محمدُّ سالم ابن جدُّ
إفطار بعيد عن الترف والبهرجة يقطع تصحر النهار، ويتلوه النهوض إلى التراويح من طرف أغلب الرجال وبعض النساء، وكان من المألوف أن يقيمها من لا يحتاج المصلى إليهم من حاملي كتاب الله العزيز في بيوتهم (وفيهم وفرة في تلك الأيام) وربما انضم إليهم بعض مجاوريهم، كما كان التغيب عنها دأب حواضن البنات ما لم يجدن من ينوبهن في مهمتهن الصارمة.
بعد التراويح يبدأ تحليب المواشي، والعَشاء الذي قد يكون بمحض ألبانهن أو بـ"العيش" مأدوما بها، وقد يتخلل ذلك الشاي ثم النوم. على أن الشاي بعد الحنطة كان غير جذاب؛ وهو ما عبروا عنه بأن "العيش ما ايْطَوْجَن".
كانت ساعة القوم مضبوطة وفق مفردات نشاطهم اليومي؛ لذا راجت عبارات من قبيل خروج الماشية من المراح، ورجوع "الصيفاطة" والتحليب ونحو ذلك. وكانت التعبير عن أمر بأنه بعد "التحلاب" يدل على تأخره، وغالبا ما ينطوي هذا التعبير على استهجان. ويقابله في النهار "قبل طلوع الشمس".
نوم هادئ هانئ لا تنغصه وسائل الإعلام التي كانت مقتصرة على الإذاعة وبثها يتوقف حوالي العاشرة ليلا. ثم نهوض للسحور تدور الدائرة فيه على بقية "عيش" تركت لهذا الغرض ودواب (بغير معنى اللفظ عند الشيخ خليل) أجِّل حلبها -أو حلبت بعيد المغرب- ليكون درها سحورا أو إداما للسحور على إيقاع تكسير سكر القالب للشاي في سباق مع الفجر الصادق.
أربعاء, 2023/03/22 - 12:53