ينتظر الرأي العام الوطني والدولي على أحر من الجمر ختم مداولات المحكمة الجنائية المختصة في الجرائم المتعلقة بالفساد، ونطقها بالحكم في قضية "ملف العشرية" ويتساءلون متى سيكون ذلك؟ وما هي التوقعات حول ماهية الحكم؟ ويلحون على محامي الدفاع، وعلى الصحافة، علهم يجدون ما يشفي غليلهم، ويجيب على تساؤلاتهم!
ونحن في هيئة الدفاع عن الرئيس محمد ولد عبد العزيز، إذ نتفاءل خيرا بأخذ المحكمة لما يلزمها من الوقت شرط أن تبذله في البحث والتدقيق والتمحيص حتى يكون حكمها مؤسسا على دستور وقوانين البلاد، وعلى الوقائع الموجودة في الملف، ومطابقا للتوقعات.. لنؤكد للجميع أن ليست لدينتا معلومات حول السؤال الأول: "متى سيكون النطق" ولا نتمنى أن تكون تلك المعلومات لدى غير المحكمة!
أما بخصوص السؤال الثاني المتعلق بالتوقعات حول ماهية الحكم، فإننا نجزم بما يلي:
1. أن المحكمة واقعة تحت إكراهين أساسيين:
أولهما: إكراه السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة العدل، والجهة التي اختلقت الدعوى ومهدت لها ورعتها إلى الآن، ويتداخل مع هذا الإكراه تأثير جهات أخرى تتمتع بنفوذ ما في بعض دوائر القضاء؛ رغم كون معسكر هذا الإكراه لم يتقدم أمام المحكمة بأدنى بينة تشفع للأخذ بطلباته المجحفة، وهذا ما قد يزيد من إلحاحه ودفعه للمحكمة إلى المستحيل كما في البيت/ المثل القائل:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له: إياك إياك أن تبتل بالماء.
ثانيهما: إكراه الملف. ويتمثل في العناصر التالية:
- دفعنا فيه بعدم اختصاص المحكمة بقوة المادة 93 من الدستور؛ وهي مادة أسمى من جميع القوانين التي تشبث بها الاتهام باطلا. ومن المستحيل قانونا خرقها أو تجاوزها. وإذا تم ذلك - لا قدر الله- فإنه سيكون بمثابة فساد في الأرض، وزعزعة للنظام والأمن والاستقرار في موريتانيا، وانقلابا آخر على مؤسساتها وقيمها ونظامها الرئاسي، وسيفا مصلتا على رقاب رؤسائها الماضين والحاضرين والقادمين! ولا نعتقد أن القضاء مستعد لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة تحت أي سبب كان؟
- جميع إجراءات هذا الملف من ألفها إلى يائها فاسدة تماما، ومخالفة لصريح الدستور والقوانين المعمول بها؛ بما فيها إجراءات صادرة من المحكمة نفسها، كحبس المتهمين أزيد من عشرة أشهر، واعتماد طرف مدني لا مصلحة له ولا صفة.. إلخ، والقضاء إجراءات.
- إقحام الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الدعوى تم عن طريق الغش والتدليس والتزوير على مستوى إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية يوم 07 /8/ 2020 حيث حرّفت تعليمات وكيل الجمهورية الصادرة إليها يوم 06 /8/ 2020 والقاضية بفتح بحث ابتدائي حول الوقائع الواردة في تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" الذي أحيل إليها صحبة التعليمات؛ فقامت هي بفتح محضر حول "ممتلكات محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه". مع العلم بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم تتهمه "لجنة التحقيق البرلمانية" في تقريرها ولا يمكن أن تتهمه. وقد شهد بذلك نائب رئيسها وأدلينا بشهادته أمام المحكمة، كما شهد به وزير العدل السابق أمامها أيضا. ويبدو أن النيابة تبنت ما قامت به ضبطيتها القضائية وجارتها فيه بفتح أبواب السيبة في ممتلكات الرجل وعائلته ومحيطه، ثم سحبت تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" من الملف! إلى أن أعاده إليه الرئيس محمد ولد عبد العزيز يوم 27 /11/ 2023 حيث قدم للمحكمة في ختام حديثة ثلاث وثائق هي: تكليف النيابة العام (صفحة 1) محضر إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية المفتوح حول ممتلكاته هو وأفراد أسرته ومحيطه؛ خلافا لتوجيه النيابة (صفحة 1) تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" (365 صفحة) لتكون من وثائق الملف وشاهدة على استهدافه بالباطل.
- في الملف، إذا تجازنا جدلا المادة 93 من الدستور، وبطلان جميع الإجراءات، وعملية الغش والتدليس والتزوير التي أقحم بها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الملف، لا يوجد فعل مجرم واحد، ولا توجد بينة واحدة على ارتكاب أي من المتهمين لفعل مجرم ومعاقب.. ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص!
2. أن قضاة المحكمة الموقرة يخضعون - قبل كل شيء وبعده- في صمت مداولاتهم للعوامل الحاسمة التالية:
- ضمائرهم، وخشية الله الذي يراهم ويراقبهم، وجسامة مهمتهم، والقانون. وهم محميون بنص المادة 90 من الدستور وتقول حرفيا: "لا يخضع القاضي إلا للقانون، وهو محمي في إطار مهمته من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه".
- ما بين دفتي الملف من حجج وبينات؛ فالقاضي حَكَمٌ! ولا يخلق الحجج لمن لا حجة له، ولا يسمّن بعد الذبح، كما يقول المثل!
- مراقبة الجمهور من داخل وخارج قاعة الجلسات؛ الذي رأى وسمع كل شيء، وتكونت لديه قناعة في الموضوع، وتوقعٌ بماهية الحكم. وقد صدرت عن "منتديات إصلاح العدالة" الأخيرة توصية بأن يأتي الحكم منسجما مع التوقعات، وإلا فإنه سيكون نشازا!
3. وبناء عليه، فإننا في هيئة الدفاع عن الرئيس محمد ولد عبد العزيز نتوقع:
أولا: أن تكون المحكمة محكمة عادلة، وجادة، وصارمة، وأمينة، فتحكم بعدم الاختصاص بقوة المادة 93 من الدستور؛ خاصة أنها ضمت الدفع بها إلى الأصل!
ثانيا: وفي حالة تجاوزها للدفع بالمادة 93 بناء على أسباب غيرعادية، وولوجها إلى الأصل، فيتعين عليها أن تحكم بالبراءة لثلاثة أسباب ذكرناها فوق هي: فساد جميع الإجراءات، والغش والتدليس والتزوير في إقحام الرئيس محمد ولد عبد العزيز المستهدف الأول في الاتهام، وانعدام البينة على وجود أي فعل مجرم وارتكابه من طرف أي متهم في الملف!
وسيكون أي حكم خارج عن هذين الاحتمالين حكما منبت العلاقة مع الدستور والقانون، وما في الملف، وما دار في الجلسات، وما يتوقعه الجمهور وكافة المراقبين النزيهين.
وفق الله المحكمة للعدل والصواب.
وارتقبوا إنا معكم مرتقبون.
انواكشوط 02 /12/ 2023
محمدٌ ولد إشدو
منسق هيئة الدفاع