُّلَط التقليدية لصالح تمكين وتوطيد سلطة الدولة.
