قبل فوات الأوان
محمد سالم حبيب
من المعلوم أن وظائف الدولة الأساسية التي لا يختلف عليها اثنان من فقهاء القانون مهما كانت مشاربهم، تتمثل في مسؤوليتها عن تحقيق رفاهية الفرد وتوفير ما يحتاجه لضمان حياة كريمة على كل الصعد؛ إضافة إلى العمل على تقدم المجتمع وتطوره.
هذا إضافة إلى وظائف أخرى ثانوية للدولة، يعتبر طموحنا لها وتطلعنا إليها - نحن معشر العامة- أمرا لا محل له من الإعراب وضربا من الخيال.
وبنظرة فاحصة ومتتبعة للشأن الموريتاني، يلحظ صاحبها بجلاء - ودون كبير عناء- الواقع المرّ الذي يعيشه المواطن وما آل إليه حال البلاد، من ظلم، يتجلى في اقتسام الثروة القومية وغياب الخدمات الأساسية ذات الأهمية، والمرتبطة أكثر بالمواطن نتيجة حاجته الماسة إليها، من توفير سكن لائق وماء وكهرباء...
دون أن ننسى ما تشهده الدولة من تدوير لشخوص وتوريثهم لمختلف المناصب منذ الاستقلال وحتى فجر اليوم والقائمة تطول...
ناهيك عن النهج السياسي المتبع في البلاد، والتعاطي معه؛ والذي يصعب على أي فقيه دستوري تصنيفه ضمن النظم السياسية المتعارف عليها دوليا.
إن راسمي سياسات البلاد أهلكوا الحرث والنسل، ووضعوا البلاد على شفا جرف هار وعلى فوهة بركان منذر بانفجار - لا قدر الله- في كل وقت.
مرد كل ذلك، يتمثل في غياب الدولة وعدم اضطلاعها بمهماتها المنوطة بها، مما قد يدفع بعض الناس إلى استشعار عدم الانتماء لهذه البقعة من الأرض جرّاء ذلك، دون أن يزحزح آخرين عن تشبثهم بهذا الوطن؛ واضعين نصب أعينهم قول الشاعر:
بلادي - وإن جارت- علي عزيزة ** وأهلي - وإن ضنّوا- علي كرام.
لقد شهدت هذه البلاد أنماط تسيير لن تجد لها مثيلا في أي مصر من أمصار العالم.