مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (10)
- وتنص المواد، 173، 174، 175 من قانون الإجراءات الجنائية "في قاضي التحقيق" و"الأوامر التي يختم بها التحقيق" وصيانة حقوق الدفاع المقدسة على ما يلي: "يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة وعن أدلة الإثبات وأدلة النفي"(المادة 73)، "بمجرد اعتباره التحقيق منتهيا يقوم قاضي التحقيق بإبلاغ الملف إلى وكيل الجمهورية والأطراف ومحاميهم، إما شفهيا أو بإشارة على الملف أو برسالة مضمونة الوصول" (المادة 173)، "لمحامي المتهم والطرف المدني، سواء أثناء التحقيق أو بعد إطلاعهم على ملف الإجراءات في كتابة ضبط التحقيق، أن يطلبوا كتابيا الاستماع إلى شهود جدد أو مواجهات أو إجراء خبرة أو أي من إجراءات التحقيق يرونه مفيدا للدفاع عن المتهم أو لمصلحة الطرف المدني. وإذا امتنع قاضي التحقيق من القيام بإجراءات التحقيق الإضافية التي طلبت منه يجب عليه أن يصدر بذلك أمرا مسببا" (المادة 174)، "يحيل قاضي التحقيق بعد ذلك (أي بعد اكتمال جميع الإجراءات المنصوصة في المادتين 173 و174) الملف إلى وكيل الجمهورية..." (المادة 175). وقد ضرب فريق التحقيق بهذه المواد الأربع عرض الحائط! حيث لم يتطرق في تحقيقه إلى أي دليل من أدلة النفي، ولم يناقش الحجج التي تمسك بها المتهم، وعندما طلبنا منه الاستماع إلى شهود نفي رفض طلبنا قائلا: "إن الاستماع للأشخاص الثلاثة الذين طلب الدفاع شهادتهم، ليس مفيدا للتحقيق" دون أن يتخذ بذلك أمرا مسببا كما تنص على ذلك المادة 174 إجراءات؛ بل أورده في الفقرة الثانية من الصفحة 101 من "كتاب" إحالته! وأحال الملف إلى النيابة فور إشعاره المتهمين بنهاية التحقيق؛ الشيء الذي حرمهم هم ودفاعهم من الاطلاع على الملف - ذلك الاطلاع المنصوص على وجوبه- حتى يومنا هذا! وجعل الملف يحال إلى النيابة قبل إبلاغه لبقية الأطراف، وقبل ممارستهم لما يخولهم إياه القانون من إجراءات دفاعا عن موكليهم! ولَمّا طلبنا منه كتابة – بإلحاح- إبلاغنا الملف لدى كتابة الضبط كما تنص عليه المادة 173 آنفة الذكر، رفض متعللا بقرار سابق صدر عنه بعد لأي يقضي بتسليمنا جميع أوراق الملف وظل يرفض تطبيقه فترة من الزمن. في حين أن إبلاغ الملف الذي تتحدث عنه المادة 173 هو وضع الملف برمته عند الإشعار بنهاية التحقيق بين يدي الأطراف لدى كتابة الضبط ليمارسوا ما يخولهم إياه القانون من إجراءات إعذارية، وليس إحالته! (الملحق رقم 3 بعض رسائلنا لفريق التحقيق)
- ناهيك عن حجز ومصادرة أملاك الغير في غيابه، رغم قيام البينة على ملكيته لها، واعتبارها أملاكا لولد عبد العزيز دونما سبب! ومن أطرف نماذج ذلك دارا محمد امبارك ولد الخرشي ومحمد فال ولد اللهاه! فالأول لديه سند عقاري باسمه، والثاني لديه أوراق ملكية داره رقم 448 الحي C منطقة تفرغ زينه؛ ورغم ذلك كله فقد ظل محمد امبارك ممنوعا من الحصول على حقه إلى يومنا هذا! وأما محمد فال فقد وجه إليه قطب التحقيق "اليمين" فحلفها! ومع ذلك ظلت داره مصادرة بسبب أن دفاع ولد عبد العزيز قد اتخذها مقرا له! وكذلك أمره دونما تَبَيُّن بحجز جميع الممتلكات المصادرة من طرف النيابة بناء على طلب منها لم يبلغ إلى المتهمين ويعذر لهم فيه؛ خلافا وخرقا لما تنص عليه وجوبا الإجراءات الجنائية!
هذا عن بعض الإجراءات الفاسدة التي لا حصر لها في هذا الملف، والقضاء إجراءات!
- وأما التدليس والغش في هذا الملف فحدث ولا حرج. ومن ذلك:
* الغش والتدليس والتزوير الممارس من طرف إدارة شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية أثناء قيامها بإجراء البحث الابتدائي الذي كلفها به السيد وكيل الجمهورية بتاريخ 06/06/2020 حول الوقائع الواردة في تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية". وسوف نتناول ذلك في المحور الثالث من المرافعة إن شاء الله.
* الغش والتدليس الصارخ في إعمال المادة 18 من قانون مكافحة الفساد. تنص الفقرة الثالثة من المادة 18 من قانون مكافحة الفساد على معاقبة "كل من رفض عمدا ودون تبرير تزويد سلطات الرقابة والبحث والمتابعة والتحقيق بالوثائق والمعلومات المطلوبة" بالحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات، وبغرامة من مائتي ألف (200000) أوقية إلى مليون (1000000) أوقية" وهي جزء من مادة موضوعية تجرم "الإخفاء"، ولا علاقة لها بالإجراءات الجنائية. ومع ذلك فقد علل فريق التحقيق قراره الجائر ذا الرقم 046/2021 القاضي بوضع موكلنا تحت المراقبة القضائية المشددة بهذه الفقرة! في حين أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يطلب منه على الإطلاق تسليم وثائق ومعلومات يخفيها! بل وجهت إليه تهم باطلة ومستحيل توجيهها إليه من طرف فريق التحقيق؛ وذلك بسبب حصانته الدستورية والامتياز القضائي الذي يتمتع به، فرد بأنه يتمسك بمقتضيات المادة 93 من الدستور! وبالتالي فالفقرة 3 من المادة 18 المذكورة لا تنطبق عليه، ولا على واقعة دفعه وتمسكه بحصانته، وبعدم اختصاص القضاء العادي؛ كما لا تنطبق على استخدام حق الصمت المشروع! ويشكل لَيُّ عنق هذه الفقرة، وتحريفها عن موضعها، وتحميلها ما لا تحمل، بغية ظلم خصم سياسي "تدليسا وغشا... أثناء مزاولة التحقيق" يقع مرتكبهما تحت طائلة المخاصمة عملا بالفقرة الأولى من المادة 272 من قانون الإجراءات المدنية (الباب الثالث في مخاصمة القضاة) دون الإخلال بحق المساءلة الجنائية. يضاف إلى ذلك كون العقوبة المنصوصة في الفقرة المذكورة على من ارتكب الفعل المجرم المحدد فيها، لا يوقعها فريق التحقيق ولا النيابة العامة؛ بل يَحْكُم بها - إن ثبتت- قاضي حكم في محاكمة عادلة، وفي جلسة علنية. ومن التهافت والحيف، والخطأ المهني الفادح ربطها بإجراءات الرقابة القضائية، واتخاذها سببا في تشديدها من عدمه. ويرجع سبب اللجوء إلى التدليس والغش هنا إلى تبعية فريق التحقيق للنيابة العامة؛ حيث توجد في نهاية الصفحة العاشرة من محضر الاستجواب المفاجئ الذي اتخذ القرار إثره الملاحظة التالية من بين ملاحظات النيابة العامة: "المادة 18 من قانون مكافحة الفساد تعتبر أن أي شخص يمتنع عن تقديم معلومات متعلقة بوقائع ينص عليها قانون مكافحة الفساد يقع تحت طائلة إعاقة سير العدالة"! هكذا كانت تملي النيابة على فريق التحقيق، فيصدقها ويحكم لها بما تريد!
يتبع