حديث الشاي (2)

 

محمدُّ سالم ابن جدُّ

بعيد ذلك أصبت بمرض غريب تمثل في الأرق وانعدام الإحساس بالبرد مهما كان قارسا؛ لدرجة أني أمضيت بانواذيبُ ليالي من دجمبر 1984 قيل إنها من أشد ما عرف هناك بردا، ومع ذلك كنت أستحم قبل أن آخذ مضجعي وأخلع قميصي وأبيت في ثوب من "42 يارا" دون غطاء.
في هذا الوضع أقلعت عن الشاي نشدانا للنوم، ودام الحال عامين شفيت خلالهما، لكن لم أجد رغبة في الشاي. وخلال ذلك عرفت من قيمته ما كنت أجهله، فإذا زرت صديقا أو قريبا فأراد تحضير الشاي اعتذرت بأني لا أشربه فاعترته "حالة" واعترتني أخرى، وأكون بين أصدقائي يحتسونه دوني وكأني بمعزل عنهم .ثم عاد الصفاء بيني وبينه.
لو أمضيت ساعات معدودة في أيام الإفطار دون شاي لشعرت بأعراض الدواخ المعروفة، ولو شعرت بها لاحتجت إلى أكثر من دورة شاي للتخلص منها؛ بيد أني حين أصوم تختفي أي رغبة أو مجرد تفكير في الشاي، لكن الحال ينقلب عند الإفطار، فقد أمضيت فترة أضع الكأس موضع التمر إلى أن نبهني الله بلطفه على خطورة ما أفعله.