رمضان كما عشتُه (2)

 

محمدُّ سالم ابن جدُّ

لا يختلف النشاط في صباح رمضان عن صباحات سائر الشهور إلا بغياب الشاي؛ فالكل يستيقظ مبكرا، ولا تعرف نومة الصباح في تلك الأيام، ولم تعرف إلا بعد سنوات، ولدى قادمين من المدينة، وكان ينظر إليها باستقباح شديد وإلى أصحابها بازدراء، ولهم (أعني أهلي) قصص تبالغ في التنفير منها، ومأثورات مختصرة في ذلك؛ منها أنها "تمنع خير الدنيا والآخرة".

تندر رؤية رجل في الحي في وقت الضحى لأن الكل خرج في شؤونه؛ إما إلى البئر، وإما إلى المراعي، وإما في مهمة أخرى، إلا ما كان من الضعفاء، أو من امتهنوا نسخ الكتب فقضت مهنتهم بلزوم بيوتهم لإنجاز عملهم.

وما أمهر هؤلاء رحمهم الله! أرى أحدهم يوزع الطرر والحواشي على نحو لا يروقني، ويستمر على ذلك حتى إذا أنهى صفحته رأيت لوحة لا تمل العين النظر إليها ولو لم يفقه الناظر (الطفل) معناها؛ تماما كما تنقلب خطوط السجاد العجمي عند النهاية إلى لوحات بديعة.