الأستاذة عزيزه بنت البرناوي
أكملت قراءة الكتاب في حدود الساعة الثانية صباحا، ولولا سطوة النعاس لبدأت قراءته من جديد، كتاب مدهش، ملهم ساحر وممتع.. به قوة خفية تسلب القارئ كل أسباب الشرود وعدم التركيز لينغرس بين الأحداث والتواريخ ويجد نفسه بدور القرين لإحدى الشخصيات التي تحدث عنها الكتاب، تارة يفكر بالنيابة عنها وتارة يتساءل عن خطواتها التالية ويتوقع بعض الأحداث التي سبق له سماعها، لكن ذلك لا يفتح الباب للملل ولا يخفض من سرعة إبحار قارب الدهشة في محيط الإبداع…
الغريب حقا هو الأسلوب الذي تحدثتم به عن الكاتب.. كان الكاتب هو بطل كل الفصول، ولكن دون أن يدرك القارئ بطريقة بارزة وفجة أن هذا البطل هو نفسه الكاتب، لن يشعر القارئ أبدا بأن كل هذه المواقف الفريدة والشامخة وكل هذه البصمات الرائدة صنعها الكاتب مرتين:
مرة على خشبة النضال ومسرح العمل وصناعة المجد، ومرة عندما كتبها بحبر سري وأسلوب سحري يزرع الصور والأصوات والروائح وعقارب التاريخ بمجسمات حية وناطقة في ذهن ومخيال القارئ، دون أن يشعر بمرور الحروف عبر عينيه المعصبتين بخمول العصر وتقزم الهمة …
إنها الدهشة حقا.. أشعر بدوار النزول من قارب سفارة الأرز المنطلق بأقصى سرعة إبداعية على سطح ما حققتم من فن الممكن المشرف.