قصتي مع مصـر (ح 3)
كان من بين روادالفندق هذا المساء - بالإضافة إلى الأميرين سعود وخالد الفيصل وحاشيتيهما- وزير خارجية مصرعلي ماهر، والرئيس نبيه بري، والوزير غسان سلامه، وغيرهم من ضيوف المؤتمر. أما الصحافة فمن ضيوفها الذين عرفهم السيدة كوثر بشراوي، والسيد زاهي وهبه.
وبينما كانوا يتجولون في بهو الفندق الفخم في جو رومانسي حالم صاح أحد مرافقيهم "اختبئوا هنا خلف الأسطوانة" هرعوا إلى المخبأ المقترح. وبعد زوال الخطر الذي ظنه تفجيرا إرهابيا، قال لهم النذير:
"رجل الأعمال السعودي الشيخ صالح يمر من جنبنا وقد أقسم بعد ما أصاب مؤسسته من نهب واختلاس في موريتانيا ألا يرى موريتانيا إلا وبصق على وجهه".
ما أغرب هذا الأمر! أولم تجمع قوانين السماء والأرض على: ﴿ألا تزر وازرة وزر أخرى﴾؟
وفي مساء الثلاثاء 29/ 10 /02 حيث لم يتلقيا دعوة لحضور حفل العشاء المنوه عنه في البرنامج، خرجا مع بعض الأصدقاء في جولة في القاهرة قادتهما إلى شارع الجامعة العربية الفخم حيث تعشيا في مطعم "أبو شقرة" ومن هناك توجها إلى الدقي حيث السفارة الموريتانية. ثم عادا إلى الفندق.
وفي مساء الليلة الموالية توجها عبر ميدان التحرير إلى شارع طلعت حرب حيث توقفا قبالة تمثاله عند مكتبة مدبولي التي ألقيا نظرة على محتوياتها الغنية واقتنيا بعض نفائسها. ومن المكتبة تسكعا قليلا في أرجاء الميدان الفسيحة العامرة بالمتاجر المليئة بالمنتجات المصرية وبالحركة أيضا. ثم عادا مع مضيفهما الموريتاني الكريم إلى الفندق ليتناولوا طعام العشاء في مطعمه الدوار الرائع الواقع في الطابق 41 والذي دار بهم خلال مدة العشاء حول نفسه في جو ساحر بديع فتمكنوا من مشاهدة القاهرة كلها في عرسها الليلي البهي.
وبينما كان هابطا من المطعم الدوار إلى بهو الفندق افتر باب المصعد الفخم عن لؤلؤة سمراء معتدلة القد دون العشرين ترتدي تنورة صيفية سماوية تحجب بالكاد ما بين المنكبين وأعلى الفخذين. إنها... مروة الفاتنة السمراء التي ترافق رواد المطعم الدوار المعلق في السماء السابعة والأربعين. أية معجزة هذه التي جعلته يهبط سماوات طباقا بين جناحي ملاك غاية في اللطف والجمال والفتنة. كانت لمروة عينان نجلاوان بعمق البحر وسعة الصحراء يأسر حورهما الألباب!
المؤتمر:
يوم الأربعاء 27/ 10/ 02
خرج من غرفته إلى الاجتماع حوالي العاشرة.
كوثر بشراوي أمام المصاعد التي لا تنيخ بطابقهم رقم 27. كانت تخشى التخلف عن جلسة الافتتاح الذي لا يفصلهم عنه سوى خمس دقائق. سلم عليها فردت متوترة، وأخبرته الخطب الذي ردته إلى تسخير جميع المصاعد للرسميين...
وبينما هما وآخرون ينتظرون، هبط عليهم نقيب المحامين الموريتانيين ممتطيا صهوة مصعد فاخر حمل الجميع إلى حيث ينعقد المؤتمر.
تولى الممثل - والمثقف الكبير- الأستاذ محمود يس الربط في جلسة الافتتاح فتلا الآية الكريمة: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾.
وبعد عرض سينمائي مدته 5 دقائق خلاصته تحكم الشقاق في الجيل الحالي الذي طبع عليه، وأن الأمل ينعقد على الأجيال القادمة التي لم تتلوث بعد، كرمت ثلاث فئات هي الرواد والمبدعون والموهوبون: د. أدور سعيد، حسن الكرمي، حسين بيكار، محمد بن راشد الفقيه، أنطوان زحلان، زهاء محمد حديد، عبد الله محمد الغلام، فدوى طوقان، يونان لبيب رزق.. الخ.
وتوالت أعمال المؤتمر:
خطب.. محاضرات.. نقاشات متعددة المواضيع والأهداف (نحو علاقة عادلة بين العرب والغرب، تكامل الاقتصاد العربي وأسباب الفشل، المعالجات الإعلامية للمشكلات العربية.. الخ) شارك فيها ساسة وعلماء: منير شهاب وزير التعليم العالي المصري، خالد الفيصل رئيس المؤسسة (وجه نداء مهيبا إلى الأمة: "إن الوقت لم يعد يحتمل الخلافات بيننا، فالكل في سفينة واحدة في عاصفة هوجاء.. فإما أن نعمل جميعا للنجاة، وإما أن نغرق جميعا") فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري، رئيس مجلس الشورى السعودي، نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني، سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية، عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، فاروق الباز، برهان غليون.. وغيرهم.
وعلى هامش المؤتمر كانت لهم لقاءات ببعض العلماء والأدباء والساسة.
"فوق برج الجزيرة.. الله على سحرها!"
في المساء توجها صحبة بعض الأصدقاء إلى برج القاهرة (برج الجزيرة) الواقع في منطقة الجزيرة يحيطه نهر النيل الخالد من كل الجهات. ارتفاع البرج 168 مترا، وبه 65 طابقا، وهو أعلى من الهرم الأكبر بخمسين مترا. قاعدة البرج مبنية من أحجار الجرانيت الأسواني؛ وهي نفس الأحجار التي بنيت بها المعابد والمقابر الفرعونية. بني البرج بواسطة مهندسين وفنيين مصريين، وجميع الخامات المستعملة في بنائه مصرية. وافتتح في 11 /4/ 1961 من طرف الرئيس الخالد جمال عبد الناصر. من أعلى البرج تمكن مشاهدة جميع معالم القاهرة بواسطة تلسكوب البرج. ويوجد بالدور الرابع عشر من البرج مطعم متحرك، كما توجد بالدور الخامس عشر كافتيريا وبار.
تناولا مرطبات في المقهى بينما كان البرج يدور بهما فشاهدا من فوقه - وهما جالسان- جميع أنحاء القاهرة المشرقة. وخلال هذه الجلسة الجميلة كتب لهما اسماهما بالهيروغليفية وقرئ لهما بختاهما بالطريقة الفرعونية.